إذَا كَانَ الْقَوْلُ مِنْهُ فِي الصِّحَّةِ، فَإِنْ كَانَ فِي الْمَرَضِ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ آخَرُ، يَخْرُجُونَ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ لَا يَخْرُجُونَ، لَكِنْ إنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ سِوَى هَؤُلَاءِ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ، يُقْسَمُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ وَصِيَّتِهِمْ؛ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَصِيَّةٌ وَالْوَصِيَّةُ نَفَاذُهَا مِنْ الثُّلُثِ؛ فَيُضْرَبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِمِقْدَارِ وَصِيَّتِهِ، فَوَصِيَّةُ الْخَارِجِ نِصْفُ الرَّقَبَةِ وَوَصِيَّةُ الثَّالِثِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الرَّقَبَةِ وَوَصِيَّةُ الدَّاخِلِ نِصْفُ الرَّقَبَةِ عَلَى أَصْلِهِمَا، فَيُجْعَلُ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ؛ لِحَاجَتِنَا إلَى ثَلَاثَةِ الْأَرْبَاعِ، فَالْخَارِجُ يُضْرَبُ بِنِصْفِ الرَّقَبَةِ وَذَلِكَ سَهْمَانِ وَالثَّابِتُ يُضْرَبُ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الرَّقَبَةِ وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ، وَالدَّاخِلُ يُضْرَبُ بِنِصْفِ الرَّقَبَةِ وَذَلِكَ سَهْمَانِ، فَتُجْمَعُ وَصَايَاهُمْ فَتَصِيرُ سَبْعَةَ أَسْهُمٍ، فَيُجْعَلُ ثُلُثُ الْمَالِ مَبْلَغَ الْوَصَايَا وَذَلِكَ سَبْعَةُ أَسْهُمٍ، فَيَكُونُ ثُلُثَا الْمَالِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ سَهْمًا ضَرُورَةً فَيَكُونُ جَمِيعُ الْمَالِ أَحَدَ وَعِشْرِينَ، فَصَارَ كُلُّ عَبْدٍ سَبْعَةَ أَسْهُمٍ؛ لِأَنَّ مَالَهُ ثَلَاثَةُ أَعْبُدٍ وَقَدْ صَارَ مَالُهُ كُلُّهُ أَحَدَ وَعِشْرِينَ سَهْمًا، فَيُخْرَجُ مِنْهُ سِهَامُ الْعِتْقِ وَسِهَامُ السِّعَايَةِ فَالْخَارِجُ يُعْتَقُ مِنْهُ سَهْمَانِ مِنْ سَبْعَةٍ وَيَسْعَى فِي خَمْسَةِ أَسْهُمٍ، وَالثَّابِتُ يُعْتَقُ مِنْهُ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ مِنْ سَبْعَةٍ وَيَسْعَى فِي أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ.
وَالدَّاخِلُ يُعْتَقُ مِنْهُ سَهْمَانِ مِنْ سَبْعَةٍ وَيَسْعَى فِي خَمْسَةِ أَسْهُمٍ كَالْخَارِجِ، وَإِذَا صَارَ سِهَامُ الْوَصَايَا سَبْعَةً تَصِيرُ سِهَامُ الْوَرَثَةِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ ضَرُورَةً، فَاسْتَقَامَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ، وَهَذَا التَّخْرِيجُ عَلَى قَوْلِهِمَا.
وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ فَالْخَارِجُ يُضْرَبُ بِسَهْمَيْنِ وَالثَّابِتُ بِثَلَاثَةٍ وَالدَّاخِلُ بِسَهْمٍ فَذَلِكَ سِتَّةُ أَسْهُمٍ، فَصَارَ ثُلُثُ الْمَالِ سِتَّةُ أَسْهُمٍ فَيَكُونُ ثُلُثَاهُ مِثْلَيْهِ وَذَلِكَ اثْنَيْ عَشَرَ، فَيَصِيرُ جَمِيعُ الْمَالِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، فَصَارَ كُلُّ عَبْدٍ سِتَّةَ أَسْهُمٍ يَخْرُجُ مِنْهَا سِهَامُ الْعِتْقِ وَسِهَامُ السِّعَايَةِ، فَيُعْتَقُ مِنْ الْخَارِجِ سَهْمَانِ وَيَسْعَى فِي أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ، وَيُعْتَقُ مِنْ الثَّابِتِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ وَيَسْعَى فِي ثَلَاثَةٍ وَيُعْتَقُ مِنْ الدَّاخِلِ سَهْمٌ وَاحِدٌ وَيَسْعَى فِي خَمْسَةِ أَسْهُمٍ، فَصَارَ لِلْوَرَثَةِ اثْنَيْ عَشَرَ وَلِأَصْحَابِ الْوَصَايَا سِتَّةٌ، فَاسْتَقَامَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ، وَاَللَّهُ ﷿ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا الْجَهَالَةُ الطَّارِئَةُ بِأَنْ أَضَافَ صِيغَةَ الْإِعْتَاقِ إلَى أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ ثُمَّ نَسِيَهُ فَالْكَلَامُ فِي هَذَا الْفَصْلِ أَيْضًا فِي مَوْضِعَيْنِ أَحَدُهُمَا فِي.
كَيْفِيَّةِ هَذَا التَّصَرُّفِ وَالثَّانِي فِي الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ أَحَدَهُمَا حُرٌّ قَبْلَ الْبَيَانِ لِأَنَّ الصِّيغَةَ أُضِيفَتْ إلَى مُعَيَّنٍ وَالْمُعَيَّنُ مَحَلٌّ لِنُزُولِ الْعِتْقِ فِيهِ فَكَانَ الْبَيَانُ فِي هَذَا النَّوْعِ إظْهَارًا وَتَعْيِينًا لِمَنْ نَزَلَ فِيهِ الْعِتْقُ.
وَأَمَّا الثَّانِي فَالْأَحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِهِ ضَرْبَانِ أَيْضًا: ضَرْبٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ فِي.
حَالِ حَيَاةِ الْمَوْلَى، وَضَرْبٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَنَقُولُ: إذَا أَعْتَقَ إحْدَى جَارِيَتَيْهِ بِعَيْنِهَا ثُمَّ نَسِيَهَا أَوْ أَعْتَقَ إحْدَى جَوَارِيهِ الْعَشَرَةِ بِعَيْنِهَا ثُمَّ نَسِيَ الْمُعْتَقَةَ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ وَطْئِهِنَّ وَاسْتِخْدَامهنَّ؛ لِأَنَّ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ حُرَّةٌ بِيَقِينٍ فَكُلُّ وَاحِدَةٍ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْحُرَّةُ وَوَطْءُ الْحُرَّةِ مِنْ غَيْرِ نِكَاحٍ حَرَامٌ فَلَوْ قَرَّبَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ رُبَّمَا يَقْرَبُ الْحُرَّةَ فَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ صِيَانَةً عَنْ الْحَرَامِ، وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ مَا رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ وَابِصَةَ بْنِ مَعْبَدٍ ﵁ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «أَلَا إنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ، فَمَنْ حَامَ حَوْل الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ» وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَطَأَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ بِالتَّحَرِّي؛ لِمَا ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ، فَلَوْ أَنَّهُ وَطِئَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ فَحُكْمُهُ نَذْكُرُهُ هُنَا، وَالْحِيلَةُ فِي أَنْ يُبَاحَ لَهُ وَطْؤُهُنَّ أَنْ يَعْقِدَ عَلَيْهِنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ فَتَحِلُّ لَهُ الْحُرَّةُ مِنْهُنَّ بِالنِّكَاحِ وَالرَّقِيقَةُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ.
وَلَوْ خَاصَمَ الْعَبْدَانِ الْمَوْلَى إلَى الْقَاضِي وَطَلَبَا مِنْهُ الْبَيَانَ أَمَرَهُ الْقَاضِي بِالْبَيَانِ وَلَوْ امْتَنَعَ حَبَسَهُ لَيُبَيِّنَ، كَذَا ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا حُرٌّ بِيَقِينٍ وَالْحُرِّيَّةُ حَقُّهُ أَوْ لَهُ فِيهَا حَقٌّ، وَلِكُلِّ صَاحِبِ حَقٍّ أَنْ يَطْلُبَ حَقَّهُ، وَإِذَا امْتَنَعَ مِنْ الْإِيفَاءِ يُجْبَرُ عَلَيْهِ.
وَلَوْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ هُوَ الْحُرُّ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ وَجَحَدَ الْمَوْلَى فَطَلَبَا يَمِينَهُ اسْتَحْلَفَهُ الْقَاضِي لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِاَللَّهِ ﷿ مَا أَعْتَقَهُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْلَافَ لِفَائِدَةِ النُّكُولِ وَالنُّكُولُ بَذْلٌ أَوْ إقْرَارٌ، وَالْعِتْقُ يَحْتَمِلُ كُلَّ ذَلِكَ، ثُمَّ إنْ نَكَلَ لَهُمَا عَتَقَا؛ لِأَنَّهُ بَذَلَ لَهُمَا الْحُرِّيَّةَ أَوْ أَقَرَّ بِهَا لَهُمَا، وَإِنْ حَلَفَ لَهُمَا يُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا حُرٌّ بِيَقِينٍ وَحُرِّيَّتُهُ لَا تَرْتَفِعُ بِالْيَمِينِ، وَمَا ذَكَرْنَا مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّد فِي الطَّلَاقِ يَكُونُ ذَلِكَ رِوَايَةً فِي الْعَتَاقِ وَهُوَ أَنَّهُمَا إذَا اسْتَحْلَفَا فَحَلَفَ الْمَوْلَى لِلْأَوَّلِ، يُعْتَقُ الَّذِي لَمْ يَحْلِفْ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا حَلَفَ لِلْأَوَّلِ: وَاَللَّهِ مَا أَعْتَقَهُ فَقَدْ أَقَرَّ بِرِقِّهِ فَيَتَعَيَّنُ الْآخَرُ لِلْحُرِّيَّةِ، كَمَا إذَا قَالَ ابْتِدَاءً لِأَحَدِهِمَا عَيْنًا: هَذَا عَبْدٌ، وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَهُ عَتَقَ هُوَ؛ لِأَنَّهُ بَذَلَ لَهُ الْحُرِّيَّةَ أَوْ أَقَرَّ.
وَإِنْ تَشَاحَّا فِي الْيَمِينِ حَلَفَ لَهُمَا جَمِيعًا بِاَللَّهِ ﷿ مَا أَعْتَقَ وَاحِدًا مِنْهُمَا فَإِنْ حَلَفَ