للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

انْتِفَاعٌ بِطَرِيقِ التَّزَيُّنِ بِمَا يَحْتَمِلُ ذَلِكَ وَلِهَذَا احْتَمَلَ الِاسْتِعْمَالُ فِي سَائِرِ وُجُوهِ الِانْتِفَاعِ فَكَذَا فِي التَّزَيُّنِ.

وَلَا بَأْسَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَعْزِلَ عَنْ أَمَتِهِ بِغَيْرِ إذْنِهَا (وَأَمَّا) الْمَنْكُوحَةُ فَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً يُكْرَهُ لَهُ الْعَزْلُ مِنْ غَيْرِ إذْنِهَا بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ لَهَا فِي الْوَلَدِ حَقًّا وَفِي الْعَزْلِ فَوَّتَ الْوَلَدَ وَلَا يَجُوزُ تَفْوِيتُ حَقِّ الْإِنْسَانِ مِنْ غَيْرِ رِضَاهُ فَإِذَا رَضِيَتْ جَازَ وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِذْنِ أَيْضًا بِلَا خِلَافٍ لَكِنَّ الْكَلَامَ فِي أَنَّ الْإِذْنَ بِذَلِكَ إلَى الْمَوْلَى أَمْ إلَيْهَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْإِذْنُ فِيهَا إلَى مَوْلَاهَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ إلَيْهَا (وَجْهُ) قَوْلِهِمَا أَنَّ لَهَا حَقًّا فِي قَضَاءِ الشَّهْوَةِ وَالْعَزْلُ يُوجِبُ نُقْصَانًا فِيهِ وَلَا يَجُوزُ إبْطَالُ حَقِّ الْإِنْسَانِ مِنْ غَيْرِ رِضَاهُ (وَجْهُ) قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْكَرَاهَةَ فِي الْحُرَّةِ لِمَكَانِ خَوْفِ فَوْتِ الْوَلَدِ الَّذِي لَهَا فِيهِ حَقٌّ وَالْحَقُّ هَهُنَا فِي الْوَلَدِ لِلْمَوْلَى لَا لِلْأَمَةِ وَقَوْلُهُمَا فِيهِ نُقْصَانُ قَضَاءِ الشَّهْوَةِ فَنَعَمْ لَكِنَّ حَقَّهَا فِي أَصْلِ قَضَاءِ الشَّهْوَةِ لَا فِي وَصْفِ الْكَمَالِ أَلَا تَرَى أَنَّ مِنْ الرِّجَالِ مَنْ لَا مَاءَ لَهُ وَهُوَ يُجَامِعُ امْرَأَتَهُ مِنْ غَيْرِ إنْزَالٍ وَلَا يَكُونُ لَهَا حَقُّ الْخُصُومَةِ دَلَّ أَنَّ حَقَّهَا فِي أَصْلِ قَضَاءِ الشَّهْوَةِ لَا فِي وَصْفِ الْكَمَالِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَيُكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَقُولَ فِي دُعَائِهِ أَسْأَلُك بِحَقِّ أَنْبِيَائِك وَرُسُلِك وَبِحَقِّ فُلَانٍ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ عَلَى اللَّهِ جَلَّ شَأْنُهُ وَكَذَا يُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ فِي دُعَائِهِ أَسْأَلُك بِمَعْقِدِ الْعِزِّ مِنْ عَرْشِك وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ لِوُرُودِ الْحَدِيثِ وَهُوَ مَا رُوِيَ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك بِمَعْقِدِ الْعِزِّ مِنْ عَرْشِك وَمُنْتَهَى الرَّحْمَةِ مِنْ كِتَابِك وَبِاسْمِك الْأَعْظَمِ وَجَدِّك الْأَعْلَى وَكَلِمَاتِك التَّامَّةِ» (وَجْهُ) ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ ظَاهِرَ هَذَا اللَّفْظِ يُوهِمُ التَّشْبِيهَ لِأَنَّ الْعَرْشَ خَلْقٌ مِنْ خَلَائِقِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا فَاسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ عِزَّ اللَّهُ مَعْقُودًا بِهِ وَظَاهِرُ الْخَبَرِ الَّذِي هُوَ فِي حَدِّ الْآحَادِ إذَا كَانَ مُوهِمًا لِلتَّشْبِيهِ فَالْكَفُّ عَنْ الْعَمَلِ بِهِ أَسْلَمُ.

وَيُكْرَهُ حَمْلُ الْخِرْقَةِ لِمَسْحِ الْعِرْقِ وَالِامْتِخَاطِ تَرَفُّعًا بِهَا وَتَكَبُّرًا لِأَنَّ التَّكَبُّرَ مِنْ الْمَخْلُوقِ مَذْمُومٌ وَكَذَا هُوَ تَشْبِيهٌ بِزِيِّ الْعَجَمِ وَقَالَ سَيِّدُنَا عُمَرُ إيَّاكُمْ وَزِيَّ الْعَجَمِ فَأَمَّا الْحَاجَةُ فَلَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُحْمَلْ لَاحْتَاجَ إلَى الْأَخْذِ بِالْكَمِّ وَالذَّيْلِ وَفِيهِ إفْسَادُ ثَوْبِهِ.

وَلَا بَأْسَ بِرَبْطِ الْخَيْطِ فِي الْأُصْبُعِ أَوْ الْخَاتَمِ لِلْحَاجَةِ لِأَنَّ فِيهِ اسْتِعَانَةً عَلَى قَضَاءِ حَاجَةِ الْمُسْلِمِ بِالتَّذْكِيرِ وَدَفْعِ النِّسْيَانِ وَأَنَّهُ أَمْرٌ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ وَرُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَمَرَ بَعْضَ الصَّحَابَةِ بِذَلِكَ.

وَيُكْرَهُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ بِالْفَرْجِ فِي الْخَلَاءِ لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ أَنَّهُ قَالَ «إذَا أَتَيْتُمْ الْغَائِطَ فَعَظِّمُوا قِبْلَةَ اللَّهِ فَلَا تَسْتَقْبِلُوهَا وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا» وَهَذَا بِالْمَدِينَةِ.

(وَأَمَّا) الِاسْتِدْبَارُ فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ يُكْرَهُ وَفِي رِوَايَةٍ لَا يُكْرَهُ لِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ سَيِّدِنَا عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ «رَأَى النَّبِيَّ مُسْتَقْبِلَ الشَّامَ مُسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةَ» وَلِأَنَّ فَرْجَهُ لَا يُوَازِي الْقِبْلَةَ حَالَةَ الِاسْتِدْبَارِ وَإِنَّمَا يُوَازِي الْأَرْضَ بِخِلَافِ حَالَةِ الِاسْتِقْبَالِ هَذَا إذَا كَانَ فِي الْفَضَاءِ فَإِنْ كَانَ فِي الْبُيُوتِ فَكَذَلِكَ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ عَلَيْهِ الرَّحْمَةُ لَا بَأْسَ بِالِاسْتِقْبَالِ فِي الْبُيُوتِ وَاحْتَجَّ بِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ سَيِّدِنَا عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إنَّمَا ذَلِكَ فِي الْفَضَاءِ

(وَلَنَا) مَا رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ الْفَضَاءِ وَالْبُيُوتِ وَالْعَمَلُ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ أَوْلَى مِنْ الْعَمَلِ بِقَوْلِ الصَّحَابِيِّ وَلِأَنَّ الْفَارِقَ بَيْنَ الْفَضَاءِ وَبَيْنَ الْبُيُوتِ إنْ كَانَ وُجُودُ الْحَائِلِ مِنْ الْجِدَارِ وَنَحْوِهِ فَقَدْ وُجِدَ الْحَائِلُ فِي الْفَضَاءِ وَهُوَ الْجِبَالُ وَغَيْرُهَا وَلَمْ يَمْنَعْ الْكَرَاهَةَ فَكَذَا هَذَا.

وَيُكْرَهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَةُ الْمَسْجِدِ إلَى مُتَوَضَّأٍ أَوْ مَخْرَجٍ أَوْ حَمَّامٍ لِأَنَّ فِيهِ تَرْكَ تَعْظِيمِ الْمَسْجِدِ وَأَمَّا مَسْجِدُ الْبَيْتِ وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي عَيَّنَهُ صَاحِبُ الْبَيْتِ لِلصَّلَاةِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَسْجِدٍ حَقِيقَةً فَلَا يَكُونُ لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ.

وَتُكْرَهُ التَّصَاوِيرُ فِي الْبُيُوتِ لِمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَنْ سَيِّدِنَا جِبْرِيلَ أَنَّهُ قَالَ «لَا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ أَوْ صُورَةٌ» وَلِأَنَّ إمْسَاكَهَا تَشَبُّهٌ بِعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ إلَّا إذَا كَانَتْ عَلَى الْبُسُطِ أَوْ الْوَسَائِدِ الصِّغَارِ الَّتِي تُلْقَى عَلَى الْأَرْضِ لِيُجْلَسَ عَلَيْهَا فَلَا تُكْرَهُ لِأَنَّ دَوْسَهَا بِالْأَرْجُلِ إهَانَةٌ لَهَا فَإِمْسَاكُهَا فِي مَوْضِعِ الْإِهَانَةِ لَا يَكُونُ تَشَبُّهًا بِعَبَدَةِ الْأَصْنَامِ إلَّا أَنْ يَسْجُدَ عَلَيْهَا فَيُكْرَهُ لِحُصُولِ مَعْنَى التَّشَبُّهِ وَيُكْرَهُ عَلَى السُّتُورِ وَعَلَى الْأُزُرِ الْمَضْرُوبَةِ عَلَى الْحَائِطِ وَعَلَى الْوَسَائِدِ الْكِبَارِ وَعَلَى السَّقْفِ لَمَا فِيهِ مِنْ تَعْظِيمِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>