بَيْنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَبَيْنَ الْغَنَمِ.
أَمَّا بَيْنَ الْغَنَمِ وَالْإِبِلِ: فَقَدْ وَجَدْنَا أَنَّ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعِ شِيَاهٍ فِي الْهَدْيِ، وَنِصَابُ الْإِبِلِ خَمْسَةٌ وَتَضْرِبُهَا فِي سَبْعٍ فَيُسَاوِي خَمْسَةً وَثَلَاثِينَ، وَلَوْ جُعِلَتْ سِتًّا لَكَانَتْ تُعَادِلُ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ، فَأَخَذْنَا بِالْأَقَلِّ ; احْتِيَاطًا لِحَقِّ الْمِسْكِينِ، فَكَانَ بَيْنَ نِصَابِ الْإِبِلِ وَنِصَابِ الْغَنَمِ نِسْبَةٌ مُطَّرِدَةٌ.
وَكَذَلِكَ نِصَابُ الْغَنَمِ وَنِصَابُ النَّقْدَيْنِ نِسْبَةٌ مُطَّرِدَةٌ. فَظَهَرَتِ الدِّقَّةُ وَاطِّرَادُ النِّسْبَةِ فِي الْأَنْصِبَاءِ.
مَا يَجُوزُ أَخْذُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ أَخْذُهُ فِي الزَّكَاةِ.
اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا تُؤْخَذُ الذُّكُورُ فِي الزَّكَاةِ، اللَّهُمَّ إِلَّا ابْنُ لَبُونٍ لِمَنْ لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ.
وَاخْتُلِفَ فِيمَا لَوْ كَانَ النِّصَابُ كُلُّهُ ذُكُورًا، وَالْوَاقِعُ أَنَّ هَذَا نَادِرٌ، وَلَكِنِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا تُؤْخَذُ السِّخَالُ مَعَ وُجُوبِ الِاعْتِدَادِ بِهَا عَلَى صَاحِبِهَا.
كَمَا جَاءَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: اعْتَدَّ عَلَيْهِمْ بِالسَّخْلَةِ يَأْتِي بِهَا الرَّاعِي، وَلَا تَأْخُذْهَا مِنْهُمْ، وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ فَحْلِ الْإِبِلِ وَلَا تَيْسِ الْغَنَمِ، وَلَا الرُّبَى، وَلَا الْحَلُوبَةِ ; لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَضَرَّةِ عَلَى صَاحِبِ الْمَالِ.
كَمَا لَا تُؤْخَذُ السَّخْلَةُ وَلَا الْعَجْفَاءُ ; لِمَا فِيهِ مِنْ مَضَرَّةِ الْمِسْكِينِ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْمُوَطَّأِ، قَالَ: اعْتَدَّ عَلَيْهِمْ بِالسَّخْلَةِ يَحْمِلُهَا الرَّاعِي، وَلَا تَأْخُذْهَا، وَلَا تَأْخُذِ الْأَكُولَةَ، وَلَا الرُّبَى، وَلَا الْمَاخِضَ، وَلَا فَحْلَ الْغَنَمِ، وَتَأْخُذُ الْجَذَعَةَ وَالثَّنِيَّةَ، وَذَلِكَ عَدْلٌ بَيْنَ غِذَاءِ الْغَنَمِ وَخِيَارِهَا، وَغِذَاءُ الْغَنَمِ صِغَارُهَا، وَخِيَارُهَا كِبَارُهَا وَأَسْمَنُهَا ; فَهِيَ عَدْلٌ، أَيْ: وَسَطٌ.
وَهُنَا تَتَحَتَّمُ كَلِمَةٌ، يُعْتَبَرُ كُلُّ نِظَامٍ مَالِيٍّ فِي الْعَالَمِ نِظَامًا مَادِّيًّا بَحْتًا يَقُومُ عَلَى مَبَانِي الْأَرْقَامِ وَالْإِحْصَاءِ، فَهُوَ جَافٌّ فِي شَكْلِهِ، كَالْجِسْمِ بِدُونِ رُوحٍ، إِلَّا نِظَامَ الزَّكَاةِ ; فَهُوَ نِظَامٌ حَيٌّ لَهُ رُوحُهُ وَعَاطِفَتُهُ.
فَفِي الْوَقْتِ الَّذِي يُلْزِمُ الْغَنِيَّ بِدَفْعِ قِسْطٍ لِلْفَقِيرِ، يَحْظُرُ عَلَى الْعَامِلِ أَنْ يَأْخُذَ فَوْقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute