الْآيَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ.
الْبُرْهَانُ الثَّالِثُ: إِحْيَاءُ الْأَرْضِ بَعْدَ مَوْتِهَا الْمَذْكُورُ هُنَا فِي قَوْلِهِ: يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ. . . [١٦ \ ١١] ، فَإِنَّهُ يَكْثُرُ فِي الْقُرْآنِ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ عَلَى الْبَعْثِ أَيْضًا، كَقَوْلِهِ: فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى [٤١ \ ٣٩] ، وَقَوْلِهِ: وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ [٥٠ \ ١١] ، أَيْ: كَذَلِكَ الْأَحْيَاءُ خُرُوجُكُمْ مِنْ قُبُورِكُمْ أَحْيَاءً بَعْدَ الْمَوْتِ، وَقَوْلِهِ: وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ [٣٠ \ ١٩] ، أَيْ: مِنْ قُبُورِكُمْ أَحْيَاءً بَعْدَ الْمَوْتِ، وَقَوْلِهِ: حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [٧ \ ٥٧] ، وَقَوْلِهِ: وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [٢٢ \ ٥، ٦] ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ.
فَهَذِهِ الْبَرَاهِينُ الثَّلَاثَةُ يَكْثُرُ جِدًّا الِاسْتِدْلَالُ بِهَا عَلَى الْبَعْثِ فِي كِتَابِ اللَّهِ، كَمَا رَأَيْتَ وَكَمَا تَقَدَّمَ.
وَهُنَاكَ بُرْهَانٌ رَابِعٌ يَكْثُرُ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ عَلَى الْبَعْثِ أَيْضًا وَلَا ذِكْرَ لَهُ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ، وَهُوَ إِحْيَاءُ اللَّهِ بَعْضَ الْمَوْتَى فِي دَارِ الدُّنْيَا، كَمَا تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ فِي: «سُورَةِ الْبَقَرَةِ» ; لِأَنَّ مَنْ أَحْيَا نَفْسًا وَاحِدَةً بَعْدَ مَوْتِهَا قَادِرٌ عَلَى إِحْيَاءِ جَمِيعِ النُّفُوسِ: مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ [٣١ \ ٢٨] .
وَقَدْ ذَكَرَ - جَلَّ وَعَلَا - هَذَا الْبُرْهَانَ فِي: «سُورَةِ الْبَقَرَةِ» فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ:
الْأَوَّلُ قَوْلُهُ: ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [٢ \ ٥٦] .
الثَّانِي قَوْلُهُ: فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [٢ \ ٧٣] .
الثَّالِثُ قَوْلُهُ - جَلَّ وَعَلَا -: فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ [٢ \ ٢٤٣] .
الرَّابِعُ قَوْلُهُ: فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [٢ \ ٢٥٩] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute