الْحُمْرَةِ، فَاعْتِبَارُهُ لِغَيْبَةِ الْبَيَاضِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى مَغِيبِ الْحُمْرَةِ لَا لِنَفْسِهِ. اهـ. مِنَ «الْمُغْنِي» لِابْنِ قُدَامَةَ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَمَنْ وَافَقَهُ: الشَّفَقُ الْبَيَاضُ الَّذِي بَعْدَ الْحُمْرَةِ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّهُ الْحُمْرَةُ، وَأَمَا آخِرُ وَقْتِ الْعِشَاءِ فَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ انْتِهَاؤُهُ عِنْدَ ثُلُثِ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ نِصْفُ اللَّيْلِ، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى امْتِدَادِهِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ.
فَمِنَ الرِّوَايَاتِ بِانْتِهَائِهِ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ، مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي «صَحِيحِهِ» عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «كَانُوا يُصَلُّونَ الْعِشَاءَ فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ» .
وَفِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى، وَبُرَيْدَةَ الْمُتَقَدِّمَيْنِ فِي تَعْلِيمِ مَنْ سَأَلَ عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي اللَّيْلَةِ الْأُولَى أَقَامَ الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، وَفِي اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ أَخَّرَهُ حَتَّى كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ قَالَ: الْوَقْتُ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنِ» .
وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ الْمُتَقَدِّمَيْنِ فِي إِمَامَةِ جِبْرِيلَ: «أَنَّهُ فِي اللَّيْلَةِ الْأُولَى صَلَّى الْعِشَاءَ حِينَ مَغِيبِ الشَّفَقِ، وَفِي اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ صَلَّاهَا حِينَ ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ وَقَالَ: الْوَقْتُ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ» ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الرِّوَايَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى انْتِهَاءِ وَقْتِ الْعِشَاءِ عِنْدَ ذَهَابِ ثُلُثِ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ.
وَمِنَ الرِّوَايَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى امْتِدَادِهِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ، مَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «أَخَّرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعِشَاءَ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ، ثُمَّ صَلَّى، ثُمَّ قَالَ: قَدْ صَلَّى النَّاسُ وَنَامُوا أَمَا إِنَّكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرْتُمُوهَا» . قَالَ أَنَسٌ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ خَاتَمِهِ لَيْلَتَئِذٍ.
وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الْمُتَقَدِّمِ عِنْدَ أَحْمَدَ، وَمُسْلِمٍ، وَالنَّسَائِيِّ، وَأَبِي دَاوُدَ: «وَوَقْتُ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ» وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِ: «فَإِذَا صَلَّيْتُمُ الْعِشَاءَ فَإِنَّهُ وَقْتٌ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ» .
وَمِنَ الرِّوَايَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى امْتِدَادِهِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ مَا رَوَاهُ أَبُو قَتَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الْأُخْرَى» ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي «صَحِيحِهِ» .
وَاعْلَمْ أَنَّ عُمُومَ هَذَا الْحَدِيثِ مَخْصُوصٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الصُّبْحِ