الْآخِرَةِ» ; لِأَنَّهُ لَوْ أُبِيحَ التَّمَتُّعُ بِالْفِضَّةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ; لَكَانَ ذَلِكَ مُعَارِضًا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «هِيَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَلَكُمْ فِي الْآخِرَةِ» ، وَسَنُوَضِّحُ ذَلِكَ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ كِتَابِ اللَّهِ - جَلَّ وَعَلَا -.
اعْلَمْ أَوَّلًا: أَنَّ الدِّيبَاجَ هُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ بِالسُّنْدُسِ وَالْإِسْتَبْرَقِ. فَالسُّنْدُسُ: رَقِيقُ الدِّيبَاجِ. وَالْإِسْتَبْرَقُ: غَلِيظُهُ.
فَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ ; فَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ - جَلَّ وَعَلَا - بَيَّنَ تَنَعُّمَ أَهْلِ الْجَنَّةِ بِلُبْسِ الذَّهَبِ وَالدِّيبَاجِ الَّذِي هُوَ السُّنْدُسُ وَالْإِسْتَبْرَقُ فِي «سُورَةِ الْكَهْفِ» ، فِي قَوْلِهِ: أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ الْآيَةَ [١٨ \ ٣١] ، فَمَنْ لَبِسَ الذَّهَبَ وَالدِّيبَاجَ فِي الدُّنْيَا مُنِعَ مِنْ هَذَا التَّنَعُّمِ بِهِمَا الْمَذْكُورِ فِي «الْكَهْفِ» .
ذَكَرَ - جَلَّ وَعَلَا - تَنَعُّمَ أَهْلِ الْجَنَّةِ بِلُبْسِ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ فِي «سُورَةِ الْحَجِّ» ، فِي قَوْلِهِ: إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ. [٢٢ \ ٢٣ - ٢٤] .
وَبَيَّنَ أَيْضًا تَنَعُّمَهُمْ بِلُبْسِ الذَّهَبِ وَالْحَرِيرِ فِي «سُورَةِ فَاطِرٍ» ، فِي قَوْلِهِ: جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ. الْآيَةَ [٣٥ \ ٣٣، ٣٤] ، فَمَنْ لَبِسَ الذَّهَبَ وَالْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا مُنِعَ مِنْ هَذَا التَّنَعُّمِ بِهِمَا الْمَذْكُورِ فِي «سُورَةِ الْحَجِّ وَفَاطِرٍ» .
وَذَكَرَ - جَلَّ وَعَلَا - تَنَعُّمَهُمْ بِلُبْسِ الْحَرِيرِ فِي «سُورَةِ الْإِنْسَانِ» ، فِي قَوْلِهِ: وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا [٧٦ \ ١٢] ، وَفِي «الدُّخَانِ» بِقَوْلِهِ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ الْآيَةَ [٤٤ \ ٥١ - ٥٣] ، فَمَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا مُنِعَ مِنْ هَذَا التَّنَعُّمِ بِهِ الْمَذْكُورِ فِي «سُورَةِ الْإِنْسَانِ وَالدُّخَانِ» .
وَذَكَرَ - جَلَّ وَعَلَا - تَنَعُّمَهُمْ بِالِاتِّكَاءِ عَلَى الْفُرُشِ الَّتِي بَطَائِنُهَا «مِنْ إِسْتَبْرَقٍ» فِي «سُورَةِ الرَّحْمَنِ» ، بِقَوْلِهِ: مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ. الْآيَةَ [٥٥ \ ٥٤] . فَمَنِ اتَّكَأَ عَلَى الدِّيبَاجِ فِي الدُّنْيَا مُنِعَ هَذَا التَّنَعُّمَ الْمَذْكُورَ فِي «سُورَةِ الرَّحْمَنِ» .
وَذَكَرَ - جَلَّ وَعَلَا - تَنَعُّمَ أَهْلِ الْجَنَّةِ بِلُبْسِ الدِّيبَاجِ، الَّذِي هُوَ السُّنْدُسُ وَالْإِسْتَبْرَقُ وَلُبْسِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute