للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقد رددت عليه جواره، ثم انصرف عثمان، ولبيد بن ربيعة بن مالك بن كلاب القيسي في مجلس من قريش ينشدهم، فجلس معهم عثمان، فقال وهو ينشدهم: ألا كل شيء ما خلا الله باطل، فقال عثمان: صدقت، فقال: وكل نعيم لا محالة زائل، فقال عثمان: كذبت، نعيم الجنة لا يزول. قال لبيد بن ربيعة: يا معشر قريش، والله ما كان يؤذى جليسكم، فمتى حدث فيكم هذا؟ فقال رجل من القوم: إن هذا سفيه من سفهاء معه قد فارقوا ديننا، فلا تجدن في نفسك من قوله، فرد لبيد قوله، فرد عليه عثمان حتى سرى - أي عظم - أمرهما، فقام إليه ذلك الرجل فلطم عينه فخضرها، والوليد بن المغيرة قريب يرى ما بلغ من عثمان، فقال: أما والله يا ابن أخي، إن كانت عينك عما أصابها لغنية، فقد كنت في ذمة منيعة، قال: فقال عثمان: بل والله إن عيني الصحيحة لفقيرة إلى ما أصاب أختها في الله، وإني لفي جوار من هو أعز منك وأقدر يا أبا عبد شمس، فقال عثمان بن مظعون فيما أصيب من عينه:

إن تك عيني في رضا الرب نالها ... يدا ملحد في الدين ليس بمهتد

فقد عوض الرحمن منها ثوابه ... ومن يرضه الرحمن يا قوم يسعد

وإني وإن قلتم غوى مضلل ... سفيه على دين الرسول محمد

أريد بذلك الله والحق ديننا ... على رغم من يبغي علينا ويعتدي

وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فيما أصيب من عين عثمان بن مظعون:

أمن تذكر دهر غير مأمون ... أصبحت مكتئبًا تبكي كمحزون

أم من تذكر أقوام ذوي سفه ... يغشون بالظلم من يدعو الى الدين

لا ينتهون عن الفحشاء ما سلموا ... والغدر فيهم سبيل غير مأمون

ألا ترون - أقل الله خيرهم - ... أنا غضبنا لعثمان بن مظعون

إذ يلطمون ولا يخشون مقلته ... طعنًا دراكًا وضربًا غير مأفون

فسوف يجزيهم إن لم يمت عجلًا ... كيلًا بكيل جزاء غير مغبون (١)


(١) انظر الحلية (١/ ١٠٣)، وإسناده ضعيف، فيه ابن إسحاق مدلس وقد عنعنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>