للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ الْمَجْلِسِ كَالْبَيْعِ مَعَ مَا أَنَّا نَعْمَلُ بِالشَّبَهَيْنِ جَمِيعًا فَنَقُولُ لِشِبْهِ الِالْتِزَامِ يَحْتَمِلُ الْجَهَالَةَ وَالتَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ وَالْإِضَافَةِ إلَى الْوَقْتِ وَلِشِبْهِ التَّمْلِيكِ لَا يَقِفُ عَلَى غَائِبٍ عَنْ الْمَجْلِسِ اعْتِبَارًا لِلشَّبَهَيْنِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ.

(وَأَمَّا) مَسْأَلَةُ الْمَرِيضِ فَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا إنَّ جَوَازَ الضَّمَانِ هُنَاكَ بِطَرِيقِ الْإِيصَاءِ بِالْقَضَاءِ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لَا بِطَرِيقِ الْكَفَالَةِ وَيَكُونُ قَوْلُهُ اضْمَنُوا عَنِّي إيصَاءً مِنْهُ إلَيْهِمْ بِالْقَضَاءِ عَنْهُ حَتَّى لَوْ مَاتَ وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا لَا يَلْزَمُ الْوَرَثَةَ شَيْءٌ فَعَلَى هَذَا لَا يَلْزَمُ وَبَعْضُهُمْ أَجَازُوهُ عَلَى سَبِيلِ الْكَفَالَةِ وَوَجْهُهُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَيْهِ الرَّحْمَةُ فِي الْأَصْلِ وَقَالَ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُعَبِّرِ عَنْ غُرَمَائِهِ وَشَرْحُ هَذِهِ الْإِشَارَةِ وَاَللَّهُ ﷿ أَعْلَمُ أَنَّ الْمَرِيضَ مَرَضَ الْمَوْتِ يَتَعَلَّقُ الدَّيْنُ بِمَالِهِ وَيَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ الْأَجْنَبِيِّ عَنْهُ حَتَّى لَا يَنْفُذَ مِنْهُ التَّصَرُّفُ الْمُبْطِلُ لِحَقِّ الْغَرِيمِ.

وَلَوْ قَالَ أَجْنَبِيٌّ لِلْوَرَثَةِ اضْمَنُوا لِغُرَمَاءِ فُلَانٍ عَنْهُ فَقَالُوا ضَمِنَّا يُكْتَفَى بِهِ فَكَذَا الْمَرِيضُ وَاَللَّهُ ﷿ أَعْلَمُ (وَمِنْهَا) وَهُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى مَذْهَبِهِمَا أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا فَلَا يَصِحُّ قَبُولُ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَهْلِ الْقَبُولِ وَلَا يَجُوزُ قَبُولُ وَلِيِّهِمَا عَنْهُمَا لِأَنَّ الْقَبُولَ يُعْتَبَرُ مِمَّنْ وَقَعَ لَهُ الْإِيجَابُ وَمَنْ وَقَعَ لَهُ الْإِيجَابُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقَبُولِ وَمَنْ قَبِلَ لَمْ يَقَعْ الْإِيجَابُ لَهُ فَلَا يُعْتَبَرُ قَبُولُهُ.

(وَأَمَّا) حُرِّيَّةُ الْمَكْفُولِ لَهُ فَلَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِأَنَّ الْعَبْدَ مِنْ أَهْلِ الْقَبُولِ.

(وَأَمَّا) .

الَّذِي يَرْجِعُ إلَى الْمَكْفُولِ بِهِ.

فَنَوْعَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ الْمَكْفُولُ بِهِ مَضْمُونًا عَلَى الْأَصِيلِ سَوَاءٌ كَانَ دَيْنًا أَوْ عَيْنًا أَوْ نَفْسًا أَوْ فِعْلًا لَيْسَ بِدَيْنٍ وَلَا عَيْنٍ وَلَا نَفْسٍ عِنْدَ أَصْحَابِنَا إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْكَفَالَةِ بِالْعَيْنِ أَنْ تَكُونَ مَضْمُونَةً بِنَفْسِهَا وَجُمْلَةُ الْكَلَامِ فِيهِ أَنَّ الْمَكْفُولَ بِهِ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ عَيْنٌ وَدَيْنٌ وَنَفْسٌ وَفِعْلٌ لَيْسَ بِدَيْنٍ وَلَا عَيْنٍ وَلَا نَفْسٍ أَمَّا الْعَيْنُ فَنَوْعَانِ عَيْنٌ هِيَ أَمَانَةٌ وَعَيْنٌ هِيَ مَضْمُونَةٌ أَمَّا الْعَيْنُ الَّتِي هِيَ أَمَانَةٌ فَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِهَا سَوَاءٌ كَانَتْ أَمَانَةً غَيْرَ وَاجِبَةِ التَّسْلِيمِ كَالْوَدَائِعِ وَمَالِ الشَّرِكَاتِ وَالْمُضَارَبَاتِ أَوْ كَانَتْ أَمَانَةً وَاجِبَةَ التَّسْلِيمِ كَالْعَارِيَّةِ وَالْمُسْتَأْجَرِ فِي يَدِ الْأَجِيرِ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْكَفَالَةَ إلَى عَيْنِهَا وَعَيْنُهَا لَيْسَتْ بِمَضْمُونَةٍ.

وَلَوْ كَفَلَ بِتَسْلِيمِ الْمُسْتَعَارِ وَالْمُسْتَأْجَرِ عَنْ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ جَازَ لِأَنَّهُمَا مَضْمُونَا التَّسْلِيمِ عَلَيْهِمَا فَالْكَفَالَةُ أُضِيفَتْ إلَى مَضْمُونٍ عَلَى الْأَصِيلِ وَهُوَ فِعْلُ التَّسْلِيمِ فَصَحَّتْ (وَأَمَّا) الْعَيْنُ الْمَضْمُونَةُ فَنَوْعَانِ مَضْمُونٌ بِنَفْسِهِ كَالْمَغْصُوبِ وَالْمَقْبُوضِ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ وَمَضْمُونٌ بِغَيْرِهِ كَالْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالرَّهْنِ فَتَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِالنَّوْعِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ كَفَالَةٌ بِمَضْمُونٍ بِنَفْسِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجِبُ رَدُّ عَيْنِهِ حَالَ قِيَامِهِ وَرَدُّ مِثْلِهِ أَوْ قِيمَتِهِ حَالَ هَلَاكِهِ فَيَصِيرُ مَضْمُونًا عَلَى الْكَفِيلِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا وَلَا تَصِحُّ بِالنَّوْعِ الثَّانِي لِأَنَّ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ مَضْمُونٌ بِالثَّمَنِ لَا بِنَفْسِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا هَلَكَ فِي يَدِ الْبَائِعِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَلَكِنْ يَسْقُطُ الثَّمَنُ عَنْ الْمُشْتَرِي وَكَذَا الرَّهْنُ غَيْرُ مَضْمُونٍ بِنَفْسِهِ بَلْ بِالدَّيْنِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا هَلَكَ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ شَيْءٌ وَلَكِنْ يَسْقُطُ الدَّيْنُ عَنْ الرَّاهِنِ بِقَدْرِهِ.

(وَأَمَّا) الْفِعْلُ فَهُوَ فِعْلُ التَّسْلِيمِ فِي الْجُمْلَةِ فَتَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ وَالرَّهْنِ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مَضْمُونُ التَّسْلِيمِ عَلَى الْبَائِعِ وَالرَّهْنَ مَضْمُونُ التَّسْلِيمِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فِي الْجُمْلَةِ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ فَكَانَ الْمَكْفُولُ بِهِ مَضْمُونًا عَلَى الْأَصِيلِ وَهُوَ فِعْلُ التَّسْلِيمِ فَصَحَّتْ الْكَفَالَةُ بِهِ لَكِنَّهُ إذَا هَلَكَ لَا شَيْءَ عَلَى الْكَفِيلِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مَضْمُونًا عَلَى الْأَصِيلِ فَلَا يَبْقَى عَلَى الْكَفِيلِ.

وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلْحَمْلِ فَكَفَلَ رَجُلٌ بِالْحَمْلِ فَإِنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ بِعَيْنِهَا لَمْ تَجُزْ الْكَفَالَةُ بِالْحَمْلِ وَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ عَيْنِهَا جَازَتْ لِأَنَّ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ الْوَاجِبَ عَلَى الْآجِرِ فِعْلُ تَسْلِيمِ الدَّابَّةِ دُونَ الْحَمْلِ، فَلَمْ تَكُنْ الْكَفَالَةُ بِالْحَمْلِ كَفَالَةً بِمَضْمُونٍ عَلَى الْأَصِيلِ فَلَمْ تَجُزْ وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي الْوَاجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُ الْحَمْلِ دُونَ تَسْلِيمِ الدَّابَّةِ فَكَانَتْ الْكَفَالَةُ بِالْحَمْلِ كَفَالَةً بِفِعْلٍ هُوَ مَضْمُونٌ عَلَى الْأَصِيلِ فَجَازَتْ وَعَلَى هَذَا إذَا كَفَلَ بِنَفْسِ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ جَازَ عِنْدَ أَصْحَابِنَا لِأَنَّ الْكَفَالَةَ بِالنَّفْسِ كَفَالَةٌ بِالْفِعْلِ وَهُوَ تَسْلِيمُ النَّفْسِ وَفِعْلُ التَّسْلِيمِ مَضْمُونٌ عَلَى الْأَصِيلِ فَقَدْ كَفَلَ بِمَضْمُونٍ عَلَى الْأَصِيلِ فَجَازَ وَكَذَا إذَا كَفَلَ بِرَأْسِهِ أَوْ بِوَجْهِهِ أَوْ بِرَقَبَتِهِ أَوْ بِرُوحِهِ أَوْ بِنِصْفِهِ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّهُ إذَا أَضَافَ الْكَفَالَةَ إلَى جُزْءٍ جَامِعٍ كَالرَّأْسِ وَالْوَجْهِ وَالرَّقَبَةِ وَنَحْوِهَا جَازَتْ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَجْزَاءَ يُعَبَّرُ بِهَا عَنْ جُمْلَةِ الْبَدَنِ فَكَانَ ذِكْرُهَا ذِكْرًا لِلْبَدَنِ كَمَا فِي بَابِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَكَذَا إذَا أَضَافَ إلَى جُزْءٍ شَائِعٍ كَالنِّصْفِ وَالثُّلُثِ وَنَحْوِهِمَا جَازَتْ لِأَنَّ حُكْمَ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وُجُوبُ تَسْلِيمِ النَّفْسِ بِثُبُوتِ وِلَايَةِ الْمُطَالَبَةِ وَالنَّفْسُ فِي حَقِّ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>