وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مَوْصُولًا أَيْضًا النَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ، وَفِي تَفْسِيرِ ابْنِ كَثِيرٍ مَا نَصُّهُ: وَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَتَبَ فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَنَّ الرَّجُلَ يُقْتَلُ بِالْمَرْأَةِ "، وَكِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذَا لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الَّذِي فِيهِ أَنَّ الرَّجُلَ يُقْتَلُ بِالْمَرْأَةِ، رَوَاهُ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَرَوَاهُ أَيْضًا الدَّارَقُطْنِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ، وَالدَّارِمِيُّ، وَكَلَامُ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ هَذَا مَشْهُورٌ بَيْنَ مُصَحِّحٍ لَهُ، وَمُضَعِّفٍ ; وَمِمَّنْ صَحَّحَهُ: ابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ، وَالْبَيْهَقِيُّ، وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: أَرْجُو أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا. وَصَحَّحَهُ أَيْضًا - مِنْ حَيْثُ الشُّهْرَةِ، لَا مِنْ حَيْثُ الْإِسْنَادِ - جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ: لَمْ يَقْبَلُوا هَذَا الْحَدِيثَ حَتَّى ثَبَتَ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هُوَ كِتَابٌ مَشْهُورٌ عِنْدَ أَهْلِ السِّيَرِ، مَعْرُوفٌ مَا فِيهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، يَسْتَغْنِي بِشُهْرَتِهِ عَنِ الْإِسْنَادِ ; لِأَنَّهُ أَشْبَهَ الْمُتَوَاتِرَ لِتَلَقِّي النَّاسِ لَهُ بِالْقَبُولِ، قَالَ: وَيَدُلُّ عَلَى شُهْرَتِهِ مَا رَوَى ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: وُجِدَ كِتَابٌ عِنْدَ آلِ حَزْمٍ يَذْكُرُونَ أَنَّهُ كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ ثَابِتٌ مَحْفُوظٌ، وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ: لَا أَعْلَمَ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ الْمَنْقُولَةِ كِتَابًا أَصَحَّ مِنْ كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ هَذَا، فَإِنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالتَّابِعِينَ، يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ، وَيَدَعُونَ رَأْيَهُمْ.
وَقَالَ الْحَاكِمُ: قَدْ شَهِدَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَإِمَامُ عَصْرِهِ الزُّهْرِيُّ بِالصِّحَّةِ لِهَذَا الْكِتَابِ، ثُمَّ سَاقَ ذَلِكَ بِسَنَدِهِ إِلَيْهِمَا، وَضَعَّفَ كِتَابَ ابْنِ حَزْمٍ هَذَا جَمَاعَةٌ، وَانْتَصَرَ لِتَضْعِيفِهِ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ فِي مُحَلَّاهُ.
وَالتَّحْقِيقُ: صِحَّةُ الِاحْتِجَاجِ بِهِ ; لِأَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّهُ كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَتَبَهُ لِيُبَيِّنَ بِهِ أَحْكَامَ الدِّيَاتِ، وَالزَّكَوَاتِ، وَغَيْرِهَا، وَنُسْخَتُهُ مَعْرُوفَةٌ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ.
وَالْحَدِيثُ: وَلَا سِيَّمَا عِنْدَ مَنْ يَحْتَجُّ بِالْمُرْسَلِ كَمَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَحْمَدَ فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَاتِ.
وَمِنْ أَدِلَّةِ قَتْلِهِ بِهَا عُمُومُ حَدِيثِ: " الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ " الْحَدِيثَ، وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَمِنْ أَوْضَحِ الْأَدِلَّةِ فِي قَتْلِ الرَّجُلِ بِالْمَرْأَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ الْآيَةَ [٥ \ ٤٥] ، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute