وَعَلَيْهَا تَعْلِيقٌ لِأُخْتِ صَلَاحِ الدِّينِ الْأَيُّوبِيِّ، وَذَكَرَ صَاحِبُ التَّرَاتِيبِ الْإِدَارِيَّةِ قَوْلَهُ: وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الصَّحْرَاءِ الْإِفْرِيقِيَّةِ خُصُوصًا شِنْقِيطَ: شِنْجِطَ، أَيْ شِنْقِيطَ، وَهِيَ الْمَعْرُوفَةُ الْآنَ بِمُورِيتَانْيَا، وَتِيتْبِكْتُو، وَقَبِيلَةَ كِنْتِ الْعَجَبِ، حَتَّى جَاءَ أَنَّ الشَّيْخَ الْمُخْتَارَ الْكُنْتِيَّ الشَّهِيرَ، خَتَمَ مُخْتَصَرَ خَلِيلٍ لِلرِّجَالِ، وَخَتَمَتْهُ زَوْجَتُهُ فِي جِهَةٍ أُخْرَى لِلنِّسَاءِ. اهـ.
وَمِمَّا يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّنَا وَنَحْنُ فِي بَعْثَةِ الْجَامِعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ لِإِفْرِيقِيَا، سَمِعْنَا وَنَحْنُ فِي مَدِينَةِ أَطَارَ وَهِيَ عَلَى مَقْرُبَةٍ مِنْ مَدِينَةِ شِنْجِيطَ الْمَذْكُورَةِ، سَمِعْنَا مِنْ كِبَارِ أَهْلِهَا أَنَّهُ كَانَ يُوجَدُ بِهَا سَابِقًا مِائَتَا فَتَاةٍ يَحْفَظْنَ الْمُدَوَّنَةَ كَامِلَةً.
وَقَدْ سَمِعْتُ فِي الْآوِنَةِ الْأَخِيرَةِ، أَنَّهُ كَانَتْ تُوجَدُ امْرَأَةٌ تُدَرِّسُ فِي الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ، الْحَدِيثَ، وَالسِّيرَةَ، وَاللُّغَةَ الْعَرَبِيَّةَ وَهِيَ شِنْقِيطِيَّةٌ.
وَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ النَّظْرَةُ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى ضَوْءِ وَاقِعِ الْحَيَاةِ الْيَوْمَ وَفِي كُلِّ يَوْمٍ، وَقَدْ أَصْبَحَ تَعْلِيمُ الْمَرْأَةِ مِنْ مُتَطَلَّبَاتِ الْحَيَاةِ، وَلَكِنَّ الْمُشْكِلَةَ تَكْمُنُ فِي مَنْهَجِ تَعْلِيمِهَا، وَكَيْفِيَّةِ تَلَقِّيهَا الْعِلْمَ.
فَكَانَ مِنَ اللَّازِمِ أَنْ يَكُونَ مَنْهَجُ تَعْلِيمِهَا قَاصِرًا عَلَى النَّوَاحِي الَّتِي يَحْسُنُ أَنْ تَعْمَلَ فِيهَا كَالتَّعْلِيمِ وَالطِّبِّ وَكَفَى.
أَمَّا كَيْفِيَّةُ تَعْلِيمِهَا، فَإِنَّ مُشْكِلَتَهَا إِنَّمَا جَاءَتْ مِنَ الِاخْتِلَاطِ فِي مُدَرَّجَاتِ الْجَامِعَاتِ، وَفُصُولِ الدِّرَاسَةِ فِي الثَّانَوِيَّاتِ فِي فَتْرَةِ الْمُرَاهَقَةِ، وَقِلَّةِ الْمُرَاقَبَةِ، وَفِي هَذَا يَكْمُنُ الْخَطَرُ مِنْهَا وَعَلَيْهَا فِي آنٍ وَاحِدٍ، فَإِذَا كَانَ لَا بُدَّ مِنْ تَعْلِيمِهَا، فَلَا بُدَّ أَيْضًا مِنَ الْمَنْهَجِ الَّذِي يُحَقِّقُ الْغَايَةَ مِنْهُ، وَيَضْمَنُ السَّلَامَةَ فِيهِ، وَالتَّوْفِيقُ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ.
أَمَّا مَا يُخْشَى عَلَيْهَا مِنَ الِاتِّصَالِ عَنْ طَرِيقِ الْكِتَابَةِ، فَقَدْ وُجِدَ مَا هُوَ أَقْرَبُ وَأَسْرَعُ مِنْهَا لِمَنْ شَاءَتْ وَهُوَ الْهَاتِفُ فِي الْبُيُوتِ، فَإِنَّهُ فِي مُتَنَاوَلِ الْمُتَعَلِّمَةِ وَالْجَاهِلَةِ. وَالْمَدَارُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى الْحَصَانَةِ التَّرْبَوِيَّةِ وَالْمَتَانَةِ الدِّينِيَّةِ وَالْقُوَّةِ الْأَخْلَاقِيَّةِ.
وَقَدْ أَوْرَدْتُ هَذَا الْمَبْحَثَ اسْتِطْرَادًا لِبَيَانِ وِجْهَةِ النَّظَرِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، اقْتِبَاسًا مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute