للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَحْرَقَهُ وَدَفَنَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلَاثِمِائَةِ سَنَةٍ، وَبَعْدَ الطُّوفَانِ وَجَدَ كُلُّ قَوْمٍ كِتَابًا فَتَعَلَّمُوهُ، وَكَانَتِ اثْنَيْ عَشَرَ كِتَابًا، فَتَعَلَّمُوهُ بِإِلْهَامٍ إِلَهِيٍّ.

وَقِيلَ: إِنَّ أَوَّلَ مَنْ خَطَّ بِالْعَرَبِيِّ إِسْمَاعِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ. اهـ.

وَقَدْ أَطَالَ السُّيُوطِيُّ فِي الْمُزْهِرِ الْكَلَامَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، نَقْلًا عَنِ ابْنِ فَارِسٍ الشِّدْيَاقِيِّ.

وَعَنِ الْعَسْكَرِيِّ عَنِ الْأَوَائِلِ فِي ذَلِكَ أَقْوَالٌ، فَقِيلَ إِسْمَاعِيلُ، وَقِيلَ مِرَارُ بْنُ مُرَّةَ، وَهُمَا مِنْ أَهْلِ الْأَنْبَارِ، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ الشَّاعِرُ:

كَتَبْتُ أَبَا جَادٍ وَخَطِّي مُرَامِرُ ... وَسَوَّرْتُ سِرْبَالِي وَلَسْتُ بِكَاتِب

وَقِيلَ: أَوَّلُ مَنْ وَضَعَهُ أَبْجَدْ، وَهَوَّزْ، وَحُطِّي، وَكَلَمُنْ، وَصَعْفَصْ، وَقَرَشَتْ، وَكَانُوا مُلُوكًا فَسُمِّيَ الْهِجَاءُ بِأَسْمَائِهِمْ.

وَذُكِرَ عَنِ الْحَافِظِ أَبِي طَاهِرٍ السَّلَفِيِّ بِسَنَدِهِ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ كَتَبَ بِالْعَرَبِيَّةِ حَرْبُ بْنُ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، تَعَلَّمَ مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ، وَتَعَلَّمَ أَهْلُ الْحِيرَةِ مِنْ أَهْلِ الْأَنْبَارِ.

وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ فِي كِتَابِ الْمَصَاحِفِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: سَأَلْنَا الْمُهَاجِرِينَ مِنْ أَيْنَ تَعَلَّمْتُمُ الْكِتَابَةَ؟ قَالُوا: تَعَلَّمْنَا مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ، وَسَأَلْنَا أَهْلَ الْحِيرَةِ: مِنْ أَيْنَ تَعَلَّمْتُمُ الْكِتَابَةَ؟ قَالُوا: مِنْ أَهْلِ الْأَنْبَارِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ فَارِسٍ: وَالَّذِي نَقُولُهُ: إِنَّ الْخَطَّ تَوْقِيفِيٌّ، وَذَلِكَ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ.

وَقَوْلِهِ: ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ [٦٨ \ ١] .

وَإِذَا كَانَ هَذَا فَلَيْسَ بِبَعِيدٍ، أَنْ يُوقِفَ اللَّهُ آدَمَ أَوْ غَيْرَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ عَلَى الْكِتَابَةِ، فَأَمَّا أَنْ يَكُونَ شَيْئًا مُخْتَرَعًا اخْتَرَعَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ، فَهَذَا شَيْءٌ لَا نَعْلَمُ صِحَّتَهُ إِلَّا مِنْ خَبَرٍ صَحِيحٍ.

قَالَ السُّيُوطِيُّ: قُلْتُ يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ مِنَ التَّوْقِيفِ، مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ شُقَّةَ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «أَوَّلُ كِتَابٍ أَنْزَلَهُ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ أَبَا جَادٍ» .

وَأَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَوَّلُ مَنْ خَطَّ بِالْقَلَمِ إِدْرِيسُ عَلَيْهِ السَّلَامُ» . اهـ.ُُ

<<  <  ج: ص:  >  >>