للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[١٩ \ ٧٤] ، وَقَوْلِهِ: أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَا يَشْعُرُونَ [٢٣ \ ٥٥، ٥٦] ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ الْآيَةَ، أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنْ يُخْبِرَ الْكُفَّارَ، أَنَّ تَعْجِيلَ الْعَذَابِ عَلَيْهِمُ الَّذِي يَطْلُبُونَهُ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَ عِنْدَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَ اللَّهِ، إِنْ شَاءَ عَجَّلَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَخَّرَهُ عَنْهُمْ، ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يُخْبِرَهُمْ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ لِعَجَّلَهُ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ الْآيَةَ [٦ \ ٥٨] .

وَبَيَّنَ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ أَنَّهُمْ مَا حَمَلَهُمْ عَلَى اسْتِعْجَالِ الْعَذَابِ إِلَّا الْكُفْرُ وَالتَّكْذِيبُ، وَأَنَّهُمْ إِنْ عَايَنُوا ذَلِكَ الْعَذَابَ عَلِمُوا أَنَّهُ عَظِيمٌ هَائِلٌ، لَا يَسْتَعْجِلُ بِهِ إِلَّا جَاهِلٌ مِثْلُهُمْ، كَقَوْلِهِ: وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ [١١ \ ٨] ، وَقَوْلِهِ: يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا الْآيَةَ [٤٢ \ ٥٤] ، وَقَوْلِهِ: يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ [٢٩ \ ٥٤] ، وَقَوْلِهِ: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ [١٠ \ ٥٠] .

وَبَيَّنَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُ لَوْلَا أَنَّ اللَّهَ حَدَّدَ لَهُمْ أَجَلًا لَا يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ قَبْلَهُ لَعَجَّلَهُ عَلَيْهِمْ، وَهُوَ قَوْلُهُ: وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلَا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْآيَةَ [٢٩ \ ٥٣] .

تَنْبِيهٌ

قَوْلُهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ الْآيَةَ، صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَوْ كَانَ بِيَدِهِ تَعْجِيلُ الْعَذَابِ عَلَيْهِمْ لَعَجَّلَهُ عَلَيْهِمْ، مَعَ أَنَّهُ ثَبَتَ فِي «الصَّحِيحَيْنِ» مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْسَلَ اللَّهُ إِلَيْهِ مَلَكَ الْجِبَالِ، وَقَالَ لَهُ: إِنْ شِئْتَ أَطْبَقْتُ عَلَيْهِمُ الْأَخْشَبَيْنِ، وَهُمَا جَبَلَا مَكَّةَ اللَّذَانِ يَكْتَنِفَانِهَا، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرَجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا» .

وَالظَّاهِرُ فِي الْجَوَابِ: هُوَ مَا أَجَابَ بِهِ ابْنُ كَثِيرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>