للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَمَا قَالَ تَعَالَى: فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى [٩٢ \ ٥، ٦] ، مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مِنَ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ.

وَأَنَّ هَذِهِ الصِّفَاتِ مِنْ طَبِيعَةِ الْإِنْسَانِ إِلَّا مَا هَذَّبَهُ الشَّرْعُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ [٤ \ ١٢٨] .

وَقَوْلِهِ: وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [٥٩ \ ٩] .

وَنَصَّ الشَّيْخُ فِي إِمْلَائِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْكَافِرُ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ.

اخْتُلِفَ فِي مَرْجِعِ الضَّمِيرِ فِي: وَإِنَّهُ، فَقِيلَ: رَاجِعٌ لِلْإِنْسَانِ، وَرَجَّحَهُ الشَّيْخُ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ فِي دَفْعِ إِيهَامِ الِاضْطِرَابِ، مُسْتَدِلًّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى بَعْدَهُ: وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ.

وَقِيلَ: رَاجِعٌ إِلَى رَبِّ الْإِنْسَانِ.

وَاخْتَارَ هَذَا الْقُرْطُبِيُّ وَقَدَّمَهُ.

وَجَمِيعُ الْمُفَسِّرِينَ يَذْكُرُونَ الْخِلَافَ، وَقَدْ عَرَفْتَ الرَّاجِحَ مِنْهَا، وَعَلَيْهِ، فَعَلَى أَنَّهُ رَاجِعٌ لِرَبِّ الْإِنْسَانِ فَلَا إِشْكَالَ فِي الْآيَةِ، وَعَلَى أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْإِنْسَانِ فَفِيهِ إِشْكَالٌ أَوْرَدَهُ الشَّيْخُ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ فِي دَفْعِ إِيهَامِ الِاضْطِرَابِ وَأَجَابَ عَلَيْهِ.

وَهُوَ أَنَّهُ جَاءَتْ نُصُوصٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُنْكِرُ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ كَانَ يُحِبُّ أَنَّهُ يُحْسِنُ صُنْعًا، وَنَحْوُ ذَلِكَ.

وَمِنَ الْجَوَابِ عَلَيْهِ: أَنَّ شَهَادَتَهُ بِلِسَانِ الْحَالِ.

وَقَدْ أَوْرَدَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ شَهَادَتَهُمْ بِلِسَانِ الْمَقَالِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ [٩ \ ١٧] إِلَّا أَنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ بِالْكُفْرِ هِيَ الشِّرْكُ. وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ.

الْخَيْرُ عَامٌّ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ.

وَلَكِنَّهُ هُنَا خَاصٌّ بِالْمَالِ، فَهُوَ مِنَ الْعَامِّ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخَاصُّ مِنْ قَصْرِ الْعَامِّ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>