قَالَ مُقَيِّدُهُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ: مَيْتَةُ الضَّفَادِعِ الْبَرِّيَّةِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِي نَجَاسَتِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) [٥ \ ٣] وَهِيَ لَيْسَتْ مِنْ حَيَوَانِ الْبَحْرِ ; لِأَنَّهَا بَرِّيَّةٌ، كَمَا صَرَّحَ عَبْدُ الْحَقِّ بِأَنَّ مَيْتَتَهَا نَجِسَةٌ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ. نَقَلَهُ عَنْهُ الْحَطَّابُ وَالْمَوَّاقُ وَغَيْرُهُمَا فِي شَرْحِ قَوْلِ خَلِيلٍ: وَالْبَحْرِيُّ وَلَوْ طَالَتْ حَيَاتُهُ بِبَرٍّ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ مُتَّصِلًا بِالْكَلَامِ السَّابِقِ: وَأَمَّا قَوْلُ الْحَسَنِ فِي السُّلَحْفَاةِ فَوَصَلَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ طَاوُسَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بِأَكْلِ السُّلَحْفَاةِ بَأْسًا، وَمِنْ طَرِيقِ مُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: لَا بَأْسَ بِأَكْلِهَا، وَالسُّلَحْفَاةُ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا فَاءٌ ثُمَّ أَلِفٌ ثُمَّ هَاءٌ، وَيَجُوزُ بَدَلُ الْهَاءِ هَمْزَةً حَكَاهُ ابْنُ سِيدَهْ، وَهِيَ رِوَايَةُ عَبْدُوسٍ.
وَحُكِيَ أَيْضًا فِي الْمُحْكَمِ: بِسُكُونِ اللَّامِ وَفَتْحِ الْحَاءِ.
وَحُكِيَ أَيْضًا: سُلَحْفِيَةٌ كَالْأَوَّلِ لَكِنْ بِكَسْرِ الْفَاءِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ مَفْتُوحَةٌ.
قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كُلْ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ نَصْرَانِيٌّ أَوْ يَهُودِيٌّ أَوْ مَجُوسِيٌّ.
قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: كَذَا فِي النُّسَخِ الْقَدِيمَةِ وَفِي بَعْضِهَا «مَا صَادَهُ» قَبْلَ لَفْظِ «نَصْرَانِيٌّ» . قُلْتُ: وَهَذَا التَّعْلِيقُ وَصَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ: كُلْ مَا أَلْقَى الْبَحْرُ وَمَا صِيدَ مِنْهُ؛ صَادَهُ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ أَوْ مَجُوسِيٌّ.
قَالَ ابْنُ التِّينِ: مَفْهُومُهُ أَنَّ صَيْدَ الْبَحْرِ لَا يُؤْكَلُ إِنْ صَادَهُ غَيْرُ هَؤُلَاءِ وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ قَوْمٍ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَبِسَنَدٍ آخَرَ عَنْ عَلِيٍّ كَرَاهِيَةَ صَيْدِ الْمَجُوسِيِّ السَّمَكَ. انْتَهَى مِنْ «فَتْحِ الْبَارِي» بِلَفْظِهِ.
وَقَوْلُ أَبِي الدَّرْدَاءِ: فِي الْمُرْيِ ذَبَحَ الْخَمْرَ النِّينَانُ وَالشَّمْسُ فِي لَفْظِهِ أَنَّ ذَبَحَ فِعْلٌ مَاضٍ، وَالْخَمْرَ مَفْعُولٌ بِهِ، وَالنِّينَانُ فَاعِلُ ذَبَحَ، وَالشَّمْسُ بِالرَّفْعِ مَعْطُوفٌ عَلَى الْفَاعِلِ الَّذِي هُوَ النِّينَانُ، وَهِيَ جَمْعُ نُونٍ وَهُوَ: الْحُوتُ وَالْمُرْيُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ عَلَى الصَّحِيحِ، خِلَافًا لِصَاحِبِ «الصِّحَاحِ» وَ «النِّهَايَةِ» فَقَدْ ضَبَطَاهُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ نِسْبَةً إِلَى الْمُرِّ وَهُوَ الطَّعْمُ الْمَشْهُورُ، وَالْمُرْيُ الْمَذْكُورُ طَعَامٌ كَانَ يُعْمَلُ بِالشَّامِ، يُؤْخَذُ الْخَمْرُ فَيُجْعَلُ فِيهِ الْمِلْحُ وَالسَّمَكُ، وَيُوضَعُ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute