للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْبُخَارِيُّ بِقَوْلِهِ الَّذِي قَدَّمْنَا عَنْهُ (بَابُ إِنْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ مُصَلَّبٍ، أَوْ تَصَاوِيرَ: هَلْ تَفْسُدُ صَلَاتَهُ؟) الْخَ.

وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ مَنْشَأَ الْخِلَافِ فِي الْبُطْلَانِ هُوَ الِاخْتِلَافُ فِي انْفِكَاكِ جِهَةِ النَّهْيِ عَنْ جِهَةِ الْأَمْرِ. وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

وَأَمَّا مَنْعُ تَصْوِيرِ الْحَيَوَانِ، وَتَعْذِيبُ فَاعِلِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَشَدَّ الْعَذَابِ، وَأَمْرُهُمْ بِإِحْيَاءِ مَا صَوَّرُوا، وَكَوْنُ الْمَلَائِكَةِ لَا تَدْخُلُ مَحَلًّا فِيهِ صُورَةٌ أَوْ كَلْبٌ، فَكُلُّهُ مَعْرُوفٌ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَأَمَّا الصَّلَاةُ فِي الْمَكَانِ الْمَغْصُوبِ: فَإِنَّهَا لَا تَجُوزُ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ ; لِأَنَّ اللُّبْثَ فِيهَا حَرَامٌ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، فَلَأَنْ يَحْرُمَ فِي الصَّلَاةِ أَوْلَى.

وَذَهَبَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِلَى أَنَّهُ لَوْ صَلَّى فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ ; لِانْفِكَاكِ الْجِهَةِ أَنَّهُ آثِمٌ بِغَصْبِهِ، مُطِيعٌ بِصَلَاتِهِ: كَالْمُصَلِّي بِحَرِيرٍ.

وَذَهَبَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ، وَالْجُبَّائِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ: إِلَى أَنَّهَا بَاطِلَةٌ ; لِعَدَمِ انْفِكَاكِ جِهَةِ الْأَمْرِ عَنْ جِهَةِ النَّهْيِ كَمَا قَدَّمْنَا، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَقْوَالَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي أَبْيَاتِ مَرَاقِي السُّعُودِ الَّتِي اسْتَشْهَدْنَا بِهَا. وَأَمَّا النَّهْيُ عَنِ الصَّلَاةِ إِلَى النَّائِمِ وَالْمُتَحَدِّثِ: فَدَلِيلُهُ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ، قَالَ: (بَابُ الصَّلَاةِ إِلَى الْمُتَحَدِّثِينَ وَالنِّيَامِ) ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيْمَنَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ - يَعْنِي لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ -: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " لَا تُصَلُّوا خَلْفَ النَّائِمِ وَلَا الْمُتَحَدِّثُ ". اهـ.

وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا يَخْفَى ضَعْفُهُ ; لِأَنَّ الرَّاوِيَ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ لَا يُدْرَى مَنْ هُوَ كَمَا تَرَى.

وَقَالَ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنِي أَبُو الْمِقْدَامِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُصَلَّى خَلْفَ الْمُتَحَدِّثِ، أَوِ النَّائِمِ ". وَإِسْنَادُ ابْنِ مَاجَهْ هَذَا لَا يُحْتَجُّ بِهِ أَيْضًا ; لِأَنَّ الرَّاوِيَ فِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ: أَبُو الْمِقْدَامِ وَهُوَ هِشَامُ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، وَهُوَ هِشَامُ بْنُ أَبِي هِشَامٍ، وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا: هِشَامُ بْنُ أَبِي الْوَلِيدِ الْمَدَنِيُّ، وَهُوَ لَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ. قَالَ فِيهِ ابْنُ حَجَرٍ فِي التَّقْرِيبِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>