الْآدَمِيِّ نِصْفُهُ فَذَهَبَ قَدْرُ مَا فِيهَا مِنْ الدَّيْنِ وَهُوَ نِصْفُ نِصْفِ الدَّيْنِ وَهُوَ رُبُعُ الْكُلِّ، وَبَقِيَ الْوَلَدُ رَهْنًا بِبَقِيَّةِ الدَّيْنِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ الْأَرْبَاعِ، (فَأَمَّا) إذَا اعْوَرَّتْ ثُمَّ وَلَدَتْ، فَفِيهِ إشْكَالٌ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ: وَهُوَ أَنَّ قَبْلَ الِاعْوِرَارِ كَانَ كَأَنَّ كُلَّ الدَّيْنِ فِيهَا، وَبِالِاعْوِرَارِ ذَهَبَ النِّصْفُ وَبَقِيَ النِّصْفُ، فَإِذَا وَلَدَتْ وَلَدًا، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْسَمَ النِّصْفُ الْبَاقِي مِنْ الدَّيْنِ عَلَى الْجَارِيَةِ الْعَوْرَاءِ وَعَلَى وَلَدِهَا أَثْلَاثًا، الثُّلُثَانِ عَلَى الْوَلَدِ، وَالثُّلُثُ عَلَى الْأُمِّ.
(وَالْجَوَابُ) أَنَّ ذَهَابَ نِصْفِ الدَّيْنِ بِالِاعْوِرَارِ لَمْ يَكُنْ حَتْمًا بَلْ عَلَى التَّوَقُّفِ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ الْوِلَادَةِ، فَإِذَا وَلَدَتْ، تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ذَهَبَ بِالِاعْوِرَارِ إلَّا رُبُعُ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ تُجْعَلُ كَأَنَّهَا مَوْجُودَةٌ لَدَى الْعَقْدِ، فَصَارَ كَأَنَّهَا وَلَدَتْ ثُمَّ اعْوَرَّتْ.
وَلَوْ هَلَكَ الْوَلَدُ وَقَدْ اعْوَرَّتْ الْأُمُّ قَبْلَ الْوِلَادَةِ أَوْ بَعْدَهَا ذَهَبَ نِصْفُ الدَّيْنِ بِالِاعْوِرَارِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَمَّا هَلَكَ الْتَحَقَ بِالْعَدَمِ وَجُعِلَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ، وَعَادَتْ حِصَّتُهُ إلَى الْأُمِّ، وَتَبَيَّنَ أَنَّ الْأُمَّ كَانَتْ رَهْنًا بِجَمِيعِ الدَّيْنِ، فَإِذَا اعْوَرَّتْ ذَهَبَ بِالِاعْوِرَارِ نِصْفُهُ وَبَقِيَ النِّصْفُ الْآخَرُ.
وَلَوْ لَمْ يَهْلِكْ وَلَكِنَّهُ اعْوَرَّ وَلَمْ يَسْقُطْ بِاعْوِرَارِهِ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ هَلَكَ، لَا يَسْقُطُ، فَإِذَا اعْوَرَّ أَوْلَى، لَكِنَّ تِلْكَ الْقِسْمَةَ الَّتِي كَانَتْ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ تَتَغَيَّرُ؛ لِأَنَّهَا تَحْتَمِلُ التَّغْيِيرَ بِتَغَيُّرِ قِيمَةِ الْوَلَدِ إلَى الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ وَعَلَى هَذَا تَخْرُجُ الزِّيَادَةُ فِي الرَّهْنِ أَنَّهَا مَضْمُونَةٌ عَلَى أَصْلِ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ بِأَنْ رَهَنَ جَارِيَةً ثُمَّ زَادَ عَبْدًا؛ لِأَنَّ هَذِهِ زِيَادَةٌ مَقْصُودَةٌ؛ لِوُرُودِ فِعْلِ الرَّهْنِ عَلَيْهَا مَقْصُودًا، فَكَانَتْ مَرْهُونَةً أَصْلًا لَا تَبَعًا فَكَانَتْ مَضْمُونَةً، وَيُقْسَمُ الدَّيْنُ عَلَى الْمَزِيدِ عَلَيْهِ وَالزِّيَادَةِ، وَجُمْلَةُ الْكَلَامِ فِي كَيْفِيَّةِ الِانْقِسَامِ أَنَّ الرَّاهِنَ لَا يَخْلُو (إمَّا) أَنْ زَادَ فِي الرَّهْنِ وَلَيْسَ فِي الرَّهْنِ نَمَاءٌ، (وَإِمَّا) أَنْ كَانَ فِيهِ نَمَاءٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ نَمَاءٌ، يُقْسَمُ الدَّيْنُ عَلَى الْمَزِيدِ عَلَيْهِ، وَالزِّيَادَةِ عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهَا حَتَّى لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْجَارِيَةِ أَلْفًا وَقِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفٌ وَالدَّيْنُ أَلْفٌ كَانَ الدَّيْنُ فِيهِمَا نِصْفَيْنِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسُمِائَةٍ.
وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ الزِّيَادَةِ خَمْسَمِائَةٍ، كَانَ الدَّيْنُ فِيهِمَا أَثْلَاثًا، الثُّلُثَانِ فِي الْعَبْدِ وَالثُّلُثُ فِي الْجَارِيَةِ، وَأَيُّهُمَا هَلَكَ يَهْلِكُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَرْهُونٌ مَقْصُودًا لَا تَبَعًا، إلَّا أَنَّهُ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْمَزِيدِ عَلَيْهِ يَوْمَ الْعَقْدِ وَهُوَ يَوْمُ قَبْضِهِ، وَقِيمَةُ الزِّيَادَةِ يَوْمَ الزِّيَادَةِ وَهُوَ يَوْمُ قَبْضِهَا، وَلَا يُعْتَبَرُ تَغَيُّرُ قِيمَتِهَا بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ وَالنُّقْصَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إنَّمَا دَخَلَ فِي الضَّمَانِ بِالْقَبْضِ، فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ، وَالْقَبْضُ لَمْ يَتَغَيَّرْ بِتَغَيُّرِ الْقِيمَةِ فَلَا تَتَغَيَّرُ الْقِسْمَةُ، بِخِلَافِ زِيَادَةِ الرَّهْنِ وَهِيَ نَمَاؤُهُ أَنَّ الْقِسْمَةَ تَتَغَيَّرُ بِتَغَيُّرِ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّهَا مَرْهُونَةٌ تَبَعًا لَا أَصْلًا، وَالْمَرْهُونُ تَبَعًا لَا يَأْخُذُ حِصَّةً مِنْ الضَّمَانِ إلَّا بِالْفِكَاكِ، فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْفِكَاكِ فَكَانَتْ الْقِسْمَةُ قَبْلَهُ مُحْتَمِلَةً لِلتَّغَيُّرِ.
وَلَوْ نَقَصَ الرَّهْنُ الْأَصْلِيُّ فِي يَدِهِ حَتَّى ذَهَبَ قَدْرُهُ مِنْ الدَّيْنِ ثُمَّ زَادَهُ الرَّاهِنُ بَعْدَ ذَلِكَ رَهْنًا آخَرَ يُقْسَمُ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى قِيمَةِ الْبَاقِي وَعَلَى قِيمَةِ الزِّيَادَةِ يَوْمَ قُبِضَتْ، نَحْوُ مَا إذَا رَهَنَ جَارِيَةً قِيمَتُهَا أَلْفٌ بِأَلْفٍ فَاعْوَرَّتْ، حَتَّى ذَهَبَ نِصْفُ الدَّيْنِ وَبَقِيَ النِّصْفُ ثُمَّ زَادَ الرَّاهِنُ عَبْدًا قِيمَتُهُ أَلْفٌ؛ يُقْسَمُ النِّصْفُ الْبَاقِي عَلَى قِيمَةِ الْجَارِيَةِ عَوْرَاءَ، وَعَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ الزِّيَادَةِ أَثْلَاثًا، فَيَكُونُ ثُلُثَا هَذَا النِّصْفِ وَذَلِكَ ثَلَثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ، فِي الْعَبْدِ الزِّيَادَةِ وَالثُّلُثُ وَذَلِكَ مِائَةٌ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ فِي الْجَارِيَةِ، فُرِّقَ بَيْنَ الزِّيَادَةِ فِي الرَّهْنِ وَزِيَادَةِ الرَّهْنِ وَهِيَ نَمَاؤُهُ بِأَنْ اعْوَرَّتْ الْجَارِيَةُ ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَدًا قِيمَتُهُ أَلْفٌ؛ أَنَّ الدَّيْنَ يُقْسَمُ عَلَى قِيمَةِ الْجَارِيَةِ يَوْمَ الْقَبْضِ صَحِيحَةً، وَعَلَى قِيمَةِ الْوَلَدِ يَوْمَ الْفِكَاكِ نِصْفَيْنِ، فَيَكُونُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسُمِائَةٍ، ثُمَّ مَا أَصَابَ الْأُمَّ وَهُوَ النِّصْفُ ذَهَبَ بِالِاعْوِرَارِ نِصْفُهُ وَهُوَ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ وَبَقِيَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدَّيْنِ وَذَلِكَ سَبْعُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ فِي الْأُمِّ وَالْوَلَدِ ثُلُثَا ذَلِكَ خَمْسُمِائَةٍ فِي الْوَلَدِ، وَثُلُثُ ذَلِكَ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ فِي الْأُمِّ، وَفِي الزِّيَادَةِ عَلَى الرَّهْنِ يَبْقَى الْأَصْلُ وَالزِّيَادَةُ بِنِصْفِ الدَّيْنِ.
(وَوَجْهُ) الْفَرْقِ بَيْنَ الزِّيَادَتَيْنِ أَنَّ حُكْمَ الرَّهْنِ فِي هَذِهِ الزِّيَادَةِ وَهِيَ الزِّيَادَةُ عَلَى الرَّهْنِ ثَبَتَ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ لَا بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ؛ لِكَوْنِهَا زِيَادَةً مَقْصُودَةً؛ لِوُرُودِ فِعْلِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا مَقْصُودًا فَيُعْتَبَرُ فِي الْقِسْمَةِ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ وَقْتَ الزِّيَادَةِ، وَلَمْ يَبْقَ وَقْتَ الزِّيَادَةِ إلَّا النِّصْفُ فَيُقْسَمُ ذَلِكَ النِّصْفُ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهِمَا، بِخِلَافِ زِيَادَةِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَرْهُونَةٍ مَقْصُودًا؛ لِانْعِدَامِ وُجُودِ الرَّهْنِ فِيهَا مَقْصُودًا بَلْ تَبَعًا لِلْأَصْلِ؛ لِكَوْنِهَا مُتَوَلِّدَةً مِنْهُ فَيَثْبُتُ حُكْمُ الرَّهْنِ فِيهَا تَبَعًا لِلْأَصْلِ، كَأَنَّهَا مُتَّصِلَةٌ بِهِ فَتَصِيرُ كَأَنَّهَا مَوْجُودَةٌ عِنْدَ الْعَقْدِ، فَكَانَ الثَّابِتُ فِي الْوَلَدِ غَيْرَ مَا كَانَ ثَابِتًا فِي الْأُمِّ، فَيُعْتَبَرُ فِي الْقِسْمَةِ قِيمَةُ الْأُمِّ يَوْمَ الْقَبْضِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَضَى الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ مِنْ الدَّيْنِ خَمْسَمِائَةٍ ثُمَّ زَادَهُ فِي الرَّهْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute