تَثْبُتُ بِالتَّصَرُّفِ فِيهَا وَلَمْ يُوجَدْ وَلَوْ ادَّعَيَا حَائِطًا مِنْ دَارَيْنِ وَلِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ جُذُوعٌ فَهُوَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ لِلْحَائِطِ وَلَوْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جُذُوعٌ فَإِنْ كَانَتْ ثَلَاثَةً أَوْ أَكْثَرَ فَهِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ سَوَاءٌ اسْتَوَتْ جُذُوعُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ كَانَتْ لِأَحَدِهِمَا أَكْثَرَ بَعْدَ أَنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَاثَةُ جُذُوعٍ؛ لِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي اسْتِعْمَالِ الْحَائِطِ فَاسْتَوَيَا فِي ثُبُوتِ الْيَدِ عَلَيْهِ وَلَوْ أَرَادَ صَاحِبُ الْبَيْتِ أَنْ يَتَبَرَّعَ عَلَى الْآخَرِ بِمَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لَكِنْ يُقَالُ لَهُ زِدْ أَنْتَ أَيْضًا إلَى تَمَامِ عَدَدِ خَشَبِ صَاحِبِك إنْ أَطَاقَ الْحَائِطُ حَمْلَهَا وَإِلَّا فَلَيْسَ لَك الزِّيَادَةُ وَلَا النَّزْعُ وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا ثَلَاثَةُ جُذُوعٍ وَلِلْآخَرِ جِذْعٌ أَوْ جِذْعَانِ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ الْحَائِطُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَكُونُ (وَجْهُ) الْقِيَاسِ أَنَّ زِيَادَةَ الِاسْتِعْمَالِ بِكَثْرَةِ الْجُذُوعِ زِيَادَةٌ مِنْ جِنْسِ الْحُجَّةِ وَالزِّيَادَةُ مِنْ جِنْسِ الْحَجَّةِ لَا يَقَعُ بِهَا التَّرْجِيحُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا ثَلَاثَةٌ وَلِلْآخَرِ أَرْبَعَةٌ كَانَ الْحَائِطُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَإِنْ كَانَ اسْتِعْمَالُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ دَلَّ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَصْلُ الِاسْتِعْمَالِ لَا قَدْرُهُ وَقَدْ اسْتَوَيَا فِيهِ (وَوَجْهُ) الِاسْتِحْسَانِ أَنْ يُقَالَ نَعَمْ لَكِنَّ أَصْلَ الِاسْتِعْمَالِ لَا يَحْصُلُ بِمَا دُونَ الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّ الْجِدَارَ لَا يُبْنَى لَهُ عَادَةً وَإِنَّمَا يُبْنَى لِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إلَّا أَنَّ الْأَكْثَرَ مِمَّا لَا نِهَايَةَ لَهُ وَالثَّلَاثَةُ أَقَلُّ الْجَمْعِ الصَّحِيحِ فَقُيِّدَ بِهِ فَكَانَ مَا وَرَاءَ مَوْضِعِ الْجُذُوعِ لِصَاحِبِ الْكَثِيرِ وَأَمَّا مَوْضِعُ الْجِذْعِ الْوَاحِدِ فَكَذَلِكَ عَلَى رِوَايَةِ كِتَابِ الْإِقْرَارِ وَإِنَّمَا لِصَاحِبِ الْقَلِيلِ حَقُّ وَضَعَ الْجِذْعِ لَا أَصْلُ الْمِلْكِ وَعَلَى رِوَايَةِ كِتَابِ الدَّعْوَى لَهُ مَوْضِعُ الْجِذْعِ مِنْ الْحَائِطِ وَمَا وَرَاءَهُ لِصَاحِبِ الْكَثِيرِ (وَجْهُ) هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ صَاحِبَ الْقَلِيلِ مُسْتَعْمِلٌ لِذَلِكَ الْقَدْرِ حَقِيقَةً فَكَانَ ذَلِكَ الْقَدْرُ فِي يَدِهِ فَيَمْلِكُهُ (وَجْهُ) رِوَايَةِ الْإِقْرَارِ مَا مَرَّ أَنَّ الِاسْتِعْمَالَ لَا يَحْصُلُ بِالْجِذْعِ وَالْجِذْعَيْنِ؛ لِأَنَّ الْحَائِطَ لَا يُبْنَى لَهُ عَادَةً فَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ الْحَائِطِ فِي يَدِهِ فَكَانَ كُلُّهُ فِي يَدِ صَاحِبِ الْكَثِيرِ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ دَفْعُ الْجُذُوعِ وَإِنْ كَانَ مَوْضِعُ الْجِذْعِ مَمْلُوكًا لَهُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ أَصْلُ الْحَائِطِ مَمْلُوكًا لِإِنْسَانٍ وَلِآخَرَ عَلَيْهِ حَقُّ الْوَضْعِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْحَائِطَ لَهُ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ حُجَّةٌ مُطْلَقَةٌ فَإِذَا أَقَامَهَا تُبَيِّنُ أَنَّ الْوَضْعَ مِنْ الْأَصْلِ كَانَ بِغَيْرِ حَقِّ وِلَايَةِ الدَّفْعِ وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ حَالَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّا إنَّمَا جَعَلْنَا الْحَائِطَ لَهُ لِظَاهِرِ الْيَدِ وَالظَّاهِرُ يَصْلُحُ لِلتَّقْرِيرِ لَا لِلتَّغْيِيرِ فَهُوَ الْفَرْقُ وَلَوْ كَانَ الْحَائِطُ مُتَّصِلًا بِبِنَاءِ إحْدَى الدَّارَيْنِ اتِّصَالَ الْتِزَاقٍ وَارْتِبَاطٍ فَهُوَ لِصَاحِبِ الِاتِّصَالِ؛ لِأَنَّهُ كَالْمُتَعَلِّقِ بِهِ وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا اتِّصَالُ الْتِزَاقٍ وَلِلْآخَرِ جُذُوعٍ فَصَاحِبُ الْجُذُوعِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مُسْتَعْمِلٌ لِلْحَائِطِ وَلَا اسْتِعْمَالَ مِنْ صَاحِبِ الِاتِّصَالِ وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا اتِّصَالُ الْتِزَاقٍ وَارْتِبَاطٍ وَلِلْآخَرِ اتِّصَالُ تَرْبِيعٍ فَصَاحِبُ التَّرْبِيعِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ اتِّصَالَ التَّرْبِيعِ أَقْوَى مِنْ اتِّصَالِ الِالْتِزَاقِ وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا اتِّصَالُ تَرْبِيعٍ وَلِلْآخَرِ جُذُوعٍ فَالْحَائِطُ لِصَاحِبِ التَّرْبِيعِ وَلِصَاحِبِ الْجُذُوعِ حَقُّ وَضْعِ الْجُذُوعِ لَكِنَّ الْكَلَامَ فِي صُورَةِ التَّرْبِيعِ فَنَقُولُ ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ ﵀ أَنَّ التَّرْبِيعَ هُوَ أَنْ يَكُونَ أَنْصَافُ أَلْبَانِ الْحَائِطِ مُدَاخَلَةً حَائِطَ إحْدَى الدَّارَيْنِ يُبْنَى كَذَلِكَ كَالْأَزَجِ وَالطَّاقَاتِ فَكَانَ بِمَعْنَى النِّتَاجِ فَكَانَ صَاحِبُ الِاتِّصَالِ أَوْلَى وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ ﵀ أَنَّ تَفْسِيرَ التَّرْبِيعِ أَنْ يَكُونَ طَرَفَا هَذَا الْحَائِط الْمُدَّعَى مُدَاخَلِينَ حَائِطَ إحْدَى الدَّارَيْنِ وَهَذَا التَّفْسِيرُ مَنْقُولٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ ﵀ فَيَصِيرُ الْحَاصِلُ أَنَّ الْمُدَاخَلَةَ إذَا كَانَتْ مِنْ جَانِبَيْ الْحَائِطِ كَانَ صَاحِبُ الِاتِّصَالِ أَوْلَى بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ فَعَلَى قَوْلِ الطَّحَاوِيِّ ﵀ صَاحِبُ الِاتِّصَالِ أَوْلَى وَعَلَى قَوْلِ الْكَرْخِيِّ ﵀ صَاحِبُ الْجُذُوعِ أَوْلَى وَجْه قَوْلِ الطَّحَاوِيِّ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ ذَلِكَ بِمَعْنَى النِّتَاجِ حَيْثُ حَدَثَ مِنْ بِنَائِهِ كَذَلِكَ فَكَانَ هُوَ أَوْلَى وَجْهُ قَوْلِ الْكَرْخِيِّ أَنَّ الْمُدَاخَلَةَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ تُوجِبُ الِاتِّحَادَ وَجَعْلَ الْكُلِّ بِنَاءً وَاحِدًا فَسَقَطَ حُكْمُ الِاسْتِعْمَالِ لِضَرُورَةِ الِاتِّحَادِ فَمِلْكُ الْبَعْضِ يُوجِبُ مِلْكَ الْكُلِّ ضَرُورَةً إلَّا أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الرَّفْعِ بَلْ يُتْرَكُ عَلَى حَالِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ ضَرُورَاتِ مِلْكِ الْأَصْلِ بَلْ يَحْتَمِلُ الِانْفِصَالَ عَنْهُ فِي الْجُمْلَةِ أَلَا تَرَى أَنَّ السَّقْفَ الَّذِي هُوَ بَيْنَ بَيْتِ الْعُلُوِّ وَبَيْنَ بَيْتِ السُّفْلِ هُوَ مِلْكُ صَاحِبِ السُّفْلِ وَلِصَاحِبِ الْعُلُوِّ عَلَيْهِ حَقُّ الْقَرَارِ حَتَّى لَوْ أَرَادَ صَاحِبُ السُّفْلِ رَفْعَ السَّقْفِ مُنِعَ مِنْهُ شَرْعًا كَذَا هَذَا جَازَ أَنْ يَكُونَ الْمِلْكُ لِصَاحِبِ الِاتِّصَالِ وَلِصَاحِبِ الْجُذُوعِ حَقُّ وَضْعِ الْجِذْعِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute