للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاحِدٍ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْ الْمِلْكِ فَلَا يَتَعَدَّى إلَى نَصِيبِ غَيْرِهِ.

وَلَوْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ بَيْنَ الْأَبِ وَالِابْنِ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَيَاهُ جَمِيعًا مَعًا فَالْأَبُ أَوْلَى عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ وَعِنْدَ زُفَرَ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُمَا جَمِيعًا وَجْهُ قَوْلِهِ أَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ وَهُوَ أَصْلُ الْمِلْكِ فَيَسْتَوِيَانِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ.

(وَلَنَا) أَنَّ التَّرْجِيحَ لِجَانِبِ الْأَبِ لِأَنَّ نِصْفَ الْجَارِيَةِ مِلْكُهُ حَقِيقَةً وَلَهُ حَقُّ تَمْلِيكِ النِّصْفِ الْآخِرِ وَلَيْسَ لِلِابْنِ إلَّا مِلْكُ النِّصْفِ فَكَانَ الْأَبُ أَوْلَى وَيَتَمَلَّكُ نَصِيبَ الِابْنِ مِنْ الْجَارِيَةِ بِالْقِيمَةِ ضَرُورَةَ ثُبُوتِ الِاسْتِيلَادِ فِي نَصِيبِهِ لِأَنَّهُ لَا يَتَجَزَّأُ فَلَا يُتَصَوَّرُ ثُبُوتُهُ فِي الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ كَمَا فِي الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ الْأَجْنَبِيَّيْنِ وَيَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ نِصْفَ الْعُقْرِ لِأَنَّ الْوَطْءَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي قَدْرِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ حَصَلَ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ كَمَا فِي الْأَجْنَبِيَّيْنِ يَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ الْعُقْرِ لِلْآخَرِ ثُمَّ يَكُون النِّصْفُ بِالنِّصْفِ قِصَاصًا كَمَا فِي الْأَجَانِبِ وَهَذَا بِخِلَافِ حَالَةِ الِانْفِرَادِ فَإِنَّ أَمَةً لِرَجُلٍ إذَا جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ أَبُوهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ وَلَا عُقْرَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ لِأَنَّ هُنَاكَ صَارَ مُتَمَلِّكًا الْجَارِيَةَ ضَرُورَةَ صِحَّةِ الِاسْتِيلَادِ سَابِقًا عَلَيْهِ أَوْ مُقَارِنًا لَهُ لِانْعِدَامِ حَقِيقَةِ الْمِلْكِ فَجُعِلَ الْوَطْءُ فِي الْمِلْكِ وَهَهُنَا الِاسْتِيلَادُ صَحِيحٌ بِدُونِ التَّمَلُّكِ لِقِيَامِ حَقِيقَةِ الْمِلْكِ فِي النِّصْفِ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّمَلُّكِ لِصِحَّةِ الِاسْتِيلَادِ وَأَنَّهُ صَحِيحٌ بِدُونِهِ وَإِنَّمَا يُثْبِتُ ضَرُورَةَ ثُبُوتِ الِاسْتِيلَادِ فِي نَصِيبِهِ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ التَّجَزُّؤَ عَلَى مَا ذَكَرنَا هُوَ الْفَرْقُ وَكَذَلِكَ الْجَدُّ عِنْدَ عَدَمِ الْأَبِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ عِنْدَ عَدَمِهِ وَلَوْ كَانَ بَيْنَ الْجَدِّ وَالْحَافِدِ جَارِيَةٌ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَيَاهُ مَعًا وَالْأَبُ حَيٌّ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُمَا جَمِيعًا لِأَنَّ الْجَدَّ حَالَ قِيَامِ الْأَبِ بِمَنْزِلَةِ الْأَجْنَبِيِّ وَلَوْ ادَّعَى الْوَلَدَ أَحَدُ الْمَالِكِينَ وَأَبُ الْمَالِكِ الْآخَرِ فَالْمَالِكُ أَوْلَى لِأَنَّ لَهُ حَقِيقَةَ الْمِلْكِ وَلِأَبٍ الْمَالِكِ الْآخَرِ حَقُّ التَّمَلُّكِ فَكَانَ الْمَالِكُ الْحَقِيقِيُّ أَوْلَى هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الشَّرِيكَانِ الْمُدَّعِيَانِ حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا وَالْآخَرُ عَبْدًا فَالْحُرُّ أَوْلَى لِأَنَّ إثْبَاتَ النَّسَبِ مِنْهُ أَنْفَعُ حَيْثُ يَصِلُ هُوَ إلَى حَقِيقَةِ الْحُرِّيَّةِ وَأُمُّهُ إلَى حَقِّ الْحُرِّيَّةِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا وَالْآخَرُ عَبْدًا مُكَاتَبًا فَالْحُرُّ أَوْلَى لِأَنَّ الْوَلَدَ يَصِلُ إلَى حَقِيقَةِ الْحُرِّيَّةِ وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُكَاتَبًا وَالْآخَرُ عَبْدًا فَالْمُكَاتَبُ أَوْلَى لِأَنَّهُ حُرٌّ يَدًا فَكَانَ أَنْفَعَ لِلْوَلَدِ وَلَوْ كَانَا عَبْدَيْنِ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُمَا جَمِيعًا لَكِنْ هَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِ تَصْدِيقُ الْمَوْلَى فِيهِ رِوَايَتَانِ وَمِنْهُمْ مَنْ وَفَّقَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ فَحَمَلَ شَرْطَ التَّصْدِيقِ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْعَبْدُ مَحْجُورًا وَحَمَلَ الْأُخْرَى عَلَى مَا إذَا كَانَ مَأْذُونًا عَمَلًا بِهِمَا جَمِيعًا وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا وَالْآخَرُ ذِمِّيًّا فَالْمُسْلِمُ أَوْلَى اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ يَثْبُتَ نَسَبُهُ مِنْهُمَا وَهُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ وَجْهُ الْقِيَاسِ أَنَّ النَّسَبَ حُكْمُ الْمِلْكِ وَقَدْ اسْتَوَيَا فِي الْمِلْكِ فَيَسْتَوِيَانِ فِي حُكْمِهِ كَمَا فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمِلْكِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ إثْبَاتَ النَّسَبِ مِنْ الْمُسْلِمِ أَنْفَعُ لِلصَّبِيِّ لِأَنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لَهُ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا كِتَابِيًّا وَالْآخَرُ مَجُوسِيًّا فَالْقِيَاسُ أَنْ يَثْبُتَ النَّسَبُ مِنْهُمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْمِلْكِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ الْكِتَابِيُّ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْإِسْلَامِ مِنْ الْمَجُوسِيِّ فَكَانَ أَنْفَعَ لِلصَّبِيِّ وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَبْدًا مُسْلِمًا أَوْ مُكَاتَبًا مُسْلِمًا وَالْآخَر حُرًّا كَافِرًا فَالْحُرُّ أَوْلَى لِأَنَّ هَذَا أَنْفَعُ لِلصَّبِيِّ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَكْتَسِبَ الْإِسْلَامَ بِنَفْسِهِ إذَا عَقَلَ وَلَا يُمْكِنُهُ اكْتِسَابُ الْحُرِّيَّةِ بِحَالٍ وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا ذِمِّيًّا وَالْآخَرُ مُرْتَدًّا فَهُوَ ابْنُ الْمُرْتَدِّ لِأَنَّ وَلَدَ الْمُرْتَدِّ عَلَى حُكْمِ الْإِسْلَامِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا بَلَغَ كَافِرًا يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَإِذَا أُجْبِرَ عَلَيْهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُسْلِمُ فَكَانَ هَذَا أَنْفَعَ لِلصَّبِيِّ هَذَا كُلُّهُ إذَا خَرَجَتْ دَعْوَةُ الشَّرِيكَيْنِ مَعًا فَأَمَّا إذَا سَبَقَتْ دَعْوَةُ أَحَدِهِمَا فِي هَذِهِ الْفُصُولِ كُلِّهَا كَائِنًا مَنْ كَانَ فَهُوَ أَوْلَى لِأَنَّ النَّسَبَ إذَا ثَبَتَ مِنْ إنْسَانٍ فِي زَمَانٍ لَا يَحْتَمِلُ الثُّبُوتَ مِنْ غَيْرِهِ بَعْدَ ذَلِكَ الزَّمَانِ هَذَا إذَا حَمَلَتْ الْجَارِيَةُ فِي مِلْكِهِمَا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا أَوْ ادَّعَيَاهُ جَمِيعًا فَأَمَّا إذَا كَانَ الْعُلُوقُ قَبْلَ الشِّرَاءِ بِأَنْ اشْتَرَيَاهَا وَهِيَ حَامِلٌ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا فَأَمَّا حُكْمُ نَسَبِ الْوَلَدِ وَصَيْرُورَةُ الْجَارِيَةِ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَضَمَانُ نِصْفِ قِيمَةِ الْأُمِّ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا فَلَا يَخْتَلِفُ وَيَخْتَلِفُ حُكْمُ الْعُقْرِ وَالْوَلَدِ فَلَا يَجِبُ الْعُقْرُ هُنَا وَيَجِبُ هُنَاكَ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالنَّسَبِ هُنَا لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالْوَطْءِ لِتَيَقُّنِنَا بِعَدَمِ الْعُلُوقِ فِي الْمِلْكِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ وَالْوَلَدُ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ عَبْدٍ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْعُلُوقِ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ فَلَمْ يَجُزْ إسْنَادُ الدَّعْوَى إلَى حَالَةِ الْعُلُوقِ إلَّا أَنَّهُ ادَّعَى نَسَبَ وَلَدٍ بَعْضُهُ عَلَى مِلْكِهِ وَدَعْوَى الْمِلْكِ بِمَنْزِلَةِ إنْشَاءِ الْإِعْتَاقِ وَلَوْ أَعْتَقَ هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>