للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَاءَ دَفَعَ عَبْدَهُ الْمَقْطُوعَ مَعَ الْعَبْدِ الْقَاطِعِ أَوْ مَعَ أَرْشِ يَدِ عَبْدِهِ الْمَقْطُوعِ، وَإِنْ شَاءَ فَدَى عَنْ الْجِنَايَةِ بِالْأَرْشِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ الْمَقْطُوعَ كَانَ وَاجِبَ الدَّفْعِ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ، وَأَرْشُ يَدِهِ بَدَلُ جُزْئِهِ، وَكَذَا الْعَبْدُ الْمَدْفُوعُ قَائِمٌ مَقَامَ يَدِهِ، فَكَانَ وَاجِبَ الدَّفْعِ، إلَّا أَنْ يَخْتَارَ الْفِدَاءَ فَيُنْقَلُ الْحَقُّ مِنْ الْعَبْدِ إلَى الْأَرْشِ، وَلَوْ كَسَبَ الْعَبْدُ الْجَانِي كَسْبًا أَوْ كَانَ الْجَانِي أَمَةً فَوَلَدَتْ بَعْدَ الْجِنَايَةِ فَاخْتَارَ الْمَوْلَى الدَّفْعَ لَمْ يَدْفَعْ الْكَسْبَ وَلَا الْوَلَدَ، بِخِلَافِ الْأَرْشِ أَنَّهُ يُدْفَعُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَرْشَ بَدَلُ جُزْءٍ كَانَ وَاجِبَ الدَّفْعِ، وَحُكْمُ الْبَدَلِ حُكْمُ الْمُبْدَلِ بِخِلَافِ الْكَسْبِ وَالْوَلَدِ، وَلَوْ قُطِعَتْ يَدُ الْعَبْدِ فَأَخَذَ الْمَوْلَى الْأَرْشَ ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمَوْلَى وَوَلِيُّ الْجِنَايَةِ فَادَّعَى الْمَوْلَى أَنَّ الْقَطْعَ كَانَ قَبْلَ جِنَايَتِهِ.

وَأَنَّ الْأَرْشَ سَالِمٌ لَهُ، وَادَّعَى وَلِيُّ الْجِنَايَةِ أَنَّهُ كَانَ بَعْدَهَا، وَأَنَّهُ مُسْتَحَقُّ الدَّفْعِ مَعَ الْعَبْدِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّ الْأَرْشَ مِلْكُ الْمَوْلَى كَالْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ مِلْكِهِ، فَوَلِيُّ الْجِنَايَةِ يَدَّعِي عَلَيْهِ وُجُوبَ تَمْلِيكِ مَالٍ هُوَ مِلْكُهُ مِنْهُ، وَهُوَ يُنْكِرُ، فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَلَوْ قُطِعَتْ يَدُ عَبْدٍ أَوْ فُقِئَتْ عَيْنُهُ، وَأَخَذَ الْمَوْلَى الْأَرْشَ ثُمَّ جَنَى جِنَايَةً، فَإِنْ شَاءَ الْمَوْلَى اخْتَارَ الْفِدَاءَ، وَإِنْ شَاءَ دَفَعَ الْعَبْدَ كَذَلِكَ نَاقِصًا، وَسَلَّمَ لَهُ مَا كَانَ أَخَذَ مِنْ الْأَرْشِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الدَّفْعِ بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ، وَهُوَ كَانَ عِنْدَ الْجِنَايَةِ نَاقِصًا بِخِلَافِ مَا إذَا قُطِعَتْ يَدُهُ بَعْدَ الْجِنَايَةِ أَنَّهُ يَدْفَعُ مَعَ أَرْشِ الْيَدِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ وَقْتَ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ كَانَ وَاجِبَ الدَّفْعِ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ، وَالْأَرْشُ بَدَلُ الْجُزْءِ فَيَجِبُ دَفْعُهُ مَعَ الْعَبْدِ.

وَلَوْ قَتَلَ قَتِيلًا خَطَأً ثُمَّ قُطِعَتْ يَدُهُ ثُمَّ قَتَلَ قَتِيلًا آخَرَ خَطَأً فَأَرْشُ يَدِهِ يُسَلَّمُ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ حَقَّهُ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ وَقْتَ الْجِنَايَةِ، وَالْأَرْشُ بَدَلُ الْجُزْءِ، فَيَقُومُ مَقَامَهُ فَيَسْلَمُ لَهُ، فَأَمَّا حَقُّ الثَّانِي فَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِالْجُزْءِ لِانْعِدَامِهِ وَقْتَ الْجِنَايَةِ، ثُمَّ يُدْفَعُ الْعَبْدُ فَيَكُونُ بَيْنَ وَلِيِّ الْجِنَايَتَيْنِ عَلَى تِسْعَةٍ، وَثَمَانِينَ جُزْءًا؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَنَقُولُ: حَقُّ وَلِيِّ كُلِّ جِنَايَةٍ فِي عَشَرَةِ آلَافٍ، وَقَدْ اسْتَوْفَى وَلِيُّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى مِنْ حَقِّهِ خَمْسَمِائَةٍ فَيُجْعَلُ كُلُّ خَمْسِمِائَةٍ سَهْمًا فَيَكُونُ كُلُّ الْعَبْدِ أَرْبَعِينَ سَهْمًا، حَقُّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي عِشْرِينَ، وَقَدْ أَخَذَ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى مِنْ حَقِّهِ خَمْسَمِائَةٍ، أَوْ بَقِيَ حَقُّهُ فِي تِسْعَةِ عَشَرَ سَهْمًا وَلَمْ يَأْخُذْ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ شَيْئًا، فَبَقِيَ حَقُّهُ فِي عِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ الْعَبْدِ.

وَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَدَى عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْجِنَايَتَيْنِ بِعَشَرَةِ آلَافٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَرْشُهَا.

وَلَوْ شَجَّ إنْسَانًا مُوضِحَةً، وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثُمَّ قَتَلَ آخَرَ، وَقِيمَتُهُ أَلْفَانِ، فَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَدَى عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْجِنَايَتَيْنِ بِأَرْشِهَا، وَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ دَفَعَهُ مَقْسُومًا بَيْنَهُمَا عَلَى أَحَدٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا: سَهْمٌ لِصَاحِبِ الْمُوضِحَةِ، وَعِشْرُونَ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ قِسْمَةَ الْعَبْدِ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ تَعَلُّقِ حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِهِ، وَصَاحِبُ الْمُوضِحَةِ حَقُّهُ فِي خَمْسِمِائَةٍ.

وَحَقُّ وَلِيِّ الْقَتِيلِ فِي عَشَرَةِ آلَافٍ فَيُجْعَلُ كُلُّ خَمْسِمِائَةٍ سَهْمًا، فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ عَلَى أَحَدٍ وَعِشْرِينَ، وَمَا حَدَثَ مِنْ زِيَادَةِ الْقِيمَةِ لِلْعَبْدِ، وَالزِّيَادَةُ عَلَى الشَّرِكَةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا صِفَةُ الْأَصْلِ، وَإِذَا ثَبَتَتْ الشَّرِكَةُ فِي الْأَصْلِ ثَبَتَتْ فِي الصِّفَةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَتَلَ إنْسَانًا خَطَأً، وَقِيمَتُهُ وَقْتَ الْقَتْلِ أَلْفَانِ ثُمَّ عَمِّي بَعْدَ الْقَتْلِ قَبْلَ الشَّجَّةِ ثُمَّ شَجَّ إنْسَانًا مُوضِحَةً كَانَتْ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَحَدٍ وَعِشْرِينَ.

وَمَا حَدَثَ فِيهِ مِنْ النُّقْصَانِ فَهُوَ عَلَى الشَّرِكَةِ أَيْضًا لِمَا قُلْنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلَوْ جَنَى جِنَايَةً فَفَدَاهُ الْمَوْلَى ثُمَّ جَنَى جِنَايَةً أُخْرَى خُيِّرَ الْمَوْلَى بَيْنَ الدَّفْعِ، وَالْفِدَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا فَدَى فَقَدْ طَهَّرَ الْعَبْدَ عَنْ الْجِنَايَةِ، وَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَجْنِ، فَإِذَا جَنَى بَعْدَ ذَلِكَ فَهَذِهِ جِنَايَةٌ مُبْتَدَأَةٌ، فَيُبْتَدَأُ بِحُكْمِهَا، وَهُوَ الدَّفْعُ أَوْ الْفِدَاءُ، بِخِلَافِ مَا إذَا جَنَى ثُمَّ جَنَى جِنَايَةً أُخْرَى قَبْلَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ أَنَّهُ يَدْفَعُ إلَيْهِمَا جَمِيعًا أَوْ يَفْدِي؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَفْدِ لِلْأُولَى حَتَّى جَنَى ثَانِيًا فَحَقُّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَعَلَّقَ بِالْعَبْدِ، فَيَدْفَعُ إلَيْهِمَا أَوْ يَفْدِي، وَلَوْ قَتَلَ الْعَبْدُ رَجُلًا وَلَهُ وَلِيَّانِ فَدَفَعَهُ الْمَوْلَى إلَى أَحَدِهِمَا فَقَتَلَ عَبْدُهُ رَجُلًا آخَرَ ثُمَّ حَضَرُوا، يُقَالُ لِلْمَدْفُوعِ إلَيْهِ ادْفَعْ نِصْفَ الْعَبْدِ إلَى وَلِيِّ الْقَتِيلِ الثَّانِي أَوْ نِصْفَ الدِّيَةِ.

وَأَمَّا النِّصْفُ الْآخَرُ فَيُؤْمَرُ بِالرَّدِّ عَلَى الْمَوْلَى بَيْنَ الدَّفْعِ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ، وَوَلِيِّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى الَّذِي لَمْ يُدْفَعْ إلَيْهِ.

(أَمَّا) وُجُوبُ دَفْعِ نِصْفِ الْعَبْدِ عَلَى الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ إلَى وَلِيِّ الْقَتِيلِ الثَّانِيَ أَوْ الْفِدَاءِ فَلِأَنَّهُ مَلَكَ نِصْفَ الْعَبْدِ بِالدَّفْعِ، فَيُخَيَّرُ فِي جِنَايَتِهِ بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ.

(وَأَمَّا) وُجُوبُ رَدِّ نِصْفِ الْعَبْدِ إلَى الْمَوْلَى فَلِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ فَعَلَيْهِ رَدُّهُ لِقَوْلِهِ «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تَرُدَّهُ» وَلَا يُخَيَّرُ الْمَوْلَى فِي النِّصْفِ بَيْنَ الدَّفْعِ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَتَيْنِ وَبَيْنَ الْفِدَاءِ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الْجِنَايَةِ الْأُولَى كَانَ كُلُّ الْعَبْدِ عَلَى مِلْكِهِ، وَوَقْتَ وُجُودِ الثَّانِيَةِ كَانَ نِصْفُهُ عَلَى مِلْكِهِ فَيُوجَبُ الدَّفْعُ أَوْ الْفِدَاءُ

<<  <  ج: ص:  >  >>