وَإِيمَانِهِمْ، وَضَرَاعَتِهِمْ إِلَى اللَّهِ: فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ [٨ \ ٩ - ١١] .
فَمَا جَعَلَ اللَّهُ الْإِمْدَادَ بِالْمَلَائِكَةِ إِلَّا؛ لِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُهُمْ، وَمَا غَشَّاهُمُ النُّعَاسَ إِلَّا أَمَنَةً مِنْهُ، وَتَمَّ كُلُّ ذَلِكَ بِمَا رَبَطَ عَلَى قُلُوبِهِمْ، فَقَاوَمُوا بِقِلَّتِهِمْ قُوَى الشَّرِّ عَلَى كَثْرَتِهِمْ، وَتَمَّ النَّصْرُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ بِمَدَدٍ مِنَ اللَّهِ، كَمَا رَبَطَ عَلَى قُلُوبِ أَهْلِ الْكَهْفِ: وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا [١٨ \ ١٤] .
هَذِهِ آثَارُ الطُّمَأْنِينَةِ وَالسَّكِينَةِ وَالرَّبْطِ عَلَى الْقُلُوبِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِمَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ، وَقَدْ جَمَعَ اللَّهُ تَعَالَى الْأَمْرَيْنِ الْمَنْطُوقَ وَالْمَفْهُومَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ [٨ \ ١٢] ، فَنَصَّ عَلَى الطُّمَأْنِينَةِ بِالتَّثْبِيتِ فِي قَوْلِهِ: فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا، وَنَصَّ عَلَى الرُّعْبِ فِي قَوْلِهِ: سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَكَانَتِ الطُّمَأْنِينَةُ تَثْبِيتًا لِلْمُؤْمِنِينَ، وَالرُّعْبُ زَلْزَلَةً لِلْكَافِرِينَ.
وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمَّا أَمَرَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالتَّوَجُّهِ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ، قَالَ: «إِنِّي مُتَقَدِّمُكُمْ؛ لِأُزَلْزِلَ بِهِمُ الْأَقْدَامَ» ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَسْبَابِ هَذِهِ الطُّمَأْنِينَةِ فِي هَذِهِ الْمَوَاقِفِ قَوْلُهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [٨ \ ٤٥، ٤٦] .
فَذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَرْبَعَةَ أَسْبَابٍ لِلطُّمَأْنِينَةِ:
الْأُولَى: الثَّبَاتُ، وَقَدْ دَلَّ عَلَيْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ [٦١ \ ٤] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute