الْهَمْدَانِيُّ، وَكَانَ كَذَّابًا، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَرَّادٍ الْأَشْعَرِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ مُفَضَّلٍ عَنْ مُغِيرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنِي الْحَارِثُ الْأَعْوَرُ وَهُوَ يَشْهَدُ أَنَّهُ أَحَدُ الْكَذَّابِينَ، وَقَدْ ذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ هَذَا الْأَثَرَ عَنْ عَلِيٍّ فِي التَّيَمُّمِ، فِي بَابِ: «التَّيَمُّمِ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ» وَسَكَتَ عَنِ الْكَلَامِ فِي الْمَذْكُورِينَ، أَعْنِي حَجَّاجَ بْنَ أَرْطَأَةَ، وَالْحَارِثَ الْأَعْوَرَ، لَكِنَّهُ قَالَ فِي حَجَّاجٍ فِي بَابِ «الْمَنْعِ مِنَ التَّطْهِيرِ بِالنَّبِيذِ» : لَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَضَعَّفَهُ فِي بَابِ: «الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ» ، وَقَالَ فِي بَابِ: «الدِّيَةِ أَرْبَاعٌ» : مَشْهُورٌ بِالتَّدْلِيسِ، وَأَنَّهُ يُحَدِّثُ عَمَّنْ لَمْ يَلْقَهُ، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ، قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَضَعَّفَ الْحَارِثَ الْأَعْوَرَ فِي بَابِ: «مَنْعِ التَّطْهِيرِ بِالنَّبِيذِ أَيْضًا» .
وَقَالَ فِي بَابِ: «أَصْلِ الْقَسَامَةِ» ، قَالَ الشَّعْبِيُّ: كَانَ كَذَّابًا.
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: إِذَا كَانَ فِي بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ، وَلَمْ يَجِدِ الْمَاءَ، هَلْ يَتَيَمَّمُ لِطَهَارَةِ تِلْكَ النَّجَاسَةِ الْكَائِنَةِ فِي بَدَنِهِ. فَيَكُونُ التَّيَمُّمُ بَدَلًا عَنْ طَهَارَةِ الْخَبَثِ عِنْدَ فَقْدِ الْمَاءِ، كَطَهَارَةِ الْحَدَثِ، أَوْ لَا يَتَيَمَّمُ لَهَا؟ .
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ عَنِ الْخَبَثِ، وَإِنَّمَا يَتَيَمَّمُ عَنِ الْحَدَثِ فَقَطْ. وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ إِنَّمَا دَلَّا عَلَى ذَلِكَ، كَقَوْلِهِ: أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا [٤ \ ٤٣] .
وَتَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَحَدِيثِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِمَا: التَّيَمُّمُ عِنْدَ الْجَنَابَةِ، وَأَمَّا عَنِ النَّجَاسَةِ فَلَا، وَذَهَبَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ عَنِ النَّجَاسَةِ إِلْحَاقًا لَهَا بِالْحَدَثِ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ فِي وُجُوبِ إِعَادَةِ تِلْكَ الصَّلَاةِ.
وَذَهَبَ الثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ إِلَى أَنَّهُ يَمْسَحُ مَوْضِعَ النَّجَاسَةِ بِتُرَابٍ، وَيُصَلِّي، نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ عَنِ ابْنِ الْمُنْذِرِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ [الْآيَةَ [٥ \ ١٥] ، لَمْ يُبَيِّنْ هُنَا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ الْكَثِيرِ الَّذِي يُبَيِّنُهُ لَهُمُ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِمَّا كَانُوا يُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ، يَعْنِي التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ، وَبَيَّنَ كَثِيرًا مِنْهُ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ.
فَمِمَّا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ أَحْكَامِ التَّوْرَاةِ رَجْمُ الزَّانِي الْمُحْصَنِ، وَبَيَّنَهُ الْقُرْآنُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ [٣ \ ٢٣] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute