الْأَرْضُ. . . الْآيَةَ [٤ \ ٤١، ٤٢] ، وَكَقَوْلِهِ: يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ [٥ \ ١٠٩] ، وَكَقَوْلِهِ: فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ [٧ \ ٦] ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اقْرَأْ عَلَيَّ» ، قَالَ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَأَقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ ! قَالَ: «نَعَمْ ; إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي» ، فَقَرَأْتُ «سُورَةَ النِّسَاءِ» ، حَتَّى أَتَيْتُ إِلَى هَذِهِ الْآيَةِ: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا [٤ \ ٤١] ، فَقَالَ: «حَسْبُكَ الْآنَ» ، فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ. اه.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: وَيَوْمَ نَبْعَثُ [١٦ \ ٨٩] ، مَنْصُوبٌ بِ «اذْكُرْ» مُقَدَّرًا. وَالشَّهِيدُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَعِيلَ بِمَعْنَى فَاعِلٍ، أَيْ: شَاهِدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ. ذَكَرَ - جَلَّ وَعَلَا - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: أَنَّهُ نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ هَذَا الْكِتَابَ الْعَظِيمَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ. وَبَيَّنَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، كَقَوْلِهِ: مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ [٦ \ ٣٨] ، عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْكِتَابِ فِيهَا الْقُرْآنُ. أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ. فَلَا بَيَانَ بِالْآيَةِ. وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَلَا شَكَّ أَنَّ الْقُرْآنَ فِيهِ بَيَانُ كُلِّ شَيْءٍ. وَالسُّنَّةُ كُلُّهَا تَدْخُلُ فِي آيَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْهُ ; وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [٥٩ \ ٧] .
وَقَالَ السُّيُوطِيُّ فِي «الْإِكْلِيلِ» فِي اسْتِنْبَاطِ التَّنْزِيلِ، قَالَ تَعَالَى: وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ [١٦ \ ٨٩] ، وَقَالَ: مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ [٦ \ ٣٨] ، وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «سَتَكُونُ فِتَنٌ» ، قِيلَ: وَمَا الْمَخْرَجُ مِنْهَا؟ قَالَ: «كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ نَبَأُ مَا قَبْلَكُمْ، وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ، وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ» ، أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ: حَدَّثَنَا خَدِيجُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: مَنْ أَرَادَ الْعِلْمَ فَعَلَيْهِ بِالْقُرْآنِ ; فَإِنَّ فِيهِ خَبَرَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَرَادَ بِهِ أُصُولَ الْعِلْمِ. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: أَنْزَلَ اللَّهُ مِائَةً وَأَرْبَعَةَ كُتُبٍ، أَوْدَعَ عُلُومَهَا أَرْبَعَةً: التَّوْرَاةَ، وَالْإِنْجِيلَ، وَالزَّبُورَ، وَالْفُرْقَانَ. ثُمَّ أَوْدَعَ عُلُومَ الثَّلَاثَةِ الْفَرْقَانَ، ثُمَّ أَوْدَعَ عُلُومَ الْقُرْآنِ: الْمُفَصَّلَ، ثُمَّ أَوْدَعَ عُلُومَ الْمُفَصَّلِ: فَاتِحَةَ الْكِتَابِ ; فَمَنْ عَلِمَ تَفْسِيرَهَا كَانَ كَمَنْ عَلِمَ تَفْسِيرَ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ. أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute