للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ، وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ ; خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ، وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّمَا يَتَرَاجَعَانِ بِالسَّوِيَّةِ» .

فَقَالَ الْجُمْهُورُ: النَّهْيُ عَنْ تَفْرِيقِ الْمُجْتَمِعِ وَتَقَاسُمِهِمَا بِالسَّوِيَّةِ دَلِيلٌ عَلَى تَأْثِيرِ الْخُلْطَةِ فِي الزَّكَاةِ ; لِمَا فِيهِ مِنْ إِرْفَاقٍ.

قَالَ الْبَاجِيُّ: كَمَا فِي الْإِرْفَاقِ فِي سَقْيِ الْحَرْثِ مَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ وَمَا سُقِيَ بِغَيْرِ النَّضْحِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: مَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ يَعْنِي: الشَّرِيكَيْنِ، وَلَكِنْ يَرُدُّهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَتَرَاجَعَانِ بِالسَّوِيَّةِ» ; لِأَنَّ التَّرَاجُعَ لَا يَتَحَقَّقُ إِلَّا فِي خُلْطَةِ الْجِوَارِ وَالْأَوْصَافِ.

وَقَالَ مَالِكٌ: لَا تَأْثِيرَ لِلْخُلْطَةِ عَلَى مَنْ لَمْ يَمْلِكِ النِّصَابَ ; لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ» ، فَمَنْ لَمْ يَمْلِكْ أَرْبَعِينَ شَاةً فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ، وَلَا تَأْثِيرَ لِلْخُلْطَةِ عَلَيْهِ. وَلَعَلَّ مِنَ النُّصُوصِ الْمُقَدَّمَةِ يَكُونُ الرَّاجِحُ مَذْهَبَ أَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ فِي قَضِيَّةِ الْخُلْطَةِ. وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

الشُّرُوطُ الْمُؤَثِّرَةُ فِي الْخُلْطَةِ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِهَا كَالْآتِي: عِنْدَ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خَمْسَةُ أَوْصَافٍ، وَهِيَ اتِّحَادُ الْمَالَيْنِ فِي الْآتِي: الْمَرْعَى. الْمَسْرَحِ. الْمَبِيتِ. الْمَحْلَبِ. الْفَحْلِ.

وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ذَكَرَ النَّوَوِيُّ عَشَرَةَ أَوْصَافٍ، الْخَمْسَةُ الْأُولَى. وَزَادَ أَنْ يَكُونَ الشَّرِيكَانِ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ: أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمُخْتَلِطُ نِصَابًا، أَنْ يَمْضِيَ عَلَيْهِمْ حَوْلٌ كَامِلٌ، اتِّحَادُ الْمَشْرَبِ، اتِّحَادُ الرَّاعِي.

وَعِنْدَ مَالِكٍ: الرَّاعِي، وَالْفَحْلُ، وَالْمَرَاحُ، وَالدَّلْوُ، وَالْمُرَادُ بِالدَّلْوِ: الْمَشْرَبُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَعَلَيْهِ: يَكُونُ الْجَمِيعُ مُتَّفِقِينَ تَقْرِيبًا فِي الْأَوْصَافِ، وَمَا زَادَهُ الشَّافِعِيُّ مَعْلُومٌ شَرْعًا ; لِأَنَّهَا شُرُوطٌ فِي أَصْلِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ. وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ مِنْ هَذِهِ الْأَوْصَافِ: هَلْ تُشْتَرَطُ جَمِيعُهَا أَوْ يَكْفِي وُجُودُ بَعْضِهَا؟ .

الْوَاقِعُ أَنَّهُ لَا نَصَّ فِي ذَلِكَ، وَلَكِنْ يَرْجِعُ إِلَى تَحْقِيقِ الْمَنَاطِ فِيمَا يَكُونُ بِهِ الْإِرْفَاقُ، فَمَالِكٌ اكْتَفَى بِبَعْضِهَا: كَالْفَحْلِ، وَالْمَرْعَى، وَالرَّاعِي. وَالشَّافِعِيُّ: اشْتَرَطَ تَوَفُّرَ جَمِيعِ تِلْكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>