للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَزْنِ عَشَرَةٍ بِدِينَارٍ وَتَقَابَضَا فَالْبَيْعُ جَائِزٌ، ثُمَّ إنْ وَجَدَهُ عَلَى مَا سَمَّى فَالْأَمْرُ مَاضٍ وَلَا خِيَارَ، وَإِنْ وَجَدَ وَزْنَهُ أَزْيَدَ بِأَنْ كَانَ مِائَةً وَخَمْسِينَ؛ نُظِرَ فِي ذَلِكَ إنْ عَلِمَ ذَلِكَ قَبْلَ التَّفَرُّقِ فَلَهُ الْخِيَارُ: إنْ شَاءَ زَادَ فِي الثَّمَنِ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ وَأَخَذَ كُلَّهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ؛ لِأَنَّ سَاعَاتِ الْمَجْلِسِ لَهَا حُكْمُ سَاعَةِ الْعَقْدِ، وَإِنْ عَلِمَ بَعْدَ التَّفَرُّقِ بَطَلَ الْبَيْعُ فِي ثُلُثِ الْمَصُوغِ لِانْعِدَامِ التَّقَابُضِ فِيهِ وَلَهُ الْخِيَارُ فِي الْبَاقِي: إنْ شَاءَ رَضِيَ بِهِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ الْكُلَّ وَاسْتَرَدَّ الدَّنَانِيرَ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ فِي الْأَعْيَانِ عَيْبٌ وَإِنْ وَجَدَ وَزْنَهُ خَمْسِينَ وَعَلِمَ ذَلِكَ قَبْلَ التَّفَرُّقِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَهُ الْخِيَارُ: إنْ شَاءَ رَدَّهُ، وَإِنْ شَاءَ رَضِيَ بِهِ وَاسْتَرَدَّ مِنْ الثَّمَنِ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ مَصُوغًا مِنْ ذَهَبٍ بِدَرَاهِمَ فَهُوَ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ وَلَوْ بَاعَ مَصُوغًا مِنْ الْفِضَّةِ بِجِنْسِهَا أَوْ بَاعَ مَصُوغًا مِنْ الذَّهَبِ بِجِنْسِهِ مِثْلَ وَزْنِهِ عَلَى أَنَّ وَزْنَهُ مِائَةٌ بِمِائَةٍ ثُمَّ وَجَدَهُ أَزْيَدَ مِمَّا سَمَّى فَإِنْ عَلِمَ بِالزِّيَادَةِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ؛ فَلَهُ الْخِيَارُ: إنْ شَاءَ زَادَ فِي الثَّمَنِ قَدْرَ وَزْنِ الزِّيَادَةِ وَأَخَذَ الْكُلَّ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ؛ لِأَنَّ الْمَجْلِسَ لَهُ حُكْمُ حَالَةِ الْعَقْدِ، وَإِنْ عَلِمَ بِهَا بَعْدَ التَّفَرُّقِ بَطَلَ الْبَيْعُ فِي الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّ التَّقَابُضَ شَرْطُ بَقَاءِ الصَّرْفِ عَلَى الصِّحَّةِ وَلَمْ يُوجَدْ فِي قَدْرِ الزِّيَادَةِ وَإِنْ وَجَدَ أَقَلَّ مِمَّا سَمَّى فَلَهُ الْخِيَارُ: إنْ شَاءَ رَضِيَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَاسْتَرَدَّ فَضْلَ الثَّمَنِ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ الْكُلَّ وَاسْتَرَدَّ جَمِيعَ الثَّمَنِ سَوَاءٌ سَمَّى الْجُمْلَةَ أَوْ سَمَّى لِكُلِّ وَزْنِ دِرْهَمًا دِرْهَمًا؛ لِأَنَّ عِنْدَ اتِّحَادِ الْوَزْنِ وَالْجِنْسِ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ إلَّا سَوَاءً بِسَوَاءٍ فَصَارَ كَأَنَّهُ سَمَّى ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ حَقِيقَةً إلَّا الْجُمْلَةَ.

(وَأَمَّا) الْعَدَدِيَّاتُ الْمُتَفَاوِتَةُ كَالْغَنَمِ وَالْعَبِيدِ وَنَحْوِهَا بِأَنْ قَالَ: بِعْتُ مِنْكَ هَذَا الْقَطِيعَ مِنْ الْغَنَمِ عَلَى أَنَّهَا مِائَةُ شَاةٍ بِكَذَا فَإِنْ وَجَدَهُ عَلَى مَا سَمَّى؛ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ، وَإِنْ وَجَدَهُ أَزْيَدَ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ فِي الْكُلِّ سَوَاءٌ ذَكَرَ لِلْكُلِّ ثَمَنًا وَاحِدًا بِأَنْ قَالَ: بِعْتُ مِنْكَ هَذَا الْقَطِيعَ عَلَى أَنَّهَا مِائَةُ شَاةٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ ذَكَرَ لِكُلِّ شَاةٍ فِيهَا ثَمَنًا عَلَى حِدَةٍ بِأَنْ قَالَ: كُلُّ شَاةٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّ كُلَّ شَاةٍ أَصْلٌ فِي كَوْنِهَا مَعْقُودًا عَلَيْهَا وَالزِّيَادَةُ لَمْ تَدْخُلْ تَحْتَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَابِلُهَا ثَمَنٌ؛ فَلَمْ تَكُنْ مَبِيعَةً وَهِيَ مَجْهُولَةٌ فَكَانَ الْبَاقِي مَجْهُولًا ضَرُورَةَ جَهَالَةِ الزِّيَادَةِ فَيَصِيرُ بَائِعًا مِائَةَ شَاةٍ مِنْ مِائَةِ شَاةٍ وَوَاحِدَةٍ فَكَانَ الْمَبِيعُ مَجْهُولًا، وَجَهَالَةُ الْمَبِيعِ تَمْنَعُ صِحَّةَ الْبَيْعِ سَمَّى لَهُ ثَمَنًا أَوْ لَمْ يُسَمِّ.

وَإِنْ وَجَدَهُ أَقَلَّ مِمَّا سَمَّى: فَإِنْ كَانَ لَمْ يُسَمِّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا ثَمَنًا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ مَجْهُولٌ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى طَرْحِ ثَمَنِ شَاةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ جُمْلَةِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَهُوَ مَجْهُولُ التَّفَاوُتِ فَاحِشٌ بَيْنَ شَاةٍ وَشَاةٍ فَصَارَ ثَمَنُ الْبَاقِي مَجْهُولًا ضَرُورَةَ جَهَالَةِ حِصَّةِ الشَّاةِ النَّاقِصَةِ، وَإِنْ سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا ثَمَنًا عَلَى حِدَةٍ؛ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ بِحِصَّةِ الْبَاقِي مِنْهَا؛ لِأَنَّ حِصَّتَهُ الزَّائِدَةَ مَعْلُومَةٌ وَحِصَّةُ الْبَاقِي مَعْلُومَةٌ فَالْفَسَادُ مِنْ أَيْنَ؟ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: هَذَا مَذْهَبُهُمَا، فَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَيْهِ الرَّحْمَةُ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ فِي الْكُلِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَذْهَبَ عِنْدَهُ أَنَّ الصَّفْقَةَ إذَا أُضِيفَتْ إلَى مَا يَحْتَمِلُ الْعَقْدَ وَإِلَى مَا لَا يَحْتَمِلُهُ؛ فَالْفَسَادُ يَشِيعُ فِي الْكُلِّ، وَأَكْثَرُ أَصْحَابِنَا عَلَى أَنَّ هَذَا بِلَا خِلَافٍ وَهَكَذَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ وَلَمْ يُذْكَرْ الْخِلَافُ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ الْمُضَافَ إلَى مَوْجُودٍ يَجُوزُ أَنْ يَفْسُدَ لِمَعْنًى يُوجِبُ الْفَسَادَ ثُمَّ يَتَعَدَّى الْفَسَادُ إلَى غَيْرِهِ.

وَأَمَّا الْمَعْدُومُ فَلَا يَحْتَمِلُ الْعَقْدَ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ فَلَا يُوصَفُ الْعَقْدُ الْمُضَافُ إلَيْهِ بِالْفَسَادِ لِيَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ، بَلْ لَمْ تَصِحَّ الْإِضَافَةُ إلَيْهِ فَيَبْقَى مُضَافًا إلَى الْمَوْجُودِ فَيَصِحَّ لَكِنْ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْبَاقِيَ بِمَا سَمَّى مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ وَعَلَى هَذَا جَمِيعُ الْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَفَاوِتَةِ وَلَوْ قَالَ: بِعْتُ مِنْكَ هَذَا الْقَطِيعَ مِنْ الْغَنَمِ عَلَى أَنَّهَا مِائَةٌ، كُلُّ شَاتَيْنِ مِنْهَا بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ.

وَإِنْ وَجَدَهُ عَلَى مَا سَمَّى؛ لِأَنَّ ثَمَنَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الشَّاتَيْنِ مَجْهُولٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ حِصَّةَ كُلِّ شَاةٍ مِنْهَا مِنْ الثَّمَنِ إلَّا بَعْدَ ضَمِّ شَاةٍ أُخْرَى إلَيْهَا وَلَا يَعْلَمُ أَيَّةَ شَاةٍ يَضُمُّ إلَيْهَا لِيَعْلَمَ حِصَّتَهَا؛ لِأَنَّهُ إنْ ضَمَّ إلَيْهَا أَرْدَأَ مِنْهَا كَانَتْ حِصَّتُهَا أَكْثَرَ وَإِنْ ضَمَّ إلَيْهَا أَجْوَدَ مِنْهَا كَانَتْ حِصَّتُهَا أَقَلَّ لِذَلِكَ فَسَدَ الْبَيْعُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَعَلَى هَذَا يُخَرَّجُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فِيمَنْ بَاعَ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ مِنْ مِائَةِ ذِرَاعٍ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ أَوْ مِنْ هَذَا الْحَمَّامِ أَوْ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ أَنَّ الْبَيْعَ فَاسِدٌ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: جَائِزٌ وَلَوْ بَاعَ عَشَرَةَ أَسْهُمٍ مِنْ مِائَةِ سَهْمٍ؛ جَازَ بِالْإِجْمَاعِ وَالْكَلَامُ فِيهِ يَرْجِعُ إلَى مَعْرِفَةِ مَعْنَى الذِّرَاعِ فَقَالَا: إنَّهُ اسْمٌ فِي الْعُرْفِ لِلسَّهْمِ الشَّائِعِ وَلَوْ بَاعَ عَشَرَةَ أَسْهُمٍ مِنْ مِائَةِ سَهْمٍ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ؛ جَازَ فَكَذَا هَذَا وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ: الذِّرَاعُ فِي الْحَقِيقَةِ اسْمٌ لِمَا يُذْرَعُ بِهِ وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْمَذْرُوعُ ذِرَاعًا مَجَازًا إطْلَاقًا لِاسْمِ الْفِعْلِ عَلَى الْمَفْعُولِ.

فَكَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>