للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ دُنَيْنِيرٌ فَعَلَيْهِ دِرْهَمٌ تَامٌّ وَدِينَارٌ كَامِلٌ لِأَنَّ التَّصْغِيرَ لَهُ قَدْ يُذْكَرُ لِصِغَرِ الْحَجْمِ وَقَدْ يُذْكَرُ لِاسْتِحْقَارِ الدِّرْهَمِ وَاسْتِقْلَالِهِ وَقَدْ يُذْكَرُ لِنُقْصَانِ الْوَزْنِ فَلَا يَنْقُصُ عَنْ الْوَزْنِ بِالشَّكِّ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِيمَنْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ شَيْءٌ مِنْ دَرَاهِمَ أَوْ شَيْءٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ أَنَّ عَلَيْهِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ لِأَنَّهُ أَجْمَلَ الشَّيْءَ وَفَسَّرَهُ بِدَرَاهِمَ أَيْ الشَّيْءِ الَّذِي هُوَ دَرَاهِمُ كَمَا فِي قَوْلِهِ ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ﴾ [الحج: ٣٠] أَيْ الرِّجْسِ الَّتِي هِيَ أَوْثَانٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ دَرَاهِمُ مُضَاعَفَةٌ لَا يُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ سِتَّةٍ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ الصَّحِيحِ لِلدَّرَاهِمِ ثَلَاثَةٌ، وَأَقَلُّ التَّضْعِيفِ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا ضَعَّفْنَا الثَّلَاثَةَ مَرَّةً تَصِيرُ سِتَّةً وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ دَرَاهِمُ أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً لَا يُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الدَّرَاهِمَ الْمُضَاعَفَةَ سِتَّةٌ، وَأَقَلُّ أَضْعَافِ السِّتَّةِ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ فَذَلِكَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ.

وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَأَضْعَافُهَا مُضَاعَفَةً لَا يُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَمَانِينَ لِأَنَّهُ ذَكَرَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَضَاعَفَ عَلَيْهَا أَضْعَافَهَا مُضَاعَفَةً، وَأَقَلُّ أَضْعَافِ الْعَشَرَةِ ثَلَاثُونَ فَذَلِكَ أَرْبَعُونَ، وَأَقَلُّ تَضْعِيفِ الْأَرْبَعِينَ مَرَّةٌ فَذَلِكَ ثَمَانُونَ.

وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ فِيمَنْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ غَيْرُ أَلْفٍ أَنَّ عَلَيْهِ أَلْفَيْنِ وَلَوْ قَالَ: غَيْرُ أَلْفَيْنِ، عَلَيْهِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ؛ لِأَنَّ غَيْرَ مِنْ أَسْمَاءِ الْإِضَافَةِ فَيَقْتَضِي مَا يُغَايِرُهُ لِاسْتِحَالَةِ مُغَايَرَةِ الشَّيْءِ نَفْسَهُ فَاقْتَضَى أَلْفًا تُغَايِرُ الْأَلْفَ الَّذِي عَلَيْهِ فَصَارَ مَعْنَاهُ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ غَيْرُ أَلْفٍ أَيْ غَيْرُ هَذَا الْأَلْفِ أَلْفٌ آخَرُ فَكَانَ إقْرَارًا بِأَلْفَيْنِ، وَكَذَا هَذَا الِاعْتِبَارُ فِي قَوْلِهِ غَيْرُ أَلْفَيْنِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ غَيْرُ أَلْفٍ أَيْ مِثْلُ أَلْفٍ؛ لِأَنَّ الْمُغَايَرَةَ مِنْ لَوَازِمِ الْمُمَاثَلَةِ لِاسْتِحَالَةِ كَوْنِ الشَّيْءِ مُمَاثِلًا لِنَفْسِهِ وَلِهَذَا قِيلَ فِي حَدِّهَا: غَيْرَ أَنْ يَنُوبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَنَابَ صَاحِبِهِ وَيَسُدُّ مَسَدَّهُ وَالْمُلَازَمَةُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ طَرِيقُ الْكِتَابَةِ فَصَحَّتْ الْكِتَابَةُ عَنْ الْمُمَاثَلَةِ بِالْمُغَايَرَةِ، فَإِذَا قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ غَيْرُ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ مِثْلُ أَلْفٍ وَمِثْلُ الْأَلْفِ أَلْفٌ مِثْلُهُ فَكَانَ إقْرَارًا بِأَلْفَيْنِ، وَكَذَا هَذَا الِاعْتِبَارُ فِي قَوْلِهِ غَيْرُ أَلْفَيْنِ.

وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ زُهَاءُ أَلْفٍ أَوْ عِظَمُ أَلْفٍ أَوْ جُلُّ أَلْفٍ فَعَلَيْهِ خَمْسُمِائَةٍ وَشَيْءٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ عِبَارَاتٌ عَنْ أَكْثَرِ هَذَا الْقَدْرِ فِي الْعُرْفِ وَكَذَا إذَا قَالَ: قَرِيبٌ مِنْ أَلْفٍ؛ لِأَنَّ خَمْسَمِائَةٍ وَشَيْئًا أَقْرَبُ إلَى الْأَلْفِ مِنْ خَمْسِمِائَةِ وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ لَا يُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ لَا يُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ (وَجْهُ) قَوْلِهِمَا أَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ وَمَا دُونَ الْمِائَتَيْنِ فِي حَدِّ الْقِلَّةِ، وَلِهَذَا لَمْ يُعْتَبَرْ مَا دُونَهُ نِصَابُ الزَّكَاةِ (وَجْهُ) قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ جَعَلَ الْكَثْرَةَ صِفَةً لِلدَّرَاهِمِ، وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ اسْمُ الدَّرَاهِمِ الْعَشَرَةِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا زَادَ عَلَى الْعَشَرَةِ يُقَالُ: أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَاثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا هَكَذَا، وَلَا يُقَالُ دَرَاهِمُ فَكَانَتْ الْعَشَرَةُ أَكْثَرَ مَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ اسْمُ الدَّرَاهِمِ فَلَا تَلْزَمُهُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ مَالٌ عَظِيمٌ أَوْ كَثِيرٌ لَا يُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فِي الْمَشْهُورِ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ عَلَيْهِ عَشَرَةً (وَجْهُ) مَا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ وَصَفَ الْمَالَ بِالْعِظَمِ، وَالْعَشَرَةُ لَهَا عِظَمٌ فِي الشَّرْعِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ عَلَّقَ قَطْعَ الْيَدِ بِهَا فِي بَابِ السَّرِقَةِ، وَقَدَّرَ بِهَا بَدَلَ الْبُضْعِ وَهُوَ الْمَهْرُ فِي بَابِ النِّكَاحِ.

(وَجْهُ) الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ أَنَّ الْعَشَرَةَ لَا تُسْتَعْظَمُ فِي الْعُرْفِ وَإِنَّمَا يُسْتَعْظَمُ النِّصَابُ وَلِهَذَا اسْتَعْظَمَهُ الشَّرْعُ حَيْثُ عَلَّقَ وُجُوبَ الْمُعْظَمِ وَهُوَ الزَّكَاةُ بِهِ فَكَانَ هَذَا أَقَلَّ مَا اسْتَعْظَمَهُ الشَّرْعُ عُرْفًا فَلَا يُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَقِيلَ: إنْ كَانَ الرَّجُلُ غَنِيَّا يَقَعُ عَلَى مَا يُسْتَعْظَمُ عِنْدَ الْأَغْنِيَاءِ، وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا يَقَعُ عَلَى مَا يُسْتَعْظَمُ عِنْدَ الْفُقَرَاءِ وَلَوْ قَالَ: عَلَيَّ أَمْوَالٌ عِظَامٌ فَعَلَيْهِ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ " عِظَامٌ " جَمْعُ عَظِيمٍ، وَأَقَلُّ الْجَمْعِ الصَّحِيحِ ثَلَاثَةٌ وَهَذَا عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الرِّوَايَاتِ فَأَمَّا عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فَيَقَعُ عَلَى ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا وَلَوْ قَالَ: غَصَبْت فُلَانًا إبِلًا كَثِيرَةً فَهُوَ عَلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ لِأَنَّهُ وَصْفٌ بِالْكَثْرَةِ وَلَا تَكْثُرُ إلَّا إذَا بَلَغَتْ نِصَابًا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهَا فِي جِنْسِهَا، وَأَقَلُّ ذَلِكَ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ حِنْطَةٌ كَثِيرَةٌ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الْبَيَانُ إلَيْهِ، وَعِنْدَهُمَا لَا يُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ النِّصَابَ فِي بَابِ الْعَشْرِ لَيْسَ بِشَرْطٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَهُمَا شَرْطٌ وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ مَا بَيْنَ مِائَةٍ إلَى مِائَتَيْنِ أَوْ مِنْ مِائَةٍ إلَى مِائَتَيْنِ فَعَلَيْهِ مِائَةٌ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ عَلَيْهِ مِائَتَانِ، وَعِنْدَ زُفَرَ عَلَيْهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ.

وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ أَوْ مِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ فَعَلَيْهِ تِسْعَةُ دَرَاهِمَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>