فَإِنَّكَ لَوْ قُلْتَ: فُلَانٌ لَا يُقَاوِمُهُ أَحَدٌ، لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: لَكِنَّهُ يُقَاوِمُهُ اثْنَانِ.
وَثَالِثُهَا: أَنَّ الْوَاحِدَ يُسْتَعْمَلُ فِي الْإِثْبَاتِ، وَالْأَحَدَ يُسْتَعْمَلُ فِي النَّفْيِ.
تَقُولُ فِي الْإِثْبَاتِ رَأَيْتُ رَجُلًا وَاحِدًا.
وَتَقُولُ فِي النَّفْيِ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا، فَيُفِيدُ الْعُمُومَ.
أَمَّا مَا نَقَلَهُ عَنِ الْخَلِيلِ، وَقَدْ حَكَاهُ صَاحِبُ الْقَامُوسِ فَقَالَ: وَرَجُلٌ وَاحِدٌ وَأَحَدٌ، أَيْ: خِلَافًا لِمَا قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: إِنَّ أَحَدًا تُسْتَعْمَلُ فِي النَّفْيِ فَقَدْ جَاءَ اسْتِعْمَالُهَا فِي الْإِثْبَاتِ أَيْضًا.
كَقَوْلِهِ: أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ [٤ \ ٤٣] .
فَتَكُونُ أَغْلَبِيَّةً فِي اسْتِعْمَالِهَا وَدَلَالَتِهَا فِي الْعُمُومِ وَاضِحَةً.
وَقَالَ فِي مُعْجَمِ مَقَايِيسِ اللُّغَةِ فِي بَابِ الْهَمْزَةِ وَالْحَاءِ وَمَا بَعْدَهَا: أَحَدٌ، إِنَّهَا فَرْعٌ وَالْأَصْلُ الْوَاوُ وَحَدٌ.
وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْوَاوِ وَفِي مَادَّةِ وَحَدَ. قَالَ: الْوَاوُ وَالْحَاءُ وَالدَّالُ أَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى الِانْفِرَادِ مِنْ ذَلِكَ الْوَحْدَةِ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَهُوَ وَاحِدُ قَبِيلَتِهِ، إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مِثْلُهُ قَالَ:
يَا وَاحِدَ الْعُرْبِ الَّذِي ... مَا فِي الْأَنَامِ لَهُ نَظِيرُ
وَقِيلَ: إِنَّ هَذَا الْبَيْتَ لَبَشَّارٍ يَمْدَحُ عُقْبَةَ بْنَ مُسْلِمٍ، أَوْ لِابْنِ الْمَوْلَى يَزِيدَ بْنِ حَاتِمٍ، نَقْلًا عَنِ الْأَغَانِي.
فَيَكُونُ بِهَذَا ثَبَتَ أَنَّ الْأَصْلَ بِالْوَاوِ وَالْهَمْزَةَ فَرْعٌ عَنْهُ.
وَتَقَدَّمَ أَنَّ دَلَالَتَهَا عَلَى الْعُمُومِ أَوْضَحُ أَيْ أَحَدٌ.
وَقَدْ دَلَّتِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ، عَلَى أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَحَدٌ، أَيْ فِي ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ لَا شَبِيهَ وَلَا شَرِيكَ، وَلَا نَظِيرَ وَلَا نِدَّ لَهُ، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
وَقَدْ فَسَّرَهُ ضِمْنًا قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [١١٢ \ ٤] .ُُ