للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَوْلِهِ: وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ [٢١ \ ٧، ٨] ، وَقَوْلِهِ: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً [١٣ \ ٣٨] ، وَقَوْلِهِ: قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ. . . الْآيَةَ [٤٦ \ ٩] ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.

وَقَرَأَ جُمْهُورُ الْقُرَّاءِ هَذَا الْحَرْفَ: " يُوحَى إِلَيْهِمْ " بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ، وَفَتْحِ الْحَاءِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ. وَقَرَأَهُ حَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ " نُوحِي إِلَيْهِمْ " [١٦ \ ٤٣] ، بِالنُّونِ وَكَسْرِ الْحَاءِ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي آخِرِ سُورَةِ " يُوسُفَ ": " إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى " [١٢ \ ١٠٩] ، وَأَوَّلِ " الْأَنْبِيَاءِ: " إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ. . " الْآيَةَ [٢١ \ ٧] . كُلُّ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ قَرَأَ فِيهَا حَفْصٌ وَحْدَهُ بِالنُّونِ وَكَسْرِ الْحَاءِ. . . وَالْبَاقُونَ بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْحَاءِ أَيْضًا. وَأَمَّا الثَّانِيَةُ: فِي " سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ " وَهِيَ قَوْلُهُ: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ الْآيَةَ [٢١ \ ٢٥] .

فَقَدْ قَرَأَهُ بِالنُّونِ وَكَسْرِ الْحَاءِ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ. وَالْبَاقُونَ بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْحَاءِ أَيْضًا. وَحَصْرُ الرُّسُلِ فِي الرِّجَالِ فِي الْآيَاتِ الْمَذْكُورَةِ لَا يُنَافِي أَنَّ مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا ; كَمَا قَالَ تَعَالَى: اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ [٢٢ \ ٧٥] ، وَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا الْآيَةَ [٣٥ \ ١] ; لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ يُرْسَلُونَ إِلَى الرُّسُلِ، وَالرُّسُلُ تُرْسَلُ إِلَى النَّاسِ. وَالَّذِي أَنْكَرَهُ الْكُفَّارُ هُوَ إِرْسَالُ الرُّسُلِ إِلَى النَّاسِ، وَهُوَ الَّذِي حَصَرَ اللَّهُ فِيهِ الرُّسُلَ فِي الرِّجَالِ مِنَ النَّاسِ، فَلَا يُنَافِي إِرْسَالُ الْمَلَائِكَةِ لِلرُّسُلِ بِالْوَحْيِ، وَلِقَبْضِ الْأَرْوَاحِ، وَتَسْخِيرِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ، وَكَتْبِ أَعْمَالِ بَنِي آدَمَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ ; كَمَا قَالَ تَعَالَى: فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا [٧٩ \ ٥] .

تَنْبِيهٌ.

يُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْآيَاتِ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُرْسِلِ امْرَأَةً قَطُّ ; لِقَوْلِهِ: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا [١٦ \ ٤٣] ، وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ [١٦ \ ٤٣] أَنَّ مَنْ جَهِلَ الْحُكْمَ: يَجِبُ عَلَيْهِ سُؤَالُ الْعُلَمَاءِ وَالْعَمَلُ بِمَا أَفْتَوْهُ بِهِ. وَالْمُرَادُ بِأَهْلِ الذِّكْرِ فِي الْآيَةِ: أَهْلُ الْكِتَابِ، وَهَذِهِ الْأُمَّةُ أَيْضًا يَصْدُقُ عَلَيْهَا أَنَّهَا أَهْلُ الذِّكْرِ ; لِقَوْلِهِ: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ. . . الْآيَةَ [١٥ \ ٩] ، إِلَّا أَنَّ الْمُرَادَ فِي الْآيَةِ أَهْلُ الْكِتَابِ. وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>