أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الرَّفْعِ وَقَدْ تَقَدَّمَ وَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا ثُمَّ فَرَّعَ أَبُو يُوسُفَ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْهُ مِنْ تَفْسِيرِ التَّرْبِيعِ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى دَارًا وَلِرَجُلٍ آخِرَ دَارٌ بِجَنْبِ تِلْكَ الدَّارِ وَبَيْنَهُمَا حَائِطٌ وَأَقَامَ الرَّجُلُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لَهُ فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ إنْ كَانَ مُتَّصِلًا بِبِنَاءِ حَائِطِ الْمُدَّعِي لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مُتَّصِلًا بِبِنَائِهِ لَمْ يَتَنَاوَلْ الْبَيْعَ فَلَمْ يَكُنْ مَبِيعًا فَلَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي حَقُّ الرُّجُوعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَّصِلًا بِبِنَاءِ الْمُدَّعِي وَهُوَ مُتَّصِلٌ بِبِنَاءِ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِحِصَّةِ الْحَائِطِ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مُتَّصِلًا بِحَائِطِ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ تَنَاوَلَهُ الْبَيْعُ فَكَانَ مَبِيعًا فَيَثْبُتُ الرُّجُوعُ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ وَإِنْ كَانَ مُتَّصِلًا بِحَائِطِ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ وَلِلْآخَرِ عَلَيْهِ جُذُوعٌ لَا يَرْجِعُ وَهَذَا يُؤَيِّدُ رِوَايَةَ الْكَرْخِيِّ أَنَّ صَاحِبَ الْجُذُوعِ أَوْلَى مِنْ صَاحِبِ الِاتِّصَالِ إذَا كَانَ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ وَلَوْ كَانَ اتِّصَالَ تَرْبِيعٍ وَاسْتَحَقَّ الْمُشْتَرِي الرُّجُوعَ عَلَى الْبَائِعِ لَا تُنْزَعُ الْجُذُوعُ بَلْ تُتْرَكُ عَلَى حَالِهَا لِمَا ذَكَرنَا وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ سُتْرَةٌ أَوْ بِنَاءٌ وَصَاحِبُهُ مُقِرٌّ بِأَنَّ السُّتْرَةَ وَالْبِنَاءَ لَهُ فَالْحَائِطُ لِصَاحِبِ السُّتْرَةِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَعْمِلٌ الْحَائِطَ بِالسُّتْرَةِ فَكَانَ فِي يَدِهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ سُتْرَةٌ وَلَكِنْ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ مَرَادَيْ هُوَ الْقَصَبُ الْمَوْضُوعُ عَلَى رَأْسِ الْجِدَارِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا وَلَا يَسْتَحِقُّ بِالْمُرَادِي وَالْبَوَادِي شَيْئًا؛ لِأَنَّ وَضْعَ الْمُرَادِي عَلَى الْحَائِطِ لَيْسَ بِأَمْرٍ مَقْصُودٍ؛ لِأَنَّ الْحَائِطَ لَا يُبْنَى لَهُ فَكَانَ مُلْحَقًا بِالْعَدَمِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الِاسْتِحْقَاقُ وَلَوْ كَانَ وَجْهُ الْحَائِطِ إلَى أَحَدِهِمَا وَظَهْرُهُ إلَى الْآخَرِ وَكَانَ أَنْصَافُ اللَّبِنِ أَوْ الطَّاقَاتِ إلَى أَحَدِهِمَا فَلَا حُكْمَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ وَالْحَائِطُ بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُمَا الْحَائِطُ لِمَنْ إلَيْهِ وَجْهُ الْبِنَاءِ وَأَنْصَافُ اللَّبِنِ وَالطَّاقَاتِ وَهَذَا إذَا جُعِلَ الْوَجْهُ وَقْتَ الْبِنَاءِ حِينَ مَا بَنَى فَأَمَّا إذَا جُعِلَ بَعْدِ الْبِنَاءِ بِالنَّقْشِ وَالتَّطَيُّنِ فَلَا عِبْرَةَ بِذَلِكَ إجْمَاعًا وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا ادَّعَيَا بَابًا مُغْلَقًا عَلَى حَائِطٍ بَيْنَ دَارَيْنِ وَالْغَلْقُ إلَى أَحَدِهِمَا فَالْبَابُ لَهُمَا عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا لِمَنْ إلَيْهِ الْغَلْقُ وَلَوْ كَانَ لِلْبَابِ غَلِقَانِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَهُوَ لَهُمَا إجْمَاعًا وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ خُصٌّ بَيْنَ دَارَيْنِ أَوْ بَيْنَ كَرْمَيْنِ وَالْقِمْطُ إلَى أَحَدِهِمَا فَالْخُصُّ بَيْنَهُمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ وَلَا يُنْظَرُ إلَى الْقِمْطِ وَعِنْدَهُمَا الْخُصُّ لِمَنْ إلَيْهِ الْقِمْطُ وَجْهُ قَوْلِهِمَا فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ اعْتِبَارُ الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ فَإِنَّ النَّاسَ فِي الْعَادَاتِ يَجْعَلُونَ وَجْهَ الْبِنَاءِ وَأَنْصَافَ اللَّبَنِ وَالطَّاقَاتِ وَالْغَلْقِ وَالْقِمْطِ إلَى صَاحِبِ الدَّارِ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ بِنَاؤُهُ فَكَانَ فِي يَدِهِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ ﵀ أَنَّ هَذَا دَلِيلُ الْيَدِ فِي الْمَاضِي لَا وَقْتَ الدَّعْوَةِ وَالْيَدُ فِي الْمَاضِي لَا تَدُلُّ عَلَى الْيَدِ وَقْتَ الدَّعْوَةِ وَالْحَاجَةُ فِي إثْبَاتِ الْيَدِ وَقْتَ الدَّعْوَةِ ثُمَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ قُضِيَ بِالْمِلْكِ لِأَحَدِهِمَا لِكَوْنِ الْمُدَّعَى فِي يَدِهِ تَجِبُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ لِصَاحِبِهِ إذَا طُلِبَ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكِل يُقْضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ وَعَلَى هَذَا إذَا اخْتَلَفَا فِي الْمُرُورِ فِي دَارٍ وَلِأَحَدِهِمَا بَابٌ مِنْ دَارِهِ إلَى تِلْكَ الدَّارِ فَلِصَاحِبِ الدَّارِ مَنْعُ صَاحِبِ الْبَابِ عَنْ الْمُرُورِ فِيهَا حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ لَهُ فِي دَارِهِ طَرِيقًا وَلَا يَسْتَحِقُّ صَاحِبُ الْبَابِ بِالْبَابِ شَيْئًا؛ لِأَنَّ فَتْحَ الْبَابِ إلَى دَارِ غَيْرِهِ قَدْ يَكُونُ بِحَقٍّ لَازِمٍ وَقَدْ يَكُونُ بِغَيْرِ حَقٍّ أَصْلًا وَقَدْ يَكُونُ بِحَقٍّ غَيْرِ لَازِمٍ وَهُوَ الْإِبَاحَةُ فَلَا يَصْلُحُ دَلِيلًا عَلَى حَقِّ الْمُرُورِ فِي الدَّارِ مَعَ الِاحْتِمَالِ وَكَذَا لَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ صَاحِبَ الدَّارِ كَانَ يَمُرُّ فِيهَا لَمْ يَسْتَحِقَّ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ شَيْئًا لِاحْتِمَالِ أَنَّ مُرُورَهُ فِيهَا كَانَ غَصْبًا أَوْ إبَاحَةً وَلَئِنْ دَلَّتْ عَلَى أَنَّهُ كَانَ لِحَقِّ الْمُرُورِ لَكِنْ فِي الزَّمَانِ الْمَاضِي؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ قَامَتْ عَلَيْهِ فَلَا يَثْبُتُ بِهَا الْحَقُّ لِلْحَالِ وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّ لَهُ فِيهَا طَرِيقًا فَإِنْ حَدُّوا الطَّرِيقَ فَسَمَّوْا طُولَهُ وَعَرْضَهُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يَحُدُّوهُ كَذَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ وَمِنْ أَصْحَابِنَا ﵏ مَنْ حَمَلَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى مَا إذَا شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِ صَاحِبِ الدَّارِ بِالطَّرِيقِ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ مَجْهُولٌ وَجَهَالَةُ الْمَشْهُودِ بِهِ تَمْنَعُ صِحَّةَ الشَّهَادَةِ أَمَّا جَهَالَةُ الْمَقَرِّ بِهِ فَلَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَجْرَى جَوَابَ الْكِتَابِ عَلَى إطْلَاقِهِ؛ لِأَنَّ الطَّرِيقَ طُولُهُ مَعْلُومٌ وَعَرْضُهُ مِقْدَارُ عَرْضِ الْبَابِ فِي مُتَعَارَفِ النَّاسِ وَعَادَاتِهِمْ فَكَانَتْ هَذِهِ شَهَادَةُ بِمَعْلُومٍ فَتُقْبَلُ وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدُوا أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ وَتَرَكَ طَرِيقًا فِي هَذِهِ الدَّارِ فَهُوَ عَلَى مَا ذَكَرنَا وَعَلَى هَذَا إذَا كَانَ لِرَجُلٍ مِيزَابٌ فِي دَارِ رَجُلٍ فَاخْتَلَفَا فِي مَسِيلِ الْمَاءِ فَلِصَاحِبِ الدَّارِ أَنْ يَمْنَعَهُ عَنْ التَّسْيِيلِ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ لَهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ مَسِيلَ مَاءٍ وَلَا يَسْتَحِقُّ صَاحِبُ الْمِيزَابِ بِنَفْسِ الْمِيزَابِ شَيْئًا لِمَا ذَكَرنَا وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ ﵀ أَنَّ الْمِيزَابَ إذَا كَانَ قَدِيمًا فَلَهُ حَقُّ التَّسْيِيلِ وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي كِتَابِ الشُّرْبِ فِي نَهْرٍ فِي أَرْضِ رَجُلٍ يَسِيلُ فِيهِ الْمَاءُ فَاخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْمَاءِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يَسِيلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute