للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ [٣ \ ١٧٨] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا [١٩ \ ٧٥] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ [٦ \ ٤٤] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ [٧ \ ٩٥] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَا يَشْعُرُونَ [٢٣ \ ٥٥ - ٥٦] ، وَالْآيَاتُ بِمِثْلِ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ مَعْلُومَةٌ.

وَقَرَأَ هَذَا الْحَرْفَ أَبُو عَمْرٍو وَحْدَهُ مِنَ السَّبْعَةِ «وَأُمْلِيَ لَهُمْ» بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ، بَعْدَهَا يَاءٌ مَفْتُوحَةٌ بِصِيغَةِ الْمَاضِي الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ وَالْفَاعِلِ الْمَحْذُوفِ، فِيهِ الْوَجْهَانِ الْمَذْكُورَانِ آنِفًا فِي فَاعِلِ: وَأَمْلَى لَهُمْ عَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ.

وَقَدْ ذَكَرْنَا قَرِيبًا مَا يَشْهَدُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مِنَ الْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي إِمْلَاءِ الشَّيْطَانِ لَهُمْ: يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا [٤ \ ١٢٠] ، وَقَوْلِهِ فِي إِمْلَاءِ اللَّهِ لَهُمْ: وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ [٦٨ \ ٤٥] ، كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا.

وَالْإِشَارَةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ رَاجِعَةٌ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ.

أَيْ ذَلِكَ التَّسْوِيلُ وَالْإِمْلَاءُ الْمُفْضِي إِلَى الْكُفْرِ بِسَبَبِ أَنَّهُمْ: قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ.

وَظَاهِرُ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ بَعْضَ الْأَمْرِ الَّذِي قَالُوا لَهُمْ سَنُطِيعُكُمْ فِيهِ مِمَّا نَزَّلَ اللَّهُ وَكَرِهَهُ أُولَئِكَ الْمُطَاعُونَ.

وَالْآيَةُ الْكَرِيمَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ أَطَاعَ مَنْ كَرِهَ مَا نَزَّلَ اللَّهُ فِي مُعَاوَنَتِهِ لَهُ عَلَى كَرَاهَتِهِ وَمُؤَازَرَتِهِ لَهُ عَلَى ذَلِكَ الْبَاطِلِ، أَنَّهُ كَافِرٌ بِاللَّهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى فِيمَنْ كَانَ كَذَلِكَ: فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ [٤٧ \ ٢٧ - ٢٨] .

وَقَدْ قَدَّمْنَا مَا يُوَضِّحُ ذَلِكَ مِنَ الْقُرْآنِ فِي سُورَةِ الشُّورَى فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>