للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ وَضْعَ الْحَمْلِ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى فَرَاغِ رَحِمِهَا فَوْقَ الْحَيْضَةِ، فَإِذَا وَضَعَتْ حَمْلَهَا حَلَّ لَهُ أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِهَا فِيمَا سِوَى الْجِمَاعِ مَا دَامَتْ فِي نِفَاسِهَا كَمَا فِي الْحَائِضِ فَإِنْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا قَبْلَ الْقَبْضِ ثُمَّ قَبَضَهَا لَا يَطَؤُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا، وَلَا يَجْتَزِئُ بِوَضْعِ الْحَمْلِ قَبْلَ الْقَبْضِ كَمَا يَجْتَزِئُ بِالْحَيْضَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَعَلَى قِيَاسِ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ يَجْتَزِئُ بِهِ كَمَا يَجْتَزِئُ بِالْحَيْضَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَاَللَّهُ ﷿ أَعْلَمُ ثُمَّ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ لِلْبَيْعِ وَمَا يَجْرِي مَجْرَى التَّوَابِعِ لِلْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ كَمَا يَثْبُتُ فِي الْمَبِيعِ يَثْبُتُ فِي زَوَائِدِ الْمَبِيعِ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَثْبُتُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي الزَّوَائِدِ، وَالْكَلَامُ فِيهِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلٍ، وَهُوَ أَنَّ زَوَائِدَ الْمَبِيعِ مَبِيعَةٌ عِنْدَنَا سَوَاءٌ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً أَوْ مُتَّصِلَةً مُتَوَلِّدَةً مِنْ الْأَصْلِ، أَوْ غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ مِنْهُ إلَّا الْهِبَةَ، وَالصَّدَقَةَ وَالْكَسْبَ وَعِنْدَهُ لَيْسَتْ بِمَبِيعَةٍ أَصْلًا وَإِنَّمَا تُمْلَكُ بِمِلْكِ الْأَصْلِ لَا بِالْبَيْعِ السَّابِقِ (وَجْهُ) قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي إثْبَاتِ هَذَا الْأَصْلِ أَنَّ الْمَبِيعَ مَا أُضِيفَ إلَيْهِ الْبَيْعُ، وَلَمْ تُوجَدْ الْإِضَافَةُ إلَى الزَّوَائِدِ لِكَوْنِهَا مُنْعَدِمَةً عِنْدَ الْبَيْعِ، فَلَا يَكُونُ مَبِيعَةً، وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ الْكَسْبُ مَبِيعًا وَلِأَنَّ الْمَبِيعَ مَا يُقَابِلُهُ ثَمَنٌ إذْ الْبَيْعُ مُقَابَلَةُ الْمَبِيعِ بِالثَّمَنِ.

وَالزِّيَادَةُ لَا يُقَابِلُهَا ثَمَنٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ الثَّمَنِ مُقَابَلٌ بِالْأَصْلِ، فَلَمْ تَكُنْ مَبِيعَةً كَالْكَسْبِ، وَلِهَذَا لَمْ تَجُزْ الزِّيَادَةُ عِنْدَهُ فِي الْمَبِيعِ، وَالثَّمَنِ.

(وَلَنَا) أَنَّ الْمَبِيعَ مَا يَثْبُتُ فِيهِ الْحُكْمُ الْأَصْلِيُّ لِلْبَيْعِ وَالْحُكْمُ الْأَصْلِيُّ لِلْبَيْعِ يَثْبُتُ فِي الزَّوَائِدِ بِالْبَيْعِ السَّابِقِ فَكَانَتْ مَبِيعَةً وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الْحُكْمَ الْأَصْلِيَّ لِلْبَيْعِ هُوَ الْمِلْكُ، وَالزَّوَائِدُ مَمْلُوكَةٌ بِلَا خِلَافٍ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ بِالْبَيْعِ السَّابِقِ أَنَّ الْبَيْعَ السَّابِقَ أَوْجَبَ الْمِلْكَ فِي الْأَصْلِ وَمَتَى ثَبَتَ الْمِلْكُ فِي الْأَصْلِ ثَبَتَ فِي التَّبَعِ فَكَانَ مِلْكُ الزِّيَادَةِ بِوَاسِطَةِ مِلْكِ الْأَصْلِ مُضَافًا إلَى الْبَيْعِ السَّابِقِ، فَكَانَتْ الزِّيَادَةُ مَبِيعَةً وَلَكِنْ تَبَعًا لِثُبُوتِ الْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ فِيهَا تَبَعًا.

وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ مَسَائِلُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الشَّافِعِيِّ (مِنْهَا) أَنَّ لِلْبَائِعِ حَقَّ حَبْسِ الزَّوَائِدِ لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ كَمَا لَهُ حَقُّ حَبْسِ الْأَصْلِ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ الزَّوَائِدَ.

(وَمِنْهَا) أَنَّ الْبَائِعَ إذَا أَتْلَفَ الزِّيَادَةَ سَقَطَتْ حِصَّتُهَا مِنْ الثَّمَنِ عَنْ الْمُشْتَرِي عِنْدَنَا، كَمَا لَوْ أَتْلَفَ جُزْءًا مِنْ الْمَبِيعِ، وَعِنْدَهُ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ وَعَلَيْهِ ضَمَانُهَا كَمَا لَوْ أَتْلَفَهَا أَجْنَبِيٌّ وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَثْبُتُ عَلَى مَا مَرَّ، وَكَذَا إذَا أَتْلَفَ الْأَرْشَ أَوْ الْعُقْرَ قَبْلَ الْقَبْضِ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ الْجُزْءِ الْفَائِتِ فَكَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْجُزْءِ وَلَوْ هَلَكَتْ الزِّيَادَةُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ كَانَتْ مَبِيعَةً عِنْدَنَا؛ لِأَنَّهَا مَبِيعَةٌ تَبَعًا بِمَنْزِلَةِ أَطْرَافِ الْأُمِّ لَا مَقْصُودًا وَالْأَطْرَافُ كَالْأَوْصَافِ لَا يُقَابِلُهَا شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ إلَّا أَنْ تَصِيرَ مَقْصُودَةً بِالْفِعْلِ مِنْ الْقَبْضِ أَوْ الْجِنَايَةِ وَلَمْ يُوجَدْ وَلَا خِيَارُ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ لَمْ تَتَفَرَّقْ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْعَقْدَ مَا أُضِيفَ إلَيْهَا وَإِنَّمَا يَثْبُتُ حُكْمُ الْعَقْدِ فِيهَا تَبَعًا فَلَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ إلَّا فِي وَلَدِ الْجَارِيَةِ إذَا هَلَكَ قَبْلَ الْقَبْضِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، فَإِنَّهُ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي لَا لِهَلَاكِ الزِّيَادَةِ بَلْ لِحُدُوثِ نُقْصَانٍ فِي الْأُمِّ بِسَبَبِ الْوِلَادَةِ وَكَذَا لَا خِيَارَ بِحُدُوثِ زِيَادَةِ مَا قَبْلَ الْقَبْضِ إلَّا فِي وَلَدِ الْجَارِيَةِ لِأَجْلِ نُقْصَانِ الْأُمِّ بِالْوِلَادَةِ لَا لِحُدُوثِ الزِّيَادَةِ.

(وَمِنْهَا) أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا قَبَضَ الزَّوَائِدَ يَصِيرُ لَهَا حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ بِالْقَبْضِ عِنْدَنَا، فَيُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الْأَصْلِ يَوْمَ الْعَقْدِ، وَعَلَى قِيمَةِ الزِّيَادَةِ يَوْمَ الْقَبْضِ حَتَّى لَوْ اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ بِالْأَصْلِ فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ لَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ عِنْدَنَا، وَعِنْدَهُ لَا حِصَّةَ لِلزِّيَادَةِ مِنْ الثَّمَنِ بِحَالٍ، وَعِنْدَ ظُهُورِ الْعَيْبِ بِالْأَصْلِ يُرَدُّ بِكُلِّ الثَّمَنِ وَلَا يَكُونُ بِإِزَاءِ الزِّيَادَةِ شَيْءٌ، وَكَذَا إذَا وَجَدَ بِالزِّيَادَةِ عَيْبًا يَرُدُّهَا بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ، وَعِنْدَهُ لَا يَرُدُّهَا بِالْعَيْبِ أَصْلًا وَكَذَا الْمُشْتَرِي إذَا أَتْلَفَ الزِّيَادَةَ قَبْلَ الْقَبْضِ يَصِيرُ لَهَا حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّهُ صَارَ قَابِضًا لَهُ بِالْإِتْلَافِ، وَبِالْقَبْضِ يَصِيرُ لَهَا حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَعِنْدَهُ: لَا حِصَّةَ لَهَا مِنْ الثَّمَنِ بِحَالٍ، وَلَوْ هَلَكَ الْأَصْلُ وَبَقِيَتْ الزِّيَادَةُ يَبْقَى الْعَقْدُ فِي قَدْرِ الزِّيَادَةِ عِنْدَنَا، وَيَصِيرُ لَهَا حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ فَيَنْقَسِمُ الثَّمَنُ عَلَى الْأَصْلِ يَوْمَ الْعَقْدِ وَعَلَى الزِّيَادَةِ يَوْمَ الْهَلَاكِ فَيَبْطُلُ مِلْكُ الثَّمَنِ بِقَدْرِ قِيمَةِ الْأَصْلِ وَيَبْقَى بِحِصَّةِ الزِّيَادَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا هَلَكَ قَبْلَ حُدُوثِ الزِّيَادَةِ حَيْثُ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ أَصْلًا وَرَأْسًا، وَيَسْقُطُ كُلُّ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ لَا فَائِدَةَ فِي بَقَاءِ الْعَقْدِ إذْ لَوْ بَقِيَ لَطَلَبَ الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ فَيَطْلُبُ الْمُشْتَرِي مِنْهُ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ وَلَا يُمْكِنُهُ تَسْلِيمُهُ فَيَنْفَسِخُ ضَرُورَةً؛ لِانْعِدَامِ فَائِدَةِ الْبَقَاءِ، وَإِذَا بَقِيَتْ الزِّيَادَةُ كَانَ فِي بَقَاءِ الْعَقْدِ فِي الزِّيَادَةِ فَائِدَةٌ لِإِمْكَانِ تَسْلِيمِهَا فَبَقِيَ الْعَقْدُ فِيهَا وَصَارَ لَهَا حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ فَيَنْقَسِمُ عَلَى الْأَصْلِ وَالزِّيَادَةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَعِنْدَهُ إذَا هَلَكَ الْأَصْلُ انْفَسَخَ الْعَقْدُ أَصْلًا وَرَأْسًا.

(وَمِنْهَا)

<<  <  ج: ص:  >  >>