للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَوْ هَلَكَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ إلَّا الْأَرْشَ فَإِنَّهُ إذَا هَلَكَ، تَسْقُطُ حِصَّتُهُ مِنْ الدَّيْنِ وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ بِمَرْهُونٍ مَقْصُودًا بَلْ تَبَعًا لِلْأَصْلِ كَوَلَدِ الْمَبِيعِ عَلَى أَصْلِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ مَبِيعٌ تَبَعًا لَا مَقْصُودًا، وَالْمَرْهُونُ تَبَعًا لَا حِصَّةَ لَهُ مِنْ الضَّمَانِ إلَّا إذَا صَارَ مَقْصُودًا بِالْفِكَاكِ كَمَا أَنَّ الْمَبِيعَ تَبَعًا لَا حِصَّةَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ إلَّا إذَا صَارَ مَقْصُودًا بِالْقَبْضِ بِخِلَافِ الْأَرْشِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ الْمَرْهُونِ؛ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الرَّهْنِ مَرْهُونٌ، وَبَدَلُ الشَّيْءِ قَائِمٌ مَقَامَهُ كَأَنَّهُ هُوَ، فَكَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْأَصْلِ، وَالْأَصْلُ مَضْمُونٌ فَكَذَا بَدَلُهُ، بِخِلَافِ الْوَلَدِ وَنَحْوِهِ، وَبِخِلَافِ الزِّيَادَةِ عَلَى الرَّهْنِ أَنَّهَا مَضْمُونَةٌ لِأَنَّهَا مَرْهُونَةٌ مَقْصُودًا لَا تَبَعًا؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ إذَا صَحَّتْ الْتَحَقَتْ بِأَصْلِ الْعَقْدِ كَأَنَّ الْعَقْدَ وَرَدَ عَلَى الزِّيَادَةِ وَالْمَزِيدِ عَلَيْهِ، عَلَى مَا نَذْكُرُ فِي مَوْضِعِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَوْ هَلَكَ الْأَصْلُ وَبَقِيَتْ الزِّيَادَةُ، يُقْسَمُ الدَّيْنُ عَلَى الْأَصْلِ، وَالزِّيَادَةِ عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهِمَا، وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْأَصْلِ وَقْتَ الْقَبْضِ وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ وَقْتَ الْعَقْدِ، وَهُوَ اخْتِلَافُ عِبَارَةٍ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ لَا يَصِيرُ عَقْدًا شَرْعًا إلَّا عِنْدَ الْقَبْضِ، وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الزِّيَادَةِ وَقْتَ الْفِكَاكِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ إنَّمَا صَارَ مَضْمُونًا بِالْقَبْضِ؛ فَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ يَوْمِ الْقَبْضِ، وَالزِّيَادَةُ إنَّمَا يَصِيرُ لَهَا حِصَّةٌ مِنْ الضَّمَانِ بِالْفِكَاكِ، فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا حِينَئِذٍ، إلَّا أَنَّ هَذِهِ الْقِسْمَةَ لِلْحَالِ لَيْسَتْ قِسْمَةً حَقِيقِيَّةً بَلْ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ، حَتَّى تَتَغَيَّرَ بِتَغَيُّرِ قِيمَةِ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ مِنْ حَيْثُ السِّعْرُ وَالْبَدَنُ وَالْقِسْمَةُ الْحَقِيقِيَّةُ وَقْتَ الْفِكَاكِ، وَلَا تَتَغَيَّرُ الْقِسْمَةُ بِتَغَيُّرِ قِيمَةِ الْأَصْلِ بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ فِي السِّعْرِ أَوْ فِي الْبَدَنِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ دَخَلَ فِي الضَّمَانِ بِالْقَبْضِ، وَالْقَبْضُ لَمْ يَتَغَيَّرْ فَلَا يَتَغَيَّرُ الضَّمَانُ، وَالْوَلَدُ إنَّمَا يَأْخُذُ قِسْطًا مِنْ الضَّمَانِ بِالْفِكَاكِ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْفِكَاكِ.

وَشَرْحُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ: إذَا رَهَنَ جَارِيَةً قِيمَتُهَا أَلْفٌ بِأَلْفٍ فَوَلَدَتْ وَلَدًا يُسَاوِي أَلْفًا، فَإِنَّ الدَّيْنَ يُقْسَمُ عَلَى قِيمَةِ الْأُمِّ وَالْوَلَدِ نِصْفَيْنِ، فَيَكُونُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسُمِائَةٍ، حَتَّى لَوْ هَلَكَتْ الْأُمُّ، سَقَطَ نِصْفُ الدَّيْنِ وَبَقِيَ الْوَلَدُ رَهْنًا بِالنِّصْفِ الْبَاقِي، يَفْتَكُّهُ الرَّاهِنُ بِهِ إنْ بَقِيَ إلَى وَقْتِ الِافْتِكَاكِ، وَإِنْ هَلَكَ قَبْلَ ذَلِكَ، هَلَكَ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَجُعِلَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ وَعَادَتْ حِصَّتُهُ مِنْ الدَّيْنِ إلَى الْأُمِّ، وَتَبَيَّنَ أَنَّ الْأُمَّ هَلَكَتْ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَهْلِكْ لَكِنْ تَغَيَّرَتْ قِيمَتُهُ إلَى الزِّيَادَةِ فَصَارَ يُسَاوِي أَلْفَيْنِ بَطَلَتْ قِسْمَةُ الْإِنْصَافِ وَصَارَتْ الْقِسْمَةُ أَثْلَاثًا، ثُلُثَا الدَّيْنِ فِي الْوَلَدِ، وَالثُّلُثُ فِي الْأُمِّ، وَتَبَيَّنَ أَنَّ الْأُمَّ هَلَكَتْ بِثُلُثِ الدَّيْنِ وَبَقِيَ الْوَلَدُ رَهْنًا بِالثُّلُثَيْنِ، فَإِنْ ازْدَادَتْ قِيمَتُهُ وَصَارَ يُسَاوِي ثَلَاثَةَ آلَافٍ بَطَلَتْ قِسْمَةُ الْأَثْلَاثِ وَصَارَتْ الْقِسْمَةُ أَرْبَاعًا، ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدَّيْنِ فِي الْوَلَدِ، وَرُبُعٌ فِي الْأُمِّ، وَتَبَيَّنَ أَنَّ الْأُمَّ هَلَكَتْ بِرُبُعِ الدَّيْنِ، وَبَقِيَ الْوَلَدُ رَهْنًا بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِ.

وَلَوْ تَغَيَّرَتْ قِيمَتُهُ إلَى النُّقْصَانِ فَصَارَ يُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ بَطَلَتْ قِسْمَةُ الْأَرْبَاعِ وَصَارَتْ الْقِسْمَةُ أَثْلَاثًا، ثُلُثَا الدَّيْنِ فِي الْأُمِّ، وَالثُّلُثُ فِي الْوَلَدِ، وَتَبَيَّنَ أَنَّ الْأُمَّ هَلَكَتْ بِثُلُثَيْ الدَّيْنِ، وَبَقِيَ الْوَلَدُ رَهْنًا بِالثُّلُثِ هَكَذَا عَلَى هَذَا الِاعْتِبَارِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ وُلِدُوا مَعًا أَوْ مُتَفَرِّقًا؛ يُقْسَمُ الدَّيْنُ عَلَى الْأُمِّ وَعَلَى الْأَوْلَادِ عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهِمْ، لَكِنْ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْأُمِّ يَوْمَ الْعَقْدِ، وَقِيمَةُ الْأَوْلَادِ يَوْمَ الْفِكَاكِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا وَوَلَدُ الْوَلَدِ فِي الْقِسْمَةِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْوَلَدِ، حَتَّى لَوْ وَلَدَتْ الْجَارِيَةُ بِنْتًا، وَوَلَدَتْ بِنْتُهَا وَلَدًا فَهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدَيْنِ، حَتَّى يُقْسَمَ الدَّيْنُ عَلَى الْجَارِيَةِ وَعَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهِمْ، وَلَا يُقْسَمُ عَلَى الْجَارِيَةِ وَعَلَى الْوَلَدِ الْأَصْلِيِّ، ثُمَّ يُقْسَمُ بَاقِيهِ عَلَيْهِ وَعَلَى وَلَدِهِ؛ لِأَنَّ وَلَدَ الرَّهْنِ لَيْسَ بِمَضْمُونٍ حَتَّى يَتْبَعَهُ وَلَدُهُ، فَكَأَنَّهُمَا فِي الْحُكْمِ وَلَدَانِ.

وَلَوْ وَلَدَتْ الْجَارِيَةُ وَلَدًا ثُمَّ نَقَصَتْ قِيمَةُ الْأُمِّ فِي السِّعْرِ أَوْ فِي الْبَدَنِ فَصَارَتْ تُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ، أَوْ زَادَتْ قِيمَتُهَا فَصَارَتْ تُسَاوِي أَلْفَيْنِ، وَالْوَلَدُ عَلَى حَالِهِ يُسَاوِي أَلْفًا فَالدَّيْنُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لَا يَتَغَيَّرُ عَمَّا كَانَ، وَإِنْ كَانَتْ الْأُمُّ عَلَى حَالِهَا وَانْتَقَصَتْ قِيمَةُ الْوَلَدِ بِعَيْبٍ دَخَلَهُ أَوْ لِسِعْرٍ فَصَارَ يُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ صَارَ الدَّيْنُ فِيهِمَا أَثْلَاثًا، الثُّلُثَانِ فِي الْأُمِّ، وَالثُّلُثُ فِي الْوَلَدِ.

وَلَوْ زَادَتْ قِيمَةُ الْوَلَدِ فَصَارَ يُسَاوِي أَلْفَيْنِ فَثُلُثَا الدَّيْنِ فِي الْوَلَدِ، وَالثُّلُثُ فِي الْأُمِّ، حَتَّى لَوْ هَلَكَتْ الْأُمُّ، يَبْقَى الْوَلَدُ رَهْنًا بِالثُّلُثَيْنِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْأَصْلَ إنَّمَا دَخَلَ تَحْتَ الضَّمَانِ بِالْقَبْضِ، وَالْقَبْضُ لَمْ يَتَغَيَّرْ فَلَا تَتَغَيَّرُ الْقِسْمَةُ وَالْوَلَدُ إنَّمَا يَصِيرُ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الضَّمَانِ بِالْفِكَاكِ، فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْفِكَاكِ.

وَلَوْ اعْوَرَّتْ الْأُمُّ بَعْدَ الْوِلَادَةِ أَوْ كَانَتْ اعْوَرَّتْ قَبْلَهَا، ذَهَبَ مِنْ الدَّيْنِ بِعَوَرِهَا رُبُعُهُ وَذَلِكَ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ، وَبَقِيَ الْوَلَدُ رَهْنًا بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الدَّيْنِ وَذَلِكَ سَبْعُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ، وَهَذَا الْجَوَابُ فِيمَا إذَا وَلَدَتْ ثُمَّ اعْوَرَّتْ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ قَبْلَ الِاعْوِرَارِ كَانَ فِيهِمَا نِصْفَيْنِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسُمِائَةٍ، فَإِذَا اعْوَرَّتْ وَالْعَيْنُ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>