للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مُكَوَّنَةٌ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا، وَهِيَ دَائِمًا وَأَبَدًا تَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ: أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ، فَيَلْتَحِمُ قِسْمٌ مِنْهَا مَعَ قِسْمِ خَلِيَّةِ الذَّكَرِ، وَخَلِيَّةُ الذَّكَرِ سَبْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ، وَإِنَّمَا أَبَدًا تَنْقَسِمُ أَيْضًا عِنْدَ التَّلْقِيحِ إِلَى قِسْمَيْنِ، وَلَكِنْ أَحَدُهُمَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ، وَالْآخِرُ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ، فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَذْكِيرَ الْحَمْلِ سَبَقَ الْقِسْمُ الَّذِي مِنْ ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ. فَيَنْدَمِجُ مَعَ قَسِيمِ خَلِيَّةِ الْأُنْثَى، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ، فَيَكُونُ مَجْمُوعُهُمَا سَبْعَةً وَأَرْبَعِينَ، فَيَكُونُ الذَّكَرُ بِإِذْنِ اللَّهِ.

وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَأْنِيثَ الْحَمْلِ سَبَقَ الْقِسْمُ الَّذِي هُوَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ مِنَ الرَّجُلِ، فَيَنْدَمِجُ مَعَ قَسِيمِ خَلِيَّةِ الْمَرْأَةِ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ، فَيَكُونُ مِنْ مَجْمُوعِهِمَا ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ، فَتَكُونُ الْأُنْثَى بِإِذْنِ اللَّهِ، وَهَكَذَا فِي جَمِيعِ الْحَيَوَانَاتِ.

أَمَّا النَّبَاتَاتُ فَإِنَّ بَعْضَ الْأَشْجَارِ تَتَمَيَّزُ فِيهِ الذُّكُورُ مِنَ الْإِنَاثِ، كَالنَّخْلِ، وَالتُّوتِ مَثَلًا، وَبَقِيَّةُ الْأَشْجَارِ تَكُونُ الشَّجَرَةُ الْوَاحِدَةُ تَحْمِلُ زَهْرَةَ الذُّكُورَةِ وَزَهْرَةَ الْأُنُوثَةِ، فَتُلَقِّحُ الرِّيَاحُ بَعْضَهَا مِنْ بَعْضٍ.

وَقَدْ حَدَّثَنِي عِدَّةُ أَشْخَاصٍ عَنْ غَرِيبَتَيْنِ فِي ذَلِكَ:

إِحْدَاهُمَا: أَنَّ نَخْلَةً مَوْجُودَةً حَتَّى الْآنَ، فِي بَعْضِ السِّنِينَ فَحْلًا يُؤْخَذُ مِنْهُ لِيُؤَبِّرَ النَّخِيلَ، وَفِي بَعْضِ السِّنِينَ نَخْلَةً تَطَّلِعُ وَتُثْمِرُ.

وَحَدَّثَنِي آخَرُ فِي نَفْسِ الْمَجْلِسِ: مِنْ أَنَّهُ تُوجَدُ عِنْدَهُمْ شَجَرَةُ نَخْلٍ يَكُونُ أَحَدُ شِقَّيْهَا فَحْلًا ; يُؤْخَذُ مِنْهُ الطَّلْعُ يُلَقَّحُ بِهِ النَّخْلُ، وَشِقُّهَا الْآخَرُ نَخْلَةً يَتَلَقَّحُ مِنَ الشَّقِّ الْآخَرِ لِمُجَاوَرَتِهِ.

كَمَّا حَدَّثَنِي ثَالِثٌ: أَنَّ وَالِدَهُ قَطَعَ بَعْضَ فَحْلِ النَّخْلِ ; لِكَثْرَتِهِ فِي النَّخِيلِ، وَبَعْدَ قَطْعِهِ نَبَتَ فِي أَصْلِهِ وَمِنْ جِذْعِهِ وَجُذُورِهِ نَخْلَةٌ تُثْمِرُ. وَكُلُّ ذَلِكَ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ، وَلَكِنَّهُ دَالٌّ عَلَى قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّهُ خَالِقُ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى.

أَمَّا عَمَلُ هَذَا الْجِهَازِ فِي الْحَيَوَانَاتِ، بَلْ وَفِي الْحَشَرَاتِ الدَّقِيقَةِ وَتَكَاثُرِهَا، فَهُوَ فَوْقَ الْحَصْرِ وَالْحَدِّ.

وَقَدْ ذَكَرُوا فِي عَالَمِ الْحَشَرَاتِ، مَا يُلَقِّحُ نَفْسَهُ بِنَفْسِهِ، بِاحْتِكَاكِ بَعْضِ فَخِذَيْةِ بِبَعْضٍ، وَكُلُّ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَعْلَمُهُ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى إِيجَادِهِ إِلَّا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، مِمَّا لَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>