الْمَبِيعِ الْمَنْقُولِ قَبْلَ الْقَبْضِ.
وَأَمَّا عَلَى أَصْلِ مُحَمَّدٍ، وَزُفَرَ فَلَا يَطَّرِدُ؛ لِأَنَّهَا عِنْدَ زُفَرَ فَسْخٌ فِي حَقِّ الْعَاقِدَيْنِ، وَغَيْرِهِمَا، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ الْأَصْلُ فِيهَا الْفَسْخُ إلَّا لِمَانِعٍ، وَلَمْ يُوجَدْ الْمَانِعُ فَبَقِيَ فَسْخًا فِي حَقِّ الْكُلِّ.
وَلَمْ يَكُنْ هَذَا بَيْعُ الْمَنْقُولِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ، وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ غَيْرَ مَنْقُولٍ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا جَازَ بَيْعُهُ، مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي أَيْضًا عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَكَذَا عَلَى قِيَاسِ أَصْلِ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ عَلَى أَصْلِهِ الْإِقَالَةَ بَيْعٌ فِي حَقِّ الْكُلِّ إلَّا أَنْ لَا يُمْكِنَ، وَهَهُنَا، يُمْكِنُ لِمَا قُلْنَا، وَعَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ بَيْعٌ فِي حَقِّ غَيْرِ الْعَاقِدَيْنِ فَكَانَ هَذَا بَيْعُ الْمَبِيعِ الْعَقَارَ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَأَنَّهُ جَائِزٌ عِنْدَهُمَا، وَعَلَى أَصْلِ مُحَمَّدٍ فَسْخٌ إلَّا عِنْدَ التَّعَذُّرِ، وَلَا تَعَذُّرَ هَهُنَا؛ لِأَنَّهَا حَصَلَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فَبَقِيَتْ فَسْخًا فَلَمْ يَكُنْ هَذَا بَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ بَلْ بَيْعُ الْمَفْسُوخِ فِيهِ الْبَيْعُ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَهَذَا جَائِزٌ عِنْدَهُ مَنْقُولًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَنْقُولٍ، وَعِنْدَ زُفَرَ هُوَ فَسْخٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَلَمْ يَكُنْ بَيْعُهُ بَيْعَ الْمَبِيعِ الْمَنْقُولِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَيَجُوزُ.
وَعَلَى هَذَا يَخْرُجُ مَا إذَا اشْتَرَى دَارًا وَلَهَا شَفِيعٌ فَسَلَّمَ الشُّفْعَةَ ثُمَّ تَقَايَلَا الْبَيْعَ أَوْ اشْتَرَاهَا، وَلَمْ يَكُنْ بِجَنْبِهَا دَارٌ ثُمَّ بُنِيَتْ بِجَنْبِهَا دَارٌ، ثُمَّ تَقَايَلَا الْبَيْعَ فَإِنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُهَا بِالشُّفْعَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ بَيْعٌ جَدِيدٌ فِي حَقِّ الْكُلِّ عَلَى أَصْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَلَا مَانِعَ مِنْ جَعْلِهَا بَيْعًا، وَعَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ بَيْعٌ فِي حَقِّ غَيْرِ الْعَاقِدَيْنِ، وَالشَّفِيعُ غَيْرُهُمَا فَيَكُونُ بَيْعًا فِي حَقِّهِ فَيَسْتَحِقُّ.
وَأَمَّا عَلَى قِيَاسِ أَصْلِ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ لَا يَثْبُتُ حَقُّ الشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهَا فَسْخٌ مُطْلَقٌ، وَعَلَى أَصْلِ زُفَرَ، وَعَلَى أَصْلِ مُحَمَّدٍ فَسْخٌ مَا أَمْكَنَ، وَهَهُنَا مُمْكِنٌ، وَالشُّفْعَةُ تَتَعَلَّقُ بِالْبَيْعِ لَا بِالْفَسْخِ كَالرَّدِّ بِخِيَارِ الشَّرْطِ وَالرُّؤْيَةِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ.
وَلَوْ تَقَايَلَا ثُمَّ وُهِبَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ، مِنْ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الِاسْتِرْدَادِ، وَقَبِلَ الْمُشْتَرِي جَازَتْ الْهِبَةُ، وَمَلَكَهُ الْمُشْتَرِي، وَلَا تَنْفَسِخُ الْإِقَالَةُ، وَلَوْ كَانَ هَذَا فِي الْبَيْعِ لَا تَجُوزُ الْهِبَةُ، وَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ بِأَنْ، وَهَبَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ الْبَائِعِ وَقَبِلَهُ الْبَائِعُ، وَهَذَا يُشْكَلُ عَلَى أَصْلِ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّهُ أَجْرَى الْإِقَالَةَ بَعْدَ الْقَبْضِ مَجْرَى الْبَيْعِ، وَلَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ لَمَا جَازَتْ الْهِبَةُ، وَلَكَانَتْ فَسْخًا لِلْإِقَالَةِ كَمَا كَانَتْ فَسْخًا لِلْبَيْعِ ثُمَّ الْفَرْقُ عَلَى أَصْلِ مَنْ يَجْعَلُهَا فَسْخًا ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ فَلَا يُمْكِنُ جَعْلُ الْهِبَةِ مَجَازًا عَنْ الْإِقَالَةِ، فَلَا تَنْفَسِخُ الْإِقَالَةُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ فَأَمْكَنَ جَعْلُ الْهِبَةِ مَجَازًا عَنْ إقَالَةِ الْبَيْعِ.
، وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا بِيعَ مُكَايَلَةً أَوْ مُوَازَنَةً فَتَقَايَلَا الْبَيْعَ فَاسْتَرَدَّهُ الْبَائِعُ مِنْ غَيْرِ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ صَحَّ قَبْضُهُ، وَهَذَا لَا يَطَّرِدُ عَلَى أَصْلِ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ لَوْ كَانَتْ بَيْعًا لَمَا صَحَّ قَبْضُهُ مِنْ غَيْرِ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ كَمَا فِي الْبَيْعِ.
وَلَوْ تَقَايَلَا قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ أَوْ بَعْدَهُ ثُمَّ وَجَدَ الْبَائِعُ بِهِ عَيْبًا كَانَ عِنْدَ بَائِعِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَيْهِ، وَهَذَا عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ يَطَّرِدُ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ عَلَى أَصْلِ أَبِي يُوسُفَ بَيْعٌ فِي حَقِّ الْكُلِّ، وَعَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ بَيْعٌ فِي حَقِّ ثَالِثٍ، فَكَانَ بَيْعًا فِي حَقِّهِ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ ثَانِيًا أَوْ وَرِثَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَعَلَى أَصْلِ مُحَمَّدٍ، وَزُفَرَ يُشْكِلُ؛ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ فَسْخٌ عَلَى أَصْلِهِمَا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَمْنَعَ الرَّدَّ.
، وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا وَقَبَضَهُ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ، ثُمَّ تَقَايَلَا وَعَادَ الْمَبِيعُ إلَى الْمُشْتَرِي، ثُمَّ إنَّ بَائِعَهُ اشْتَرَاهُ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَهُ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ قَبْلَ النَّقْدِ يَجُوزُ، وَهَذَا عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ عَلَى أَصْلِ أَبِي يُوسُفَ بَيْعٌ فِي حَقِّ الْعَاقِدَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، وَعَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ بَيْعٌ فِي حَقِّ ثَالِثٍ وَالْبَائِعُ الْأَوَّلُ هَهُنَا ثَالِثٌ فَكَانَتْ الْإِقَالَةُ بَيْعًا فِي حَقِّهِ كَانَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ اشْتَرَاهُ ثَانِيًا، ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ بَائِعِهِ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ قَبْلَ الْعَقْدِ وَذَلِكَ جَائِزٌ كَذَا هَذَا.
وَأَمَّا عَلَى أَصْلِ مُحَمَّدٍ، وَزُفَرَ فَلَا يَطَّرِدُ؛ لِأَنَّهُمَا يَجْعَلَانِ الْإِقَالَةَ فَسْخًا فَكَانَتْ إعَادَةً إلَى قَدِيمِ الْمِلْكِ فَيَنْبَغِيَ أَنْ لَا يَجُوزُ.
وَأَمَّا شَرَائِطُ صِحَّةِ الْإِقَالَةِ (فَمِنْهَا) رِضَا الْمُتَقَايِلَيْنِ أَمَّا عَلَى أَصْلِ أَبِي يُوسُفَ فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مُطْلَقٌ، وَالرِّضَا شَرْطُ صِحَّةِ الْبِيَاعَاتِ.
وَأَمَّا عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَزُفَرَ فَلِأَنَّهَا فَسْخُ الْعَقْدِ، وَالْعَقْدُ لَمْ يَنْعَقِدْ عَلَى الصِّحَّةِ إلَّا بِتَرَاضِيهِمَا أَيْضًا (وَمِنْهَا) الْمَجْلِسُ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ مَعْنَى الْبَيْعِ مَوْجُودٌ فِيهَا فَيُشْتَرَطُ لَهَا الْمَجْلِسُ كَمَا يُشْتَرَطُ لِلْبَيْعِ (وَمِنْهَا) تَقَابُضُ بَدَلَيْ الصَّرْفِ فِي إقَالَةِ الصَّرْفِ، وَهَذَا عَلَى أَصْلِ أَبِي يُوسُفَ ظَاهِرٌ، وَكَذَلِكَ عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْبَدَلَيْنِ إنَّمَا، وَجَبَ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى أَلَّا تَرَى أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِإِسْقَاطِ الْعَبْدِ، وَالْإِقَالَةُ عَلَى أَصْلِهِ، وَإِنْ كَانَتْ فَسْخًا فِي حَقِّ الْعَاقِدَيْنِ، فَهِيَ بَيْعٌ جَدِيدٌ فِي حَقٍّ ثَالِثٍ فَكَانَ حَقُّ الشَّرْعِ فِي حُكْمِ ثَالِثٍ فَيُجْعَلُ بَيْعًا فِي حَقِّهِ.
(وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ بِمَحَلِّ الْفَسْخِ بِسَائِرِ أَسْبَابِ