قَالَ الشَّيْخُ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - فِي مُذَكِّرَةِ الدِّرَاسَةِ مَا نَصُّهُ: إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ أَيْ: قَامَ الْمُنَادِي بِهَا، وَهُوَ الْمُؤَذِّنُ يَقُولُ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ.
وَقَوْلُهُ: مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَيْ: مِنْ صَلَاةِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَيْ: صَلَاةِ الْجُمُعَةِ اهـ.
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا صَلَاةُ الْجُمُعَةِ نَفْسُهَا دُونَ بَقِيَّةِ صَلَوَاتِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مَجِيءُ «مِنَ» الَّتِي لِلتَّبْعِيضِ ثُمَّ تَبَيَّنَ هَذَا الْبَعْضُ بِالْأَمْرِ، بِتَرْكِ الْبَيْعِ فِي قَوْلِهِ: فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ، لِأَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِالْجُمُعَةِ دُونَ غَيْرِهَا لِوُجُودِ الْخُطْبَةِ، وَقَدْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً لَهُمْ قَبْلَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ، وَصَلَّوْهَا قَبْلَ مَجِيءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْمَدِينَةِ، كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
وَالْمُرَادُ بِالنِّدَاءِ هُوَ الْأَذَانُ، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الشَّيْخُ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - وَكَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا [٥ \ ٥٨] .
وَمِنَ السُّنَةِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ» .
وَقِيلَ: النِّدَاءُ لُغَةً هُوَ النِّدَاءُ بِصَوْتٍ مُرْتَفِعٍ لِحَدِيثِ: «فَإِنَّهُ أَنْدَى مِنْكَ صَوْتًا» .
وَقَدْ عَرَّفَ الشَّيْخُ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - الْأَذَانَ لُغَةً عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا [٢٢ \ ٢٧] ، فَقَالَ: الْأَذَانُ لُغَةً: الْإِعْلَامُ.
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ [٩ \ ٣] ، وَقَوْلُ الْحَارِثِ بْنِ حِلِّزَةَ:
آَذَنَتْنَا بِبَيْنِهَا أَسْمَاءُ ... رُبَّ ثَاوٍ يُمَلُّ مِنْهُ الثَّوَاءُ
وَالْأَذَانُ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، شِعَارًا لِلْمُسْلِمِينَ وَنِدَاءً لِلصَّلَاةِ.
بَدْءُ مَشْرُوعِيَّتِهِ:
اخْتُلِفَ فِي بَدْءِ الْمَشْرُوعِيَّةِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ بُدِئَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ، وَجَاءَتْ نُصُوصٌ لَكِنَّهَا ضَعِيفَةٌ: أَنَّهُ شُرِعَ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ أَوْ بِمَكَّةَ.
مِنْهَا عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عِنْدَ الْبَزَّارِ: أَنَّهُ شُرِعَ مَعَ الصَّلَاةِ.