للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ.

وَذَكَرَ النَّقَّاشُ عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ، وَابْنِ كَيْسَانَ أَنَّهُمَا أَجَازَاهُ بِالْمِسْكِ، وَالزَّعْفَرَانِ، وَأَبْطَلَ ابْنُ عَطِيَّةَ هَذَا الْقَوْلَ، وَمَنَعَهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ بِالسِّبَاخِ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوُهُ، وَعَنْهُ فِيمَنْ أَدْرَكَهُ التَّيَمُّمَ، وَهُوَ فِي طِينٍ أَنَّهُ يَطْلِي بِهِ بَعْضَ جَسَدِهِ، فَإِذَا جَفَّ تَيَمَّمَ بِهِ، قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ.

وَأَمَّا التُّرَابُ الْمَنْقُولُ فِي طَبَقٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَالتَّيَمُّمُ بِهِ جَائِزٌ فِي مَشْهُورِ مَذْهَبِ مَالِكٍ، وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْمَالِكِيَّةِ، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِهِ، وَعَنْ بَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ، وَجَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْعُهُ.

وَمَا طُبِخَ كَالْجَصِّ، وَالْآجُرِّ فَفِيهِ أَيْضًا خِلَافٌ عَنِ الْمَالِكِيَّةِ، وَالْمَنْعُ أَشْهَرُ.

وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي التَّيَمُّمِ عَلَى الْجِدَارِ، فَقِيلَ: جَائِزٌ مُطْلَقًا، وَقِيلَ: مَمْنُوعٌ مُطْلَقًا، وَقِيلَ بِجَوَازِهِ لِلْمَرِيضِ دُونَ غَيْرِهِ، وَحَدِيثُ أَبِي جُهَيْمٍ الْآتِي يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ مُطْلَقًا.

وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَا إِذَا كَانَ ظَاهِرُ الْجِدَارِ مِنْ أَنْوَاعِ الصَّعِيدِ، وَمَشْهُورُ مَذْهَبِ مَالِكٍ جَوَازُ التَّيَمُّمِ عَلَى الْمَعَادِنِ غَيْرَ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ مَا لَمْ تُنْقَلْ، وَجَوَازُهُ عَلَى الْمِلْحِ غَيْرِ الْمَصْنُوعِ، وَمَنْعُهُ بِالْأَشْجَارِ، وَالْعِيدَانِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَأَجَازَهُ أَحْمَدُ، وَالشَّافِعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ عَلَى اللُّبَدِ، وَالْوَسَائِدِ ; وَنَحْوِ ذَلِكَ إِذَا كَانَ عَلَيْهِ غُبَارٌ.

وَالتَّيَمُّمُ فِي اللُّغَةِ: الْقَصْدُ، تَيَمَّمْتُ الشَّيْءَ قَصَدْتُهُ، وَتَيَمَّمْتُ الصَّعِيدَ تَعَمَّدْتُهُ، وَأَنْشَدَ الْخَلِيلُ قَوْلَ عَامِرِ بْنِ مَالِكٍ، مُلَاعِبِ الْأَسِنَّةِ: [الْبَسِيطُ]

يَمَّمْتُهُ الرُّمْحَ شَزْرًا ثُمَّ قُلْتُ لَهُ ... هَذِي الْبَسَالَةُ لَا لَعِبُ الزَّحَالِيقِ

وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ: [الطَّوِيلُ]

تَيَمَّمَتِ الْعَيْنَ الَّتِي عِنْدَ ضَارِجٍ ... يَفِيءُ عَلَيْهَا الظِّلُّ عَرْمَضُهَا طَامِي

وَقَوْلُ أَعْشَى بَاهِلَةَ: [الْمُتَقَارِبُ]

تَيَمَّمْتُ قَيْسًا وَكَمْ دُونَهُ ... مِنَ الْأَرْضِ مِنْ مَهْمَةٍ ذِي شَزَنْ

وَقَوْلُ حُمَيْدِ بْنِ ثَوْرٍ: [الطَّوِيلُ]

سَلِ الرَّبْعَ أَنَّى يَمَّمَتْ أُمُّ طَارِقٍ ... وَهَلْ عَادَةٌ لِلرَّبْعِ أَنْ يَتَكَلَّمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>