للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لموثق في الحديد، وما بمكة من ثمرة، وكانت تقول: إنه لرزق رزقه الله خبيبًا، فلما خرجوا به من الحرم ليقتلوه في الحل قال لهم خبيب: دعونى أركع ركعتين، فتركوه، ثم قال: والله لولا أن تحسبوا أن ما بى جزع لزدت، اللهم أحصهم عددًا، واقتلهم بددًا، ولا تبق منهم أحدًا، ثم قال:

فلست أبالى حين أُقتل مسلمًا ... على أي جنب كان في الله مصرعي

وذلك في ذات الإله وإن يشأ ... يبارك على أوصال شلو ممزع

ثم قام إليه أبو سروعة عقبة بن الحارث فقتله، وكان خبيب أول من سن لكل مسلم قتل صبرًا الصلاة (١).

٢٤٢٤ - حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، ثنا أبو شعيب الحرانى، ثنا أبو جعفر النفيلى، ثنا محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، حدثني عبد الله بن أبي نجيح، عن ماوية مولاة حجير بن أبي إهاب - وكانت قد أسلمت - قالت: كان خبيب قد حبس في بيتي ولقد اطلعت عليه يومًا وإن في يده لقطفًا من عنب مثل رأس الرجل يأكل منه، وما أعلم أن في الأرض حبة عنب تؤكل.

قال ابن إسحاق: وقال عاصم بن عمر بن قتادة: فخرجوا بخبيب إلى التنعيم ليقتلوه، فقال لهم: إن رأيتم أن تدعوني حتى أركع ركعتين فافعلوا. قالوا: دونك فاركع، فركع ركعتين أتمهما وأحسنهما ثم أقبل على القوم، فقال: والله لولا أن تظنوا أني إنما طولت جزعًا من القتل لاستكثرت من الصلاة، ثم رفعوه على خشبة، فلما أوثقوه. قال: اللهم إنا قد بلغنا رسالة رسولك فبلغه الغداة ما يفعل بنا.

قال ابن إسحاق: ومما قيل فيه من الشعر قول خبيب بن عدي حين بلغه أن القوم قد أجمعوا لصلبه، فقال:


(١) أخرجه أحمد (٢/ ٢٩٤ - ٢٩٥)، والبخاري (٣٠٤٥، ٣٩٨٩، ٤٠٨٦)، وأبو داود (٢٦٦٠ - ٢٦٦١)، وعبد الرزاق (٩٧٣٠)، والطبراني في الكبير (٤/ ٤١٩).
يستحد: يحلق شعر عانته.
وفي ذات الإله: أي في طاعته وطلب رضاه.
الأوصال: جمع وصل، وهو العضو. الشلو: الجسد. أحصهم: أي أهلكهم بحيث لا تبقي من عددهم أحدًا.
خذهم بددًا: أي اقتلهم متفرقين واحدًا بعد واحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>