نزل بك الموت فلا أدري أين أذهب؟ قال: لا أين، إنه لم يبق على دين عيسى ابن مريم أحد من الناس أعرفه، ولكن هذا أوان - أو إبان - نبي يخرج - أو قد خرج - بأرض تهامة فالزم قبتي وسل من يمر بك من التجار - وكان ممر تجار أهل الحجار عليه إذا دخلوا الروم - وسل من قدم عليك من أهل الحجار هل خرج فيكم أحد يتنبأ؟ فإذا أخبروك أنه قد خرج فيهم رجل فائته فإنه الذي بشر به عيسى - عليه السلام - وآيته أن بين كتفيه خاتم النبوة، وأنه يأكل الهدية، ولا يأكل الصدقة، قال: نقبض الرجل ولزمت مكاني لا يمر بي أحد إلا سألته من أي بلاد أنتم؟ حتى مر بي ناس من أهل مكة، فسألتهم من أي بلاد أنتم؟ قالوا: من الحجاز، قلت: هل خرج فيكم أحد يزعم أنه نبي؟ قالوا: نعم. قلت: هل لكم أن كون عبدًا لبعضكم على أن يحملني عقبه، ويطعمني الكسرة حتى يقدم بي مكة فإذا قدم بي مكة فإن شاء باع وإن شاء أمسك، فقال رجل من القوم: أنا، فصرت عبدًا له فجعل يحملني عقبه ويطعمني الكسرة حتى قدمت مكة، فلما قدمت مكة جعلني في بستان له مع حبشان، فخرجت خرجة فطفت مكة، فإذا أنا بامرأة من أهل بلادي فسألتها وكلمتها فإذا مواليها وأهل بيتها قد أسلموا كلهم، وسألتها عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقالت: يجلس في الحجر إذا صاح عصفور مكة مع أصحابه حتى إذا أضاء الفجر تفرقوا، قال: فجعلت اختلف ليلتي كراهية أن يفتقدني أصحابي، فقالوا: مالك؟ قلت: أشتكي بطني فلما كانت الساعة التي أخبرتني أنه يجلس فيها أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فإذا هو محتب في الحجر وأصحابه بين يديه، فجئت من خلفه - صلى الله عليه وسلم - فعرف الذي أريد، فأرسل حبوته فسقطت فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه، فقلت في نفسي: الله أكبر الله أكبر. هذه واحدة، فلما كان في الليلة المقبلة صنعت مثل ما صنعت في الليلة التي قبلها لا ينكرني أصحابي، فجمعت شيئًا من تمر، فلما كانت الساعة التي يجلس فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - أتيته فوضعت التمر بين يديه، قال:"ما هذا؟ " قلت: صدقة. قال لأصحابه:"كلوا" ولم يمد يده، قال: قلت في نفسى: الله أكبر هذه ثنتان، فلما كان في الليلة الثالثة جمعت شيئًا من تمر ثم جئت في الساعة التي يجلس فيها فوضعته بين يديه، قال:"ما هذا" قلت: هدية.، فأكل وأكل القوم، قال: قلت: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فسألني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قصتي فأخبرته، فقال لي رسول