فَجَعَلَ مَقَالَةَ كُلٍّ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى إِشْرَاكًا.
وَجَاءَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مَنْعُ نِكَاحِ الْكِتَابِيَّةِ وَقَالَ: " وَهَلْ أَكْبَرُ إِشْرَاكًا مِنْ قَوْلِهَا: اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا [٢ \ ١١٦] ، فَهُوَ وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِلْجُمْهُورِ فِي مَنْعِ الزَّوَاجِ مِنَ الْكِتَابِيَّاتِ، إِلَّا أَنَّهُ اعْتَبَرَهُنَّ مُشْرِكَاتٍ.
وَلِهَذَا الْخِلَافِ وَالِاحْتِمَالِ وَقَعَ النِّزَاعُ فِي مُسَمَّى الشِّرْكِ، هَلْ يَشْمَلُ أَهْلَ الْكِتَابِ أَمْ لَا؟ مَعَ أَنَّنَا وَجَدْنَا فَرْقًا فِي الشَّرْعِ فِي مُعَامَلَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَمُعَامَلَةِ الْمُشْرِكِينَ، فَأَحَلَّ ذَبَائِحَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَمْ يُحِلَّهَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَأَحَلَّ نِكَاحَ الْكِتَابِيَّاتِ وَلَمْ يُحِلَّهُ مِنَ الْمُشْرِكَاتِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ [٢ \ ٢٢١] .
وَقَوْلُهُ: وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ [٦٠ \ ١٠] .
وَقَالَ: لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ [٦٠ \ ١٠] ، بَيَّنَ مَا فِي حَقِّ الْكِتَابِيَّاتِ قَالَ: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ [٥ \ ٥] ، فَكَانَ بَيْنَهُمَا مُغَايَرَةٌ فِي الْحُكْمِ.
وَقَدْ جَمَعَ وَالِدُنَا الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الْأَمِينُ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ بَيْنَ تِلْكَ النُّصُوصِ فِي دَفْعِ إِيهَامِ الِاضْطِرَابِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا جَمْعًا مُفَصَّلًا مَفَادُهُ أَنَّ الشِّرْكَ الْأَكْبَرَ الْمُخْرِجَ مِنَ الْمِلَّةِ أَنْوَاعٌ، وَأَهْلُ الْكِتَابِ مُتَّصِفُونَ بِبَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ، إِلَى آخِرِ مَا أَوْرَدَهُ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ.
وَلَعَلَّ فِي نَفْسِ آيَةِ وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ، فِيهَا إِشَارَةٌ إِلَى مَا ذَكَرَهُ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ مِنْ وَجْهَيْنِ:
الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَيْ يُشَابِهُونَهُمْ فِي مَقَالَتِهِمْ، وَهَذَا الْقَدْرُ اتَّصَفَ بِهِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ أَنْوَاعِ الشِّرْكِ.
الثَّانِي: تَذْيِيلُ الْآيَةِ بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ عَمَّا يُشْرِكُونَ بَيْنَمَا وَصَفَ عَبَدَةَ الْأَوْثَانِ فِي سُورَةِ الْبَيِّنَةِ بِالِاسْمِ " وَالْمُشْرِكِينَ ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute