[٣٢ \ ١٣] . وَقَالَ - تَعَالَى -: فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ [٦ \ ١٤٩] . وَقَالَ - تَعَالَى -: وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ [١٠ \ ٩٩] .
وَهَذَا الْإِشْكَالُ الْمَذْكُورُ فِي آيَةِ «الزُّخْرُفِ» هُوَ بِعَيْنِهِ وَاقِعٌ فِي آيَةِ «الْأَنْعَامِ» ، وَآيَةِ «النَّحْلِ» .
أَمَّا آيَةُ «الْأَنْعَامِ» فَهِيَ قَوْلُهُ: سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ الْآيَةَ [٦ \ ١٤٨] .
وَأَمَّا آيَةُ «النَّحْلِ» فَهِيَ قَوْلُهُ: وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا الْآيَةَ [١٦ \ ٣٥] .
فَإِذَا عَرَفْتَ أَنَّ ظَاهِرَ آيَةِ «الزُّخْرُفِ» وَآيَةِ «الْأَنْعَامِ» وَآيَةِ «النَّحْلِ» - أَنَّ مَا قَالَهُ الْكُفَّارُ حَقٌّ، وَأَنَّ اللَّهَ لَوْ شَاءَ مَا عَبَدُوا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَلَا أَشْرَكُوا بِهِ شَيْئًا، كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْآيَاتِ الْمُوَضَّحَةِ قَرِيبًا - فَاعْلَمْ أَنَّ وَجْهَ الْإِشْكَالِ، أَنَّ اللَّهَ صَرَّحَ بِكَذِبِهِمْ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى الَّتِي ظَاهَرُهَا حَقٌّ، قَالَ فِي آيَةِ «الزُّخْرُفِ» : مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ [٤٣ \ ٢٠] . أَيْ يَكْذِبُونَ، وَقَالَ فِي آيَةِ «الْأَنْعَامِ» : كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ [٦ \ ١٤٨] . وَقَالَ فِي آيَةِ «النَّحْلِ» : كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ [١٦ \ ٣٥] .
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الَّذِي فَعَلَهُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ هُوَ الْكُفْرُ بِاللَّهِ، وَالْكَذِبُ عَلَى اللَّهِ فِي جَعْلِ الشُّرَكَاءِ لَهُ، وَأَنَّهُ حَرَّمَ مَا لَمْ يُحَرِّمْهُ.
وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا أَنَّ مُرَادَ الْكُفَّارِ بِقَوْلِهِمْ: لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ، وَقَوْلِهِمْ: لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا [٦ \ ١٤٨]- مُرَادَهُمْ بِهِ أَنَّ اللَّهَ لَمَّا كَانَ قَادِرًا عَلَى مَنْعِهِمْ مِنَ الشِّرْكِ، وَهِدَايَتِهِمْ إِلَى الْإِيمَانِ، وَلَمْ يَمْنَعْهُمْ مِنَ الشِّرْكِ - دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ رَاضٍ مِنْهُمْ بِالشِّرْكِ فِي زَعْمِهِمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute