نَفْسَهُ بِأَنَّهُ يُنَبِّئُ، وَوَصَفَ الْمَخْلُوقَ بِذَلِكَ، وَجَمَعَ الْمِثَالَيْنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ [٦٦ \ ٣] ، وَوَصَفَ نَفْسَهُ بِالْإِيتَاءِ، فَقَالَ: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ [٢ \ ٢٥٨] ، وَقَالَ: يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ [٢ \ ٢٦٩] ، وَقَالَ: وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ [١١ \ ٣] ، وَقَالَ: ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ [٥٧ \ ٢١] .
وَقَالَ فِي وَصْفِ الْحَادِثِ بِذَلِكَ: وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا [٤ \ ٢٠] ، وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ [٤ \ ٢] ، وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً [٤ \ ٤] ، وَأَمْثَالُ هَذَا كَثِيرَةٌ جِدًّا فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَا وُصِفَ بِهِ اللَّهُ مِنْ هَذِهِ الْأَفْعَالِ فَهُوَ ثَابِتٌ لَهُ حَقِيقَةً عَلَى الْوَجْهِ اللَّائِقِ بِكَمَالِهِ وَجَلَالِهِ ; وَمَا وُصِفَ بِهِ الْمَخْلُوقُ مِنْهَا فَهُوَ ثَابِتٌ لَهُ أَيْضًا، عَلَى الْوَجْهِ الْمُنَاسِبِ لِحَالِهِ، وَبَيْنَ وَصْفِ الْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ مِنَ الْمُنَافَاةِ مَا بَيْنَ ذَاتِ الْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ.
وَأَمَّا الصِّفَاتُ الْجَامِعَةُ، كَالْعِظَمِ وَالْكِبَرِ وَالْعُلُوِّ، وَالْمُلْكِ وَالتَّكَبُّرِ وَالْجَبَرُوتِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَإِنَّهَا أَيْضًا يَكْثُرُ جَدًّا وَصْفُ الْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ بِهَا فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَا وُصِفَ بِهِ الْخَالِقُ مِنْهَا مُنَافٍ لِمَا وُصِفَ بِهِ الْمَخْلُوقُ، كَمُنَافَاةِ ذَاتِ الْخَالِقِ لِذَاتِ الْمَخْلُوقِ. قَالَ فِي وَصْفِ نَفْسِهِ جَلَّ وَعَلَا بِالْعُلُوِّ وَالْعِظَمِ وَالْكِبَرِ: وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ [٢ \ ٢٥٥] ، إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا [٤ \ ٣٤] ، عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ [١٣ \ ٩] .
وَقَالَ فِي وَصْفِ الْحَادِثِ بِالْعِظَمِ: فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ [٢٦ \ ٦٣] ، إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيمًا [١٧ \ ٤٠] ، وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ [٢٧ \ ٢٣] ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ [٩ \ ١٢٩] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.
وَقَالَ فِي وَصْفِ الْحَادِثِ بِالْكِبَرِ: لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ [٦٧ \ ١٢] ، وَقَالَ: إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا [١٧ \ ٣١] ، وَقَالَ: إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ [٨ \ ٧٣] ، وَقَالَ: وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ [٢ \ ١٤٣] ، وَقَالَ: وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ [٢ \ ٤٥] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute