وَقَوْلِهِ تَعَالَى: أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى [١٧ \ ١١٠] . ثُمَّ قَالَ: وَلَسْنَا نُرِيدُ أَنْ نَذْكُرَ كَلَامَ الْمُتَكَلِّمِينَ فِي الِاسْمِ وَالْمُسَمَّى: هَلِ الِاسْمُ هُوَ الْمُسَمَّى أَوْ لَا؟ لِأَنَّ مُرَادَنَا هُنَا بَيَانُ مَعْنَى الْآيَةِ. اهـ.
فَتَضَمَّنَ كَلَامُهُ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - احْتِمَالَ كَوْنِ الْمُرَادِ: تَنْزِيهُ اسْمِ اللَّهِ عَمَّا أَلْحَدَ فِيهِ الْمُلْحِدُونَ، كَاحْتِمَالِ تَنْزِيهِ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ كُلِّ مَا لَا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ، كَمَا تَضَمَّنَ عَدَمَ لُزُومِ كَوْنِ الِاسْمِ هُنَا بِمَعْنَى الْمُسَمَّى، وَلَعَلَّنَا نُورِدُ مُجْمَلَ بَيَانِ تِلْكَ النِّقَاطِ. إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
أَمَّا تَنْزِيهُ أَسْمَاءِ اللَّهِ فَهُوَ عَلَى عِدَّةِ مَعَانٍ، مِنْهَا: تَنْزِيهُهَا عَنْ إِطْلَاقِهَا عَلَى الْأَصْنَامِ: كَاللَّاتَ، وَالْعُزَّى، وَاسْمِ الْآلِهَةِ.
وَمِنْهَا: تَنْزِيهُهَا عَنِ اللَّهْوِ بِهَا وَاللَّعِبِ، كَالتَّلَفُّظِ بِهَا فِي حَالَةٍ تُنَافِي الْخُشُوعَ وَالْإِجْلَالَ: كَمَنْ يَعْبَثُ بِهَا وَيَلْهُو، وَنَظِيرُهُ مَنْ يَلْهُو وَيَسْهُو عَنْ صَلَاتِهِ: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ [١٠٧ \ ٤ - ٥] ، أَوْ وَضْعِهَا فِي غَيْرِ مَوَاضِعِهَا: كَنَقْشِ الثَّوْبِ، أَوِ الْفِرَاشِ الْمُمْتَهَنِ.
وَمِنْهَا: تَنْزِيهُهَا عَنِ الْمَوَاطِنِ غَيْرِ الطَّاهِرَةِ، وَقَدْ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ نَزَعَ خَاتَمَهُ ; لِمَا فِيهِ مِنْ نَقْشِ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَمِنْهُ: صِيَانَةُ الْأَوْرَاقِ الْمَكْتُوبَةِ مِنَ الِابْتِذَالِ صَوْنًا لِاسْمِ اللَّهِ.
وَعَلَى هَذَا تَكُونُ هَذِهِ الْآيَةُ مُوَضِّحَةً لِآيَةِ «الْوَاقِعَةِ» ، وَأَنَّ اسْمَ رَبِّكَ وَاقِعٌ مَوْقِعَ الْمَفْعُولِ بِهِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِالتَّسْبِيحِ، وَعَلَى أَنَّ الْمُرَادَ تَسْبِيحُ اللَّهِ تَعَالَى،، فَقَالُوا: إِنَّ الِاسْمَ هُوَ الْمُسَمَّى، كَمَا قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَالُوا: الِاسْمُ صِلَةٌ، كَمَا فِي بَيْتِ لَبِيدٍ الْمُتَقَدِّمِ.
أَمَّا مَسْأَلَةُ الِاسْمِ: هَلْ هُوَ عَيْنُ الْمُسَمَّى أَمْ لَا؟ فَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهَا الْفَخْرُ الرَّازِيُّ، وَقَالَ: إِنَّهُ وَصْفٌ رَكِيكٌ.
أَمَّا قَوْلُ الشَّيْخِ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ -: وَلَا يَلْزَمُ فِي نَظَرِي كَوْنُ الِاسْمِ بِمَعْنَى الْمُسَمَّى هُنَا، فَإِنَّهُ بِلَازِمٍ إِلَى بَسْطٍ قَلِيلٍ ; لِيُظْهِرَ صِحَّةَ مَا قَالَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute