للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدُّخُولِ أَنَّهَا هَلْ تَمْنَعُ التَّنْصِيفَ؟ عِنْدَهُمَا تَمْنَعُ، وَعَلَيْهَا نِصْفُ الْقِيمَةِ يَوْمَ قَبَضَتْ، وَعِنْدَهُ لَا تَمْنَعُ وَنَذْكُرُ الْمَسْأَلَةَ فِي النِّكَاحِ وَإِنْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ مِنْ الْأَصْلِ تَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْإِجْمَاعِ وَيَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَوْ رَدَّ الْأَصْلَ فَإِمَّا أَنْ يَرُدَّهُ وَحْدَهُ وَإِمَّا أَنْ يَرُدَّهُ مَعَ الزِّيَادَةِ، وَالرَّدُّ وَحْدَهُ لَا يُمْكِنُ وَالزِّيَادَةُ لَيْسَتْ بِتَابِعَةٍ فِي الْعَقْدِ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَجْعَلَهَا تَابِعَةً فِي الْفَسْخِ إلَّا إذَا تَرَاضَيَا عَلَى الرَّدِّ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِمَنْزِلَةِ بَيْعٍ جَدِيدٍ وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُنْفَصِلَةً مُتَوَلِّدَةً مِنْ الْأَصْلِ فَإِنَّهَا تَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا تَمْنَعُ، وَيَرُدُّ الْأَصْلَ بِدُونِ الزِّيَادَةِ وَكَذَلِكَ هَذِهِ الزِّيَادَةُ تَمْنَعُ الْفَسْخَ عِنْدَنَا مِنْ الْإِقَالَةِ، وَالرَّدُّ بِخِيَارِ الشَّرْطِ وَخِيَارِ الرُّؤْيَةِ، وَالْكَلَامُ فِيهِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلٍ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ أَنَّ الزِّيَادَةَ عِنْدَنَا مَبِيعَةٌ تَبَعًا لِثُبُوتِ حُكْمِ الْأَصْلِ فِيهِ تَبَعًا، وَبِالرَّدِّ بِدُونِ الزِّيَادَةِ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فِي الْأَصْلِ مَقْصُودًا وَتَبْقَى الزِّيَادَةُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي مَبِيعًا مَقْصُودًا بِلَا ثَمَنٍ لِيَسْتَحِقَّ بِالْبَيْعِ، وَهَذَا تَفْسِيرُ الرِّبَا فِي عُرْفِ الشَّرْعِ.

بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُرَدُّ بِدُونِ الْأَصْلِ أَيْضًا احْتِرَازًا عَنْ الرِّبَا بَلْ تُرَدُّ مَعَ الْأَصْلِ، وَرَدُّهَا مَعَ الْأَصْلِ لَا يَتَضَمَّنُ الرِّبَا ثُمَّ إنَّمَا لَا يُرَدُّ الْأَصْلُ مَعَ الزِّيَادَةِ هَهُنَا وَرُدَّ هُنَاكَ، أَمَّا امْتِنَاعُ رَدِّ الْأَصْلِ بِدُونِ الزِّيَادَةِ فَلِمَا قُلْنَا إنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الرِّبَا (وَأَمَّا) رَدُّهُ مَعَ الزِّيَادَةِ فَلِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ التَّابِعُ بَعْدَ الرَّدِّ رِبْحَ مَا لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فِي الزِّيَادَةِ، وَيَعُودُ إلَى الْبَائِعِ وَلَمْ يَصِلْ إلَى الْمُشْتَرِي بِمُقَابَلَةِ شَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ فِي الْفَسْخِ؛ لِأَنَّهُ لَا حِصَّةَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ فَكَانَ الْوَلَدُ لِلْبَائِعِ رِبْحَ مَا لَمْ يُضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي فَأَمَّا الْوَلَدُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَقَدْ حَصَلَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ فَلَوْ انْفَسَخَ الْعَقْدُ فِيهِ لَا يَكُونُ رِبْحَ مَا لَمْ يُضْمَنْ بَلْ رِبْحَ مَا ضُمِنَ وَإِنْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ مِنْ الْأَصْلِ لَا يَمْتَنِعُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَيُرَدُّ الْأَصْلُ عَلَى الْبَائِعِ وَالزِّيَادَةُ لِلْمُشْتَرِي طَيِّبَةٌ لَهُ؛ لِمَا مَرَّ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لَيْسَتْ بِمَبِيعَةٍ أَصْلًا لِانْعِدَامِ ثُبُوتِ حُكْمِ الْبَيْعِ فِيهَا بَلْ مُلِكَتْ بِسَبَبٍ عَلَى حِدَةٍ فَأَمْكَنَ إثْبَاتُ حُكْمِ الْفَسْخِ فِيهِ بِدُونِ الزِّيَادَةِ فَيُرَدُّ الْأَصْلُ وَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فِيهِ وَتَبْقَى الزِّيَادَةُ مَمْلُوكَةً لِلْمُشْتَرِي بِوُجُودِ سَبَبِ الْمِلْكِ فِيهَا شَرْعًا، فَتَطِيبُ لَهُ.

هَذَا إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ قَائِمَةً فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَأَمَّا إذَا كَانَتْ هَالِكَةً فَهَلَاكُهَا لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ: فَإِنْ كَانَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْأَصْلَ بِالْعَيْبِ وَتُجْعَلُ الزِّيَادَةُ كَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ، وَإِنْ كَانَ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي فَالْبَائِعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَبِلَ وَرَدَّ جَمِيعَ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَقْبَلْ وَيَرُدَّ نُقْصَانَ الْعَيْبِ، سَوَاءٌ كَانَ حُدُوثُ ذَلِكَ أَوْجَبَ نُقْصَانًا فِي الْأَصْلِ أَوْ لَمْ يُوجِبْ نُقْصَانًا فِيهِ؛ لِأَنَّ إتْلَافَ الزِّيَادَةِ بِمَنْزِلَةِ إتْلَافِ جُزْءٍ مُتَّصِلٍ بِالْأَصْلِ لِكَوْنِهَا مُتَوَلِّدَةً مِنْ الْأَصْلِ، وَذَا يُوجِبُ الْخِيَارَ لِلْبَائِعِ وَإِنْ كَانَ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ ضَمَانُ الزِّيَادَةِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ فَيَقُومُ الضَّمَانُ مَقَامَ الْعَيْنِ فَكَأَنَّ عَيْنَهُ قَائِمَةٌ فَيَمْتَنِعُ الرَّدُّ وَيَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ، وَاَللَّهُ ﷿ أَعْلَمُ.

(وَأَمَّا) بَيَانُ مَا يُفْسَخُ بِهِ الْعَقْدُ فَالْكَلَامُ هَهُنَا يَقَعُ فِي مَوْضِعَيْنِ: أَحَدُهُمَا فِي بَيَانِ مَا يَنْفَسِخُ بِهِ، وَالثَّانِي فِي بَيَانِ شَرَائِطِ جَوَازِ الْفَسْخِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَنَوْعَانِ: اخْتِيَارِيٌّ وَضَرُورِيٌّ، فَالِاخْتِيَارِيُّ نَحْوُ قَوْلِهِ فَسَخْتُهُ أَوْ نَقَضْتُهُ أَوْ رَدَدْته وَمَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ، وَالضَّرُورِيُّ هَلَاكُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ قَبْلَ الْقَبْضِ.

(وَأَمَّا) شَرَائِطُ جَوَازِ الْفَسْخِ فَمِنْهَا سُقُوطُ الْخِيَارِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَلْزَمُ بِسُقُوطِ الْخِيَارِ فَيَخْرُجُ عَنْ احْتِمَالِ الْفَسْخِ وَمِنْهَا عِلْمُ صَاحِبِهِ بِالْفَسْخِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَصْحَابِنَا سَوَاءٌ كَانَ بَعْدَ الْقَضَاءِ أَوْ قَبْلَهُ بِخِلَافِ خِيَارِ الشَّرْطِ وَالرُّؤْيَةِ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ لَهُ الْقَضَاءُ أَوْ الرِّضَا؟ إنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يُشْتَرَطُ لَهُ قَضَاءُ الْقَاضِي وَلَا رِضَا الْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ يُشْتَرَطُ لَهُ الْقَضَاءُ أَوْ الرِّضَا، وَقَدْ ذَكَرْنَا الْفَرْقَ فِيمَا تَقَدَّمَ وَمِنْهَا أَنْ لَا يَتَضَمَّنَ الْفَسْخُ تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ عَلَى الْبَائِعِ قَبْلَ التَّمَامِ فَإِنْ تَضَمَّنَ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَرْضَى بِهِ الْبَائِعُ؛ لِأَنَّ تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ عَلَى الْبَائِعِ قَبْلَ التَّمَامِ إضْرَارٌ بِهِ عَلَى مَا نَذْكُرُ، وَالضَّرَرُ وَاجِبُ الدَّفْعِ مَا أَمْكَنَ إلَّا أَنْ يَرْضَى بِهِ الْبَائِعُ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ الْمَرْضِيَّ بِهِ مِنْ جِهَةِ الْمُتَضَرِّرِ وَلَا يَجِبُ دَفْعُهُ.

وَعَلَى هَذَا يُخَرَّجُ مَا إذَا وَجَدَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ مَعِيبًا فَأَرَادَ رَدَّ بَعْضِهِ دُونَ بَعْضٍ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَجُمْلَةُ الْكَلَامِ فِيهِ أَنَّ الْمَبِيعَ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ شَيْئًا وَاحِدًا حَقِيقَةً وَتَقْدِيرًا؛ كَالْعَبْدِ وَالثَّوْبِ وَالدَّارِ وَالْكَرْمِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْمَعْدُودِ الْمُتَقَارِبِ فِي وِعَاءٍ وَاحِدٍ أَوْ صُبْرَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَشْيَاءَ مُتَعَدِّدَةً كَالْعَبْدَيْنِ وَالثَّوْبَيْنِ وَالدَّابَّتَيْنِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْمَعْدُودِ فِي وِعَاءَيْنِ أَوْ صُبْرَتَيْنِ وَكُلِّ شَيْئَيْنِ يُنْتَفَعُ بِأَحَدِهِمَا فِيمَا وُضِعَ لَهُ بِدُونِ الْآخَرِ (وَإِمَّا) أَنْ يَكُونَ شَيْئَيْنِ حَقِيقَةً وَشَيْئًا وَاحِدًا تَقْدِيرًا كَالْخُفَّيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ وَالْمُكَعَّبَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>