للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْآخِرِ، إِلَى آخِرِ مَا جَاءَ فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، يَنْتُجُ حُسْنُ الْخُلُقِ هُوَ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ.

وَقَدِ اشْتَمَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ بِأَقْسَامِهِ الثَّلَاثَةِ:

الْإِسْلَامِ مِنْ صَلَاةٍ وَزَكَاةٍ. إلخ.

وَالْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ. إلخ.

وَمِنْ إِحْسَانٍ فِي وَفَاءٍ وَصِدْقٍ وَصَبْرٍ، وَتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى ; إِذْ هِيَ مُرَاقَبَةُ اللَّهِ سِرًّا وَعَلَنًا، وَقَدْ ظَهَرَتْ نَتِيجَةُ عِظَمِ هَذِهِ الْأَخْلَاقِ فِي الرَّحْمَةِ الْعَامَّةِ الشَّامِلَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ [٢١ \ ١٠٧] .

وَكَذَلِكَ لِلْأُمَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَقْرَبُكُمْ مِنِّي مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا» .

وَهِيَ قَضِيَّةٌ مَنْطِقِيَّةٌ أُخْرَى: «إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ» ، وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ.

فَمَكَارِمُ الْأَخْلَاقِ رَحْمَةٌ لِلْعَالَمِينَ فِي الدُّنْيَا، وَمَنْزِلَةٌ عُلْيَا لِلْمُؤْمِنِينَ فِي الْآخِرَةِ.

تَنْبِيهٌ آخَرُ.

اتَّفَقَ عُلَمَاءُ الِاجْتِمَاعِ أَنَّ أُسُسَ الْأَخْلَاقِ أَرْبَعَةٌ:

هِيَ: الْحِكْمَةُ، وَالْعِفَّةُ، وَالشَّجَاعَةُ، وَالْعَدَالَةُ.

وَيُقَابِلُهَا رَذَائِلُ أَرْبَعَةٌ:

هِيَ الْجَهْلُ، وَالشَّرَهُ، وَالْجُبْنُ، وَالْجَوْرُ.

وَيَتَفَرَّعُ عَنْ كُلِّ فَضِيلَةٍ فُرُوعُهَا:

الْحِكْمَةُ: الذَّكَاءُ وَسُهُولَةُ الْفَهْمِ، وَسِعَةُ الْعِلْمِ. وَعَنِ العِفَّةِ: الْقَنَاعَةُ، وَالْوَرَعُ، وَالْحَيَاءُ، وَالسَّخَاءُ، وَالدَّعَةُ، وَالصَّبْرُ، وَالْحُرِّيَّةُ. وَعَنِ الشَّجَاعَةِ: النَّجْدَةُ، وَعِظَمُ الْهِمَّةِ. وَعَنِ السَّمَاحَةِ: الْكَرَمُ، وَالْإِيثَارُ، وَالْمُوَاسَاةُ، وَالْمُسَامَحَةُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>