التَّرْجِيعِ فِي الشَّهَادَتَيْنِ، وَأَنَّ الْأُولَى مُنْخَفِضَةٌ، وَالثَّانِيَةَ مُرْتَفِعَةٌ، كَبَقِيَّةِ أَلْفَاظِ الْأَذَانِ، وَأَمَّا الْإِقَامَةُ فَجَاءَتْ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَجَاءَتْ مِثْلَ الْأَذَانِ تَمَامًا عِنْدَ غَيْرِ مُسْلِمٍ سِوَى التَّرْجِيعِ وَالتَّثْوِيبِ مَعَ تَثْنِيَةِ الْإِقَامَةِ، فَكَانَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ كَالْآتِي:
فِي أَلْفَاظِ الْأَذَانِ ثَلَاثُ نِقَاطٍ:
أَوَّلًا: ذِكْرُ التَّرْجِيعِ.
ثَانِيًا: التَّثْوِيبُ.
ثَالِثًا: عَدَدُ التَّكْبِيرِ فِي أَوَّلِهِ.
أَمَّا التَّرْجِيعُ فَيَجِبُ أَنْ يُؤْخَذَ بِهِ ; لِأَنَّهُ مُتَأَخِّرٌ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَلَا مُعَارَضَةَ فِيهِ، لِأَنَّهُ زِيَادَةُ بَيَانٍ وَبِسَنَدٍ صَحِيحٍ.
وَأَمَّا التَّثْوِيبُ فَقَدْ ثَبَتَ مِنْ حَدِيثِ بِلَالٍ، وَكَانَ أَيْضًا مُتَأَخِّرًا عَنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ قَطْعًا، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ بِلَالًا أَذَّنَ لِلصُّبْحِ فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَائِمٌ فَصَرَخَ بِلَالٌ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ.
قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: فَأُدْخِلَتْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ فِي التَّأْذِينِ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ، أَيْ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ: «اجْعَلْ ذَلِكَ فِي أَذَانِكَ» فَاخْتُصَّتْ بِالْفَجْرِ.
وَذَكَرَ ابْنُ قُدَامَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْمُغْنِي عَنْ بِلَالٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَاهُ أَنْ يُثَوِّبَ فِي الْعِشَاءِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَقَالَ: دَخَلَ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - مَسْجِدًا يُصَلِّي فِيهِ، فَسَمِعَ رَجُلًا يُثَوِّبُ فِي أَذَانِ الظُّهْرِ فَخَرَجَ فَقِيلَ لَهُ: أَيْنَ؟ فَقَالَ: أَخْرَجَتْنِي الْبِدْعَةُ، فَلَزِمَ بِهَذَا كُلِّهِ الْأَخْذُ بِهَا فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ خَاصَّةً.
أَمَّا التَّكْبِيرُ فِي أَوَّلِ الْأَذَانِ، فَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ لِأَبِي مَحْذُورَةَ مَرَّتَيْنِ فِي كَلِمَةٍ فَاخْتَلَفَ مَعَ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، وَعِنْدَ غَيْرِ مُسْلِمٍ بِتَرْبِيعِ التَّكْبِيرِ، وَبِالنَّظَرِ إِلَى سَنَدِ مُسْلِمٍ فَهُوَ أَصَحُّ سَنَدًا، وَبِالنَّظَرِ إِلَى مَا عِنْدَ غَيْرِهِ، تَجِدُ فِيهِ زِيَادَةً صَحِيحَةً، وَهِيَ تَرْبِيعُ التَّكْبِيرِ، فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِهَا كَمَا وَجَبَ الْعَمَلُ بِالتَّثْوِيبِ وَالتَّرْجِيعِ ; لِأَنَّ الرِّوَايَةَ الْمُتَّفِقَةَ مَعَ الْحَدِيثِ الْآخَرِ أَوْلَى مِنَ الْمُخْتَلِفَةِ مَعَهَا.
أَمَّا الْإِقَامَةُ: فَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ لَمْ تَخْتَلِفْ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَكِنَّهَا فِي حَدِيثِ أَبِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute