للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحَصَّنَهَا وَلَكِنْ عَزْل عَنْهَا أَوْ لَمْ يَعْزِلْ عَنْهَا وَلَكِنَّهُ لَمْ يُحَصِّنْهَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَحِلُّ لَهُ النَّفْيُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَدْعُوَ إذَا كَانَ وَطِئَهَا وَلَمْ يَعْزِلْ عَنْهَا وَإِنْ لَمْ يُحَصِّنْهَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ الرَّحْمَةُ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُعْتَقَ وَلَدُهَا وَيَسْتَمْتِعُ بِأُمِّهِ إلَى أَنْ يَقْرُبَ مَوْتُهُ فَيُعْتِقُهَا وَجْهُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ إذَا وَطِئَهَا وَلَمْ يَعْزِلْ عَنْهَا اُحْتُمِلَ كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْهُ فَلَا يَحِلُّ لَهُ النَّفْيُ بِالشَّكِّ وَالِاحْتِمَالِ وَجْهُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُحَصِّنْهَا اُحْتُمِلَ كَوْنُهُ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ بِهِ بِالشَّكِّ لِأَنَّ غَيْرَ الثَّابِتِ بِيَقِينٍ لَا يَثْبُتُ بِالشَّكِّ كَمَا أَنَّ الثَّابِتَ بِيَقِينٍ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ وَجْهُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ إذَا اُحْتُمِلَ كَوْنُهُ مِنْ غَيْرِهِ لَا يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ بِهِ كَمَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَلِمَا اُحْتُمِلَ كَوْنُهُ مِنْهُ لَا يَجُوزُ لَهُ النَّفْيُ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ أَبُو يُوسُفَ لَكِنْ يَسْلُكُ فِيهِ مَسْلَكَ الِاحْتِيَاطِ فَيُعْتَقُ الْوَلَدُ صِيَانَةً عَنْ اسْتِرْقَاقِ الْحُرِّ عَسَى وَيَسْتَمْتِعُ بِأُمِّهِ لِأَنَّ الِاسْتِمْتَاعَ بِالْأَمَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ مُبَاحٌ وَيُعْتِقُهَا عِنْدَ مَوْتِهِ صِيَانَةً عَنْ اسْتِرْقَاقِ الْحُرَّةِ بَعْدَ مَوْتِهِ عَسَى وَيَسْتَوِي فِي فِرَاشِ الْمِلْكِ مِلْكُ كُلِّ الْمَحَلِّ وَبَعْضِهِ وَمِلْكُ الذَّاتِ وَمِلْكُ الْيَدِ فِي ثُبُوتِ النَّسَبِ وَبَيَانُ ذَلِكَ فِي مَسَائِلَ إذَا حَمَلَتْ الْجَارِيَةُ فِي مِلْكِ رَجُلَيْنِ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ لِأَنَّ مَا لَهُ مِنْ الْمِلْكِ أَوْجَبَ النَّسَبَ بِقَدْرِهِ إلَّا أَنَّ النَّسَبَ لَا يَتَجَزَّأُ فَمَتَى ثَبَتَ فِي الْبَعْضِ يَتَعَدَّى إلَى الْكُلِّ وَتَصِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهَا لِشَرِيكِهِ وَنِصْفُ الْعُقْرِ وَلَا يَضْمَنُ قِيمَةَ الْوَلَدِ وَهِيَ مِنْ مَسَائِلِ كِتَابِ الْعِتْقِ وَلَوْ ادَّعَيَاهُ جَمِيعًا مَعًا فَهُوَ ابْنُهُمَا وَالْجَارِيَةُ أُمُّ وَلَدٍ لَهُمَا وَهَذَا عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ هُوَ ابْنُ أَحَدِهِمَا وَيَتَعَيَّنُ بِقَوْلِ الْقَائِفِ وَجْهُ قَوْلِهِ أَنَّ خَلْقَ وَلَدٍ وَاحِدٍ مِنْ مَاءِ فَحْلَيْنِ مُسْتَحِيلٌ عَادَةً مَا أَجْرَى اللَّهُ الْعَادَةَ بِذَلِكَ إلَّا فِي الْكِلَابِ عَلَى مَا قِيلَ فَلَا يَكُونُ الْوَلَدُ إلَّا مِنْ أَحَدِهِمَا وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِقَوْلِ الْقَائِفِ فَإِنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بِقَبُولِ قَوْلِ الْقَائِفِ فِي النَّسَبِ فَإِنَّهُ رُوِيَ «أَنَّ قَائِفًا مَرَّ بِأُسَامَةَ وَزَيْدٍ وَهُمَا تَحْتَ قَطِيفَةٍ وَاحِدَةٍ قَدْ غَطَّى وُجُوهَهُمَا وَأَرْجُلُهُمَا بَادِيَةٌ فَقَالَ إنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ يُشْبِهُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَسَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ فَفَرِحَ بِذَلِكَ حَتَّى كَادَتْ تَبْرُقُ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ » فَقَدْ اعْتَبَرَ قَوْلَ الْقَائِفِ حَيْثُ لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ بَلْ قَرَّرَهُ بِإِظْهَارِ الْفَرَحِ.

(وَلَنَا) إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ فَإِنَّهُ رُوِيَ أَنَّهُ وَقَعَتْ هَذِهِ الْحَادِثَةُ فِي زَمَنِ سَيِّدِنَا عُمَرَ فَكَتَبَ إلَى شُرَيْحٍ لَبَّسَا فَلُبِّسَ عَلَيْهِمَا وَلَوْ بَيَّنَا لَبُيِّنَ لَهُمَا هُوَ ابْنُهُمَا يَرِثُهُمَا وَيَرِثَانِهِ وَكَانَ ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُنْقَل أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَيْهِ مُنْكِرٌ فَيَكُونُ إجْمَاعًا لِأَنَّ سَبَبَ اسْتِحْقَاقِ النَّسَبِ بِأَصْلِ الْمِلْكِ وَقَدْ وُجِدَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَيَثْبُتُ بِقَدْرِ الْمِلْكِ حِصَّةٌ لِلنَّسَبِ ثُمَّ يَتَعَدَّى لِضَرُورَةِ عَدَمِ التَّجَزِّي فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْكَمَالِ وَأَمَّا فَرَحُ النَّبِيِّ وَتَرْكُ الرَّدِّ وَالنُّكُرِ فَاحْتُمِلَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِاعْتِبَارِهِ قَوْلَ الْقَائِفِ حُجَّةً بَلْ لِوَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الْكُفَّارَ كَانُوا يَطْعَنُونَ فِي نَسَبِ أُسَامَةَ وَكَانُوا يَعْتَقِدُونَ الْقِيَافَةَ فَلَمَّا قَالَ الْقَائِفُ ذَلِكَ فَرِحَ رَسُولُ اللَّهِ لِظُهُورِ بُطْلَانِ قَوْلِهِمْ بِمَا هُوَ حُجَّةٌ عِنْدَهُمْ فَكَانَ فَرَحُهُ فِي الْحَقِيقَةِ بِزَوَالِ الطَّعْنِ بِمَا هُوَ دَلِيلُ الزَّوَالِ عِنْدَهُمْ وَالْمُحْتَمَلُ لَا يَصْلُحُ حُجَّةً وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ أَوْ خَمْسَةٍ فَادَّعَوْهُ جَمِيعًا مَعًا فَهُوَ ابْنُهُمْ جَمِيعًا ثَابِتُ نَسَبِهِ مِنْهُمْ وَالْجَارِيَةُ أُمُّ وَلَدٍ لَهُمْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يَثْبُتُ مِنْ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَثْبُتُ مِنْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَجْهُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْقِيَاسَ يَأْبَى ثُبُوتَ النَّسَبِ مِنْ أَكْثَرَ مِنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ لِمَا ذَكَرنَا لِلشَّافِعِيِّ إلَّا أَنَّا تَرَكْنَا الْقِيَاسَ فِي رَجُلَيْنِ بِأَثَرِ سَيِّدِنَا عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَبَقِيَ حُكْمُ الزِّيَادَةِ مَرْدُودًا إلَى أَصْلِ الْقِيَاسِ وَجْهُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْحَمْلَ الْوَاحِدَ يَجُوزُ أَنْ يَكُون ثَلَاثَةَ أَوْلَادٍ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَجُوزُ أَنْ يُخْلَقَ مِنْ مَاءٍ عَلَى حِدَةٍ وَقَدْ جَاءَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ أَنَّهُ أَثْبَتَ النَّسَبَ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَأَمَّا الزِّيَادَةُ عَلَى الثَّلَاثَةِ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ فَنَادِرٌ غَايَةَ النُّدْرَةِ فَالشَّرْعُ الْوَارِدُ فِي الِاثْنَيْنِ يَكُونُ وَارِدًا فِي الثَّلَاثَةِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْمُوجِبَ لِثَبَاتِ النَّسَبِ لَا يَفْصِلُ بَيْنَ عَدَدِ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمْسَةِ فَالْفَصْلُ بَيْنَ عَدَدٍ وَعَدَدٍ يَكُونُ تَحَكُّمًا مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْأَنْصِبَاءُ مُتَّفِقَةً أَوْ مُخْتَلِفَةً بِأَنْ كَانَ لِأَحَدِهِمْ السُّدُسُ وَلِلْآخَرِ الرُّبْعُ وَلِلْآخَرِ الثُّلُثُ وَلِلْآخَرِ مَا بَقِيَ فَالْوَلَدُ ابْنُهُمْ جَمِيعًا فَحُكْمُ النَّسَبِ لَا يَخْتَلِفُ لِأَنَّ سَبَبَ ثَبَاتِ النَّسَبِ هُوَ أَصْلُ الْمِلْكِ لَا صِفَةُ الْمَالِكِ وَاَللَّهُ أَعْلَم وَأَمَّا حُكْمُ الِاسْتِيلَادِ فَيَثْبُتُ فِي نَصِيبِ كُلِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>