للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هَجَوْتَ مُحَمَّدًا وَأَجَبْتُ عَنْهُ

عَلَى رِوَايَةِ «الْوَاوِ» ، فَحَدِيثُ الْبُخَارِيِّ هَذَا نَصٌّ فِي تَقْدِيمِ الْيَدَيْنِ عَلَى الْوَجْهِ، وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ هَارُونَ الْحَمَّالِ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ مَا لَفْظُهُ: «إِنَّمَا يَكْفِيكَ أَنْ تَضْرِبَ بِيَدَيْكَ عَلَى الْأَرْضِ ثُمَّ تَنْفُضَهُمَا، ثُمَّ تَمْسَحَ بِيَمِينِكَ عَلَى شِمَالِكَ، وَشِمَالِكَ عَلَى يَمِينِكَ، ثُمَّ تَمْسَحَ عَلَى وَجْهِكَ» قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي «الْفَتْحِ» ، وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى تَقْدِيمِ الْوَجْهِ مَعَ الِاخْتِلَافِ فِي وُجُوبِ ذَلِكَ، وَسُنِّيَّتِهِ.

الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: هَلْ يَرْفَعُ التَّيَمُّمُ الْحَدَثَ أَوْ لَا؟ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ صِعَابِ الْمَسَائِلِ لِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى صِحَّةِ الصَّلَاةِ بِالتَّيَمُّمِ عِنْدَ فَقْدِ الْمَاءِ، أَوِ الْعَجْزِ عَنِ اسْتِعْمَالِهِ، وَإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ الْحَدَثَ مُبْطِلٌ لِلصَّلَاةِ، فَإِنْ قُلْنَا: لَمْ يَرْتَفِعْ حَدَثُهُ، فَكَيْفَ صَحَّتْ صَلَاتُهُ، وَهُوَ مُحْدِثٌ؟ وَإِنْ قُلْنَا: صَحَّتْ صَلَاتُهُ، فَكَيْفَ نَقُولُ: لَمْ يَرْتَفِعْ حَدَثُهُ؟ .

اعْلَمْ أَوَّلًا أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ:

الْأَوَّلُ: أَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ.

الثَّانِي: أَنَّهُ يَرْفَعُهُ رَفْعًا كُلِّيًّا.

الثَّالِثُ: أَنَّهُ يَرْفَعُهُ رَفْعًا مُؤَقَّتًا.

حُجَّةُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ مَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ الْمُتَقَدِّمِ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بِالنَّاسِ فَرَأَى رَجُلًا مُعْتَزِلًا لَمْ يُصَلِّ مَعَ الْقَوْمِ، فَقَالَ: " مَا مَنَعَكَ يَا فُلَانٌ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَ الْقَوْمِ؟ " قَالَ: أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ وَلَا مَاءَ. قَالَ: " عَلَيْكَ بِالصَّعِيدِ فَإِنَّهُ يَكْفِيكَ ". إِلَى أَنْ قَالَ: وَكَانَ آخِرُ ذَلِكَ أَنْ أَعْطَى الَّذِي أَصَابَتْهُ الْجَنَابَةُ إِنَاءً مِنْ مَاءٍ، قَالَ: " اذْهَبْ فَأَفْرِغْهُ عَلَيْكَ " الْحَدِيثَ. وَلِمُسْلِمٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ " وَغَسَّلْنَا صَاحِبَنَا "، يَعْنِي الْجُنُبَ الْمَذْكُورَ. وَهَذَا نَصٌّ صَحِيحٌ فِي أَنَّ تَيَمُّمَهُ الْأَوَّلَ لَمْ يَرْفَعْ جَنَابَتَهُ.

وَمِنَ الْأَدِلَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَأَحْمَدُ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ مَوْصُولًا، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ تَيَمَّمَ عَنِ الْجَنَابَةِ مِنْ شِدَّةِ الْبَرْدِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " صَلَّيْتَ بِأَصْحَابِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>