للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَدْ كَانَ مِنَ الْمُمْكِنِ أَنْ يَعْرُجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ مِنْ جَوْفِ مَكَّةَ، وَمِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَلَكِنْ لِيُرِيَهُ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ: كَعَلَامَاتِ الطَّرِيقِ ; لِتَكُونَ دَلِيلًا لَهُ عَلَى قُرَيْشٍ فِي إِخْبَارِهِ بِالْإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ، وَتَقْدِيمِ جِبْرِيلَ لَهُ الْأَقْدَاحَ الثَّلَاثَةَ: بِالْمَاءِ، وَاللَّبَنِ، وَالْخَمْرِ، وَاخْتِيَارِهِ اللَّبَنَ رَمْزًا لِلْفِطْرَةِ. وَاجْتِمَاعِ الْأَنْبِيَاءِ لَهُ وَالصَّلَاةِ بِهِمْ فِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، بَيْنَمَا رَآهُمْ فِي السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ، وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ أُرِيَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى.

وَالْمَسْجِدُ النَّبَوِيُّ، وَمَسْجِدُ قُبَاءٍ: فَمَسْجِدُ قُبَاءٍ: نَزَلَ فِيهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ [٩ \ ١٠٨] .

فَجَاءَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَيُّ مَسْجِدٍ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ؟ فَأَخَذَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَفْنَةً مِنَ الْحَصْبَاءِ وَضَرَبَ بِهَا أَرْضَ مَسْجِدِهِ، وَقَالَ: «مَسْجِدُكُمْ هَذَا» .

وَجَاءَ فِي بُلُوغِ الْمَرَامِ وَغَيْرِهِ: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَأَلَ أَهْلَ قُبَاءٍ، فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ يُثْنِي عَلَيْكُمْ» ، فَقَالُوا: إِنَّا نُتْبِعُ الْحِجَارَةَ الْمَاءَ، رَوَاهُ الْبَزَّارُ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ.

قال في سبل السلام وأصله في أبي داود والترمذي في السنن عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "نزلت هذه الآية في أهل قباء {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} [٩/١٠٨] .

قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِدُونِ ذِكْرِ الْحِجَارَةِ.

وَقَالَ صَاحِبُ وَفَاءِ الْوَفَاءِ: وَرَوَى ابْنُ شَيْبَةَ مِنْ طُرُقٍ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ: الْآيَةَ لَمَّا نَزَلَتْ أَتَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهْلَ قُبَاءٍ.

وَفِي رِوَايَةٍ: أَهْلَ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ.

وَفِي رِوَايَةٍ: بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحْسَنَ عَلَيْكُمُ الثَّنَاءَ فِي الطُّهُورِ، فَمَا بَلَغَ مِنْ طُهُورِكُمْ؟ قَالُوا: نَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ» .

قَالَ: وَرَوَى أَحْمَدُ، وَابْنُ شَيْبَةَ، وَاللَّفْظُ لِأَحْمَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: انْطَلَقْتُ إِلَى مَسْجِدِ التَّقْوَى أَنَا وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَسَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ، فَأَتَيْنَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالُوا لَنَا: انْطَلِقُوا إِلَى مَسْجِدِ التَّقْوَى، فَانْطَلَقْنَا نَحْوَهُ. فَاسْتَقْبَلَنَا يَدَاهُ عَلَى كَاهِلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَثُرْنَا فِي وَجْهِهِ، فَقَالَ: مَنْ هَؤُلَاءِ يَا أَبَا بَكْرٍ؟ فَقَالَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَجُنْدُبٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>