للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَوْلُهُ: مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ، أَيْ وَلَكِنْ جَعْلَنَا هَذَا الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ هِدَايَتَهُ مِنْ عِبَادِنَا.

وَسُمِّي الْقُرْآنُ نُورًا ; لِأَنَّهُ يُضِيءُ الْحَقَّ وَيُزِيلُ ظُلُمَاتِ الْجَهْلِ وَالشَّكِّ وَالشِّرْكِ.

وَمَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ نُورٌ - جَاءَ مُوَضَّحًا فِي آيَاتٍ أُخَرَ، كَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا [٤ \ ١٧٤] .

وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ [٧ \ ١٥٧] . وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [٥ \ ١٥ - ١٦] . وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا [٦٤ \ ٨] .

وَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَاتُ الْكَرِيمَةُ مِنْ كَوْنِ هَذَا الْقُرْآنُ نُورًا - يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَكْشِفُ ظُلُمَاتِ الْجَهْلِ، وَيَظْهَرُ فِي ضَوْئِهِ الْحَقُّ، وَيَتَمَيَّزُ عَنِ الْبَاطِلِ، وَيُمَيَّزُ بِهِ بَيْنَ الْهُدَى وَالضَّلَالِ وَالْحَسَنِ وَالْقَبِيحِ.

فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَسْتَضِيءَ بِنُورِهِ، فَيَعْتَقِدَ عَقَائِدَهُ، وَيُحِلَّ حَلَالَهُ، وَيُحَرِّمَ حَرَامَهُ، وَيَمْتَثِلَ أَوَامِرَهُ، وَيَجْتَنِبَ مَا نَهَى عَنْهُ، وَيَعْتَبِرَ بِقَصَصِهِ وَأَمْثَالِهِ.

وَالسُّنَّةُ كُلُّهَا دَاخِلَةٌ فِي الْعَمَلِ بِهِ، لِقَوْلِهِ - تَعَالَى -: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [٥٩ \ ٧] .

قَوْلُهُ - تَعَالَى -: وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.

الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ قَدْ بَيَّنَهُ - تَعَالَى - فِي قَوْلِهِ: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ [١ \ ٦ - ٧] .

وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: وَإِنَّكَ لَتَهْدِي الْآيَةَ، قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ فِي سُورَةِ «فُصِّلَتْ» فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ - تَعَالَى -: وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ الْآيَةَ [٤١ \ ١٧] ، وَبَيَّنَّا هُنَاكَ وَجْهَ الْجَمْعِ بَيْنَ قَوْلِهِ - تَعَالَى -: وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ مَعَ قَوْلِهِ: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ [٢٨ \ ٥٦] .

<<  <  ج: ص:  >  >>