للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِنَّهَا لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ لِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ تَابِعَةٌ لِلْأَصْلِ حَقِيقَةً لِقِيَامِهَا بِالْأَصْلِ فَكَانَتْ مَبِيعَةً تَبَعًا، وَالْأَصْلُ أَنَّ مَا كَانَ تَابِعًا فِي الْعَقْدِ يَكُونُ تَابِعًا فِي الْفَسْخِ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ رَفَعَ الْعَقْدَ فَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فِي الْأَصْلِ بِالْفَسْخِ فِيهِ مَقْصُودًا، وَيَنْفَسِخُ فِي الزِّيَادَةِ تَبَعًا لِلِانْفِسَاخِ فِي الْأَصْلِ وَإِنْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ مِنْ الْأَصْلِ فَإِنَّهَا تَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لَيْسَتْ بِتَابِعَةٍ بَلْ هِيَ أَصْلٌ بِنَفْسِهَا، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ حُكْمُ الْبَيْعِ فِيهَا أَصْلًا وَرَأْسًا؟ فَلَوْ رَدَّ الْمَبِيعَ لَكَانَ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَرُدَّهُ وَحْدَهُ بِدُونِ الزِّيَادَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَرُدَّهُ مَعَ الزِّيَادَةِ لَا سَبِيلَ إلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَذَّرٌ لِتَعَذُّرِ الْفَصْلِ وَلَا سَبِيلَ إلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَيْسَتْ بِتَابِعَةٍ فِي الْعَقْدِ فَلَا تَكُونُ تَابِعَةً فِي الْفَسْخِ وَلِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ صَارَ قَابِضًا لِلْمَبِيعِ بِإِحْدَاثِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ فَصَارَ كَأَنَّهَا حَدَثَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَحُدُوثُهَا بَعْدَ الْقَبْضِ يَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ، وَاَللَّهُ ﷿ أَعْلَمُ.

وَإِنْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً مُتَوَلِّدَةً مِنْ الْأَصْلِ لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ فَإِنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي رَدَّهُمَا جَمِيعًا، وَإِنْ شَاءَ رَضِيَ بِهِمَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَ الْقَبْضِ عِنْدَنَا أَنَّهَا تَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ، وَسَنَذْكُرُ الْفَرْقَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَوْ لَمْ يَجِدْ بِالْأَصْلِ عَيْبًا وَلَكِنْ وَجَدَ بِالزِّيَادَةِ عَيْبًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ قَبْلَ الْقَبْضِ مَبِيعَةٌ تَبَعًا، وَالْمَبِيعُ تَبَعًا لَا يُحْتَمَلُ فَسْخُ الْعَقْدِ فِيهِ مَقْصُودًا إلَّا إذَا كَانَ حُدُوثُ هَذِهِ الزِّيَادَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ مِمَّا يُوجِبُ نُقْصَانًا فِي الْمَبِيعِ كَوَلَدِ الْجَارِيَةِ فَلَهُ خِيَارُ الرَّدِّ لَكِنْ لَا لِلزِّيَادَةِ بَلْ لِلنُّقْصَانِ.

وَلَوْ قَبَضَ الْأَصْلَ وَالزِّيَادَةَ جَمِيعًا ثُمَّ وَجَدَ بِالْأَصْلِ عَيْبًا لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ خَاصَّةً بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ بَعْدَمَا قَسَّمَ الثَّمَنَ عَلَى قَدْرِ الْأَصْلِ وَقْتَ الْبَيْعِ وَعَلَى قِيمَةِ الزِّيَادَةِ وَقْتَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ إنَّمَا تَأْخُذُ قِسْطًا مِنْ الثَّمَنِ بِالْقَبْضِ، كَذَلِكَ يُعْتَبَرُ قَبْضُهَا وَقْتَ الْقَبْضِ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ بِالْأَصْلِ عَيْبًا وَلَكِنَّهُ وَجَدَ بِالزِّيَادَةِ عَيْبًا فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا خَاصَّةً بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ لَهَا حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ بِالْقَبْضِ فَيَرُدُّهَا بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُنْفَصِلَةً مِنْ الْأَصْلِ فَإِنَّهَا لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لَيْسَتْ بِمَبِيعَةٍ لِانْعِدَامِ ثُبُوتِ حُكْمِ الْبَيْعِ فِيهَا، وَإِنَّمَا هِيَ مَمْلُوكَةٌ بِسَبَبٍ عَلَى حِدَةٍ أَوْ بِمِلْكِ الْأَصْلِ فَبِالرَّدِّ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فِي الْأَصْلِ وَتَبْقَى الزِّيَادَةُ مَمْلُوكَةً بِوُجُودِ سَبَبِ الْمِلْكِ فِيهِ مَقْصُودًا أَوْ بِمِلْكِ الْأَصْلِ لَا بِالْبَيْعِ فَكَانَتْ رِبْحًا لَا رِبًا لِاخْتِصَاصِ الرِّبَا بِالْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ فَضْلُ مَالٍ قُصِدَ اسْتِحْقَاقُهُ بِالْبَيْعِ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ، وَلَمْ يُوجَدْ ثُمَّ إذَا رَدَّ الْأَصْلَ فَالزِّيَادَةُ تَكُونُ لِلْمُشْتَرِي بِغَيْرِ ثَمَنٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَكِنَّهَا لَا تَطِيبُ لَهُ؛ لِأَنَّهَا حَدَثَتْ عَلَى مِلْكِهِ إلَّا أَنَّهَا رِبْحٌ مَا لَمْ يَضْمَنْ فَلَا تَطِيبُ.

وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ الزِّيَادَةُ تَكُونُ لِلْبَائِعِ لَكِنَّهَا لَا تَطِيبُ لَهُ وَهَذَا إذَا اخْتَارَ الْمُشْتَرِي الرَّدَّ بِالْعَيْبِ فَإِنْ رَضِيَ بِالْعَيْبِ وَاخْتَارَ الْبَيْعَ فَالزِّيَادَةُ لَا تَطِيبُ لَهُ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّهَا رِبْحٌ مَا لَمْ يَضْمَنْ وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ عَنْ ذَلِكَ، وَلِأَنَّهَا زِيَادَةٌ لَا يُقَابِلُهَا عِوَضٌ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ وَأَنَّهُ تَفْسِيرُ الرِّبَا وَلَوْ قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ مَعَ هَذِهِ الزِّيَادَةِ ثُمَّ وَجَدَ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا: فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ هَالِكَةً لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْمَبِيعَ خَاصَّةً بِجَمِيعِ الثَّمَنِ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَكَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ يَرُدُّ مَعَهُ الزِّيَادَةَ.

(وَجْهُ) قَوْلِهِمَا أَنَّ هَذِهِ زِيَادَةٌ حَدَثَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ فَيَرُدُّهَا مَعَ الْأَصْلِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لَا تَتْبَعُ الْأَصْلَ فِي حُكْمِ الْعَقْدِ فَلَا تَتْبَعُهُ فِي حُكْمِ الْفَسْخِ وَلَوْ وَجَدَ بِالزِّيَادَةِ عَيْبًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا؛ لِأَنَّهُ لَا حِصَّةَ لِهَذِهِ الزِّيَادَةِ مِنْ الثَّمَنِ فَلَا تَحْتَمِلُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ رُدَّتْ لَرُدَّتْ بِغَيْرِ شَيْءٍ هَذَا إذَا حَدَثَتْ الزِّيَادَةُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَأَمَّا إذَا حَدَثَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ فَإِنْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً مُتَوَلِّدَةً مِنْ الْأَصْلِ فَإِنَّهَا لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ إنْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِرَدِّهَا مَعَ الْأَصْلِ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ حَقِيقَةً وَقْتَ الْفَسْخِ، فَبِالرَّدِّ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فِي الْأَصْلِ مَقْصُودًا وَيَنْفَسِخُ فِي الزِّيَادَةِ تَبَعًا.

وَإِنْ أَبَى أَنْ يَرُدَّهُ وَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ نُقْصَانَ الْعَيْبِ مِنْ الْبَائِعِ وَأَبَى الْبَائِعُ إلَّا الرَّدَّ مَعَ الْعَيْبِ وَدَفَعَ جَمِيعَ الثَّمَنِ اُخْتُلِفَ فِيهِ: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ: لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَ نُقْصَانَ الْعَيْبِ مِنْ الْبَائِعِ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَأْبَى ذَلِكَ وَيَطْلُبَ الرَّدَّ وَيَقُولَ: لَا أُعْطِيك نُقْصَانَ الْعَيْبِ وَلَكِنْ رُدَّ عَلَيَّ الْمَبِيعَ مَعِيبًا لِأَدْفَعَ إلَيْك جَمِيعَ الثَّمَنِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ بِالنُّقْصَانِ عَلَى الْبَائِعِ إذَا أَبَى ذَلِكَ، وَلِلْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ لَهُ: رُدَّ عَلَيَّ الْمَبِيعَ حَتَّى أَرُدَّ إلَيْك الثَّمَنَ كُلَّهُ وَلَقَبُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الزِّيَادَةَ الْمُتَّصِلَةَ الْمُتَوَلِّدَةَ مِنْ الْأَصْلِ بَعْدَ الْقَبْضِ هَلْ تَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ إذَا لَمْ يَرْضَ صَاحِبُ الزِّيَادَةِ - وَهُوَ الْمُشْتَرِي - بِرَدِّ الزِّيَادَةِ وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ؟ عِنْدَهُمَا يَمْنَعُ، وَعِنْدَهُ لَا يَمْنَعُ.

وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ فِي النِّكَاحِ إذَا ازْدَادَ الْمَهْرُ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً مُتَوَلِّدَةً مِنْ الْأَصْلِ بَعْدَ الْقَبْضِ ثُمَّ وَرَدَ الطَّلَاقُ قَبْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>