للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي الْمُوَطَّأِ فِي فَضْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَنَّهُ: «خَيْرُ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ» إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ، وَسَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ عِنْدَ بَيَانِ فَضْلِهَا.

وَقَدْ كَانَ يُقَالُ لَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمُ الْعَرُوبَةِ.

وَنُقِلَ عَنِ الزَّجَّاجِ وَالْفَرَّاءِ وَأَبِي عُبَيْدَةَ: أَنَّ الْعَرَبَ الْعَارِبَةَ كَانَتْ تُسَمِّي الْأَيَّامَ هَكَذَا: السَّبْتُ شُبَارٌ، الْأَحَدُ أَوَّلُ، الِاثْنَيْنِ أَهْوَنُ، الثُّلَاثَاءُ جُبَارٌ، الْأَرْبِعَاءُ دُبَارٌ، الْخَمِيسُ مُؤْنِسٌ، الْجُمُعَةُ الْعَرُوبَةُ. وَأَوَّلُ مَنْ نَقَلَ الْعَرُوبَةَ إِلَى الْجُمُعَةِ كَعْبُ بْنُ لُؤَيٍّ، نُقِلَ مِنْ بَذْلِ الْمَجْهُودِ شَرْحِ أَبِي دَاوُدَ.

وَقِيلَ: أَوَّلُ مَنْ سَمَّاهُ بِالْجُمُعَةِ كَعْبُ بْنُ لُؤَيٍّ، وَقَدْ كَانَ مَعْرُوفًا بِهَذَا الِاسْمِ فِي أَوَّلِ الْبَعْثَةِ، كَمَا جَاءَ فِي سَبَبِ أَوَّلِ جُمُعَةٍ صُلِّيَتْ بِالْمَدِينَةِ.

قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَأَوَّلُ مَنْ سَمَّاهَا جُمُعَةً: الْأَنْصَارُ، وَنُقِلَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَوْلُهُ: جَمَّعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَقْدَمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ، وَقَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الْجُمُعَةُ هُمُ الَّذِينَ سَمَّوْهَا الْجُمُعَةَ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّ لِلْيَهُودِ يَوْمًا يَجْتَمِعُونَ فِيهِ فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ يَوْمٌ، وَهُوَ السَّبْتُ، وَلِلنَّصَارَى يَوْمٌ مِثْلُ ذَلِكَ وَهُوَ الْأَحَدُ، فَتَعَالَوْا فَلْنَجْتَمِعْ حَتَّى نَجْعَلَ يَوْمًا، لِنَتَذَاكَرَ اللَّهَ، وَنُصَلِّيَ فِيهِ وَنَسْتَذْكِرَ أَوْ كَمَا قَالُوا، فَقَالُوا: يَوْمُ السَّبْتِ لِلْيَهُودِ، وَيَوْمُ الْأَحَدِ لِلنَّصَارَى فَاجْعَلُوهُ يَوْمَ الْعَرُوبَةِ، فَاجْتَمَعُوا إِلَى سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ وَهُوَ أَبُو أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَصَلَّى بِهِمْ يَوْمَئِذٍ رَكْعَتَيْنِ، وَذَكَّرَهُمْ فَسَمَّوْهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَتَّى اجْتَمَعُوا فَذَبَحَ لَهُمْ سَعْدٌ شَاةً فَتَعَشَّوْا وَتَغَدُّوا مِنْهَا لِقِلَّتِهِمْ.

فَهَذِهِ أَوَّلُ جُمُعَةٍ فِي الْإِسْلَامِ.

أَمَّا أَوَّلُ جُمُعَةٍ أَقَامَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهِيَ الَّتِي أَقَامَهَا مَقْدَمَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ حِينَ نَزَلَ قُبَاءً يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَمَكَثَ الثُّلَاثَاءَ وَالْأَرْبِعَاءَ وَالْخَمِيسَ، وَفِي صَبِيحَةِ الْجُمُعَةِ نَزَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَأَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فِي بَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ فِي بَطْنِ وَادٍ لَهُمْ، قَدِ اتَّخَذَ الْقَوْمُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مَسْجِدًا فَجَمَّعَ بِهِمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخَطَبَ، وَهُوَ مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ إِلَى الْيَوْمِ فِي بَنِي النَّجَّارِ، وَقَدْ سَاقَ الْقُرْطُبِيُّ خُطْبَتَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، ثُمَّ كَانَتِ الْجُمُعَةُ الَّتِي تَلَتْهَا فِي الْإِسْلَامِ فِي قَرْيَةِ جُوَانَا بِالْأَحْسَاءِ الْيَوْمَ.

وَقَدْ خَصَّ اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ بِهَذَا الْيَوْمِ وَفَضَّلَهُ، كَمَا قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ وَغَيْرُهُ لِحَدِيثِ أَبِي

<<  <  ج: ص:  >  >>